ليبيا: ما الجدوى من مؤتمر إيطاليا في ظل التقارب الحاصل بين مجلس النواب ومجلس الدولة؟

في سياق اختلاف المواقف والرؤى بين فرنسا وإيطاليا من الأزمة الراهنة في ليبيا وكيفية

حلