في اول تصريح له بعد اعلان فض التحالف بينه وبين الرئيس التركي رجب طيب اردوغان . ومثل اعلان التحالف بين الجانبين قبل اشهر مفاجأة للوسط السياسي التركي والإقليمي والدولي على حد سواء ، باعتبار العداوة المستمرة بين الجانبين منذ سنوات.
وأرجع مراقبون انفراط عقد التحالف القصير بين اردوغان وبهجلي الى الافراج مؤخرا عن القس الأمريكي المسجون في انقرة بعد صفقة بين الولايات المتحدة الامريكية وتركيا ، ما اثار غضب حزب الحركة القومية الذي لم يكن على دراية بهذه الصفقة الخفية وفق تقارير اعلامية . وقال بهجلي امس إن تركيا «على حافة أزمة اجتماعية، وعلاوة على ذلك، فإن ارتفاع تكاليف المعيشة يهدد شعبنا».وكان حزب الحركة القومية قد دعم أردوغان في الانتخابات الرئاسية في جوان 2018، وساهم بشكل كبير في فوزه خلال الجولة الأولى في الاستحقاق الذي كان يمثل تحديا كبيرا له.
وبخصوص هذا الطلاق السريع بين الطرفين قال الكاتب والمحلل السياسي سومر سلطان لـ«المغرب» أنّه «رغم أن كلا الزعيمين، أي رجب طيب أردوغان ودولت باهتشلي، تناوبا على إعلان فسخ التحالف، ومهاجمة الطرف الآخر، نلاحظ أنه في التصويت الذي أعقب الأمر بيوم واحد فقط، في المجلس، تحالف الحزبان معاً، وأسقطا مشروعاً للتقاعد المبكر’’ وفق تعبيره.
وبخصوص تفسيرات ماحدث اجاب محدثنا انّ هذا يعني أنهما لم يقطعا شعرة التواصل بعد. وهنا لدينا نظرية تقول إن فسخ التحالف ضروري كي يكسب حزب العدالة والتنمية الأصوات الكردية، لأن بقاء التحالف بين أردوغان والقوميين المتشددين يعني تلقائياً ابتعاد الأصوات الكردية، واقترابها من المعارضة.
وتابع سلطان ‘’أما ونحن أمام استحقاق الانتخابات البلدية، تكتسب معركة بلدية اسطنبول أهمية كبرى، لما للمدينة من وزن نوعي وكمي في السياسة والاقتصاد، وهنا لدينا كتلة كردية الأصل لا يستهان بها، من الخطير جداً على أردوغان أن يفرط بها من أجل القوميين المتشددين (الجدير بالذكر أن اسطنبول هي أكبر مدينة للأكراد في تركيا، حيث أن عددهم فيها أكبر من عددهم في دياربكر مثلاً) هذا التفصيل مهم جداً في فهمنا الأسباب الموجبة لفسخ التحالف. والسؤال أمامنا هو عن مدينة أضنة، التي يتمتع القوميون الأتراك فيها بوزن كبير، فإذا رشح «العدالة والتنمية» شخصاً قوياً لشغل منصب رئاسة البلدية، سنقتنع بأن التحالف سقط فعلاً، أما إن كان المرشح ضعيفاً، أو شكلياً كما يقال، عندها سنقتنع بأن هناك لعبة بين الزعيمين لكسب الأصوات الكردية كما أوضحنا أعلاه» .
أسباب وتداعيات
الحديث عن فك التحالف بين الجانبين بسبب قضية القس الامريكي غير صحيح وقال محدثنا أانّ حديث القيادات الوسطى وما فوق لكلا الحزبين تفيد بأن الخلافات داخلية فقط، هناك خلاف أساسي على توزيع المناصب، وأضاف ‘’إذ أنّ حزب الحركة القومية دعم حزب العدالة والتنمية في الاستفتاء الدستوري، وحصل بالمقابل على مناصب إدارية رفيعة المستوى. ولكن الطرفين لم يتفقا على عدد وكمية هذه المناصب، إذ يشتكي المقربون من أردوغان من أن باهتشلي ورجاله «لا يشبعون». هناك نقطة أخرى خلافية تتعلق بالترشيح إلى البلديات التي فيها وزن قوي للقوميين، إذ لم يتفق الطرفان على مرشح واحد في الغالبية الساحقة من المناطق. أما قضية القس فهي لم تخلق فارقاً كبيراً بين الحزبين اللذين تتشابه نظرتهما إلى السياسة الخارجية باستثناء الإقليم الكردي في العراق»
وأكد محدثنا ان ما قيل عن خلاف يرجع أساساً إلى أنّ باهتشلي لم يُحط علماً مسبقاً بتفاصيل الصفقة، مما جعله يطلق تصريحات متشددة وعالية السقف دون أن يعلم أن تسليم القس قريب. وهذا خلق لديه انزعاجاً واضحاً، ولكن لا نعتقد أنه تسبب بفسخ التحالف.
تأثيرات ماقبل الانتخابات
وحول المشهد التركي الراهن قبيل الانتخابات وفي ظل التطورات الداخلية على الصعيد الاقتصادي والإقليمية بدءا بسوريا مرورا بحادثة خاشقجي وصولا الى انتخابات الكونغرس، وتأثير كل ذلك على المشهد التركي اجاب الكاتب والمحلل السياسي’’ إذا لم يحدث أمر مفاجئ، فإن تركيا استوعبت الأزمة المالية الحرجة، وبدأت بعكسها؛ نشهد هذه الأيام تحسناً بطيئاً في سعر الليرة التركية. ورغم أن هذا التحسن لن يبلغ المستوى السابق، ورغم أن انحدار مستوى معيشة المواطن قد يستمر لفترة طويلة، وربما لعقد أو اكثر بسبب طبيعة الاقتصاد التي لم تعد مبنية على الإنتاج بل على المضاربات، فإن حزب العدالة والتنمية تمكن مبدئياً من عكس الأثر السلبي لدى الناخبين بخصوص الأزمة، لأن الناخب سيكون ذا نظرة محدودة على الأغلب الأعم’’.
وأشار ‘’أما التفاصيل الأخرى، مثل قضية القس الأمريكي وقضية الخاشقجي، فهي تأتي في الدرجة الثانية في سلم اهتمامات الناخب، وخاصة في الانتخابات البلدية، التي يكون التركيز فيها على الخدمات. إن الاستحقاق الأهم أمام السلطة اليوم هو في ملفات الفساد التي طالت عدة بلديات مؤخراً، كلها يحكمها رجالها. وقد انعكس الأمر حتى على صفحات وشاشات وسائل الإعلام الموالية للسلطة، إذ تفيد المصادر بأن هناك صراعات داخلية عنيفة بين من يسعون لنيل ترشيحها لهم في البلديات المضمون فوزهم بها.
أما من جهة المعارضة، فقال محدثنا ان الاستحقاق الأهم هو في قدرتها على ترشيح شخصية قوية في اسطنبول، وشخصية أخرى في أنقرة. ويظهر أن مرشح أنقرة سيكون مرشح الانتخابات السابقة نفسه، منصور ياواش، الذي خسر بفارق ضئيل يكاد لا يذكر يومها. أما مرشح اسطنبول فهناك عدة مرشحين، ولكن صيغ التحالف بين المرشحين المختلفين ما زالت مبهمة، وخاصة أن زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليتشدارأوغلو، أصدر مؤخراً تعليمات غريبة من نوعها لكوادره، مفادها استخدام خطاب قريب من اليمين. وهذا يعني تلقائياً أنه سيثير حساسية كردية وحساسية في حي غازي وفي صفوف اليسار. أعتقد أن هذا التخبط ليس دليل خير، وسيصعب بالتأكيد على المرشح المعارض، أياً كانت هويته، أن يعيد إصلاح ما خربه الزعماء السياسيون على حد قوله .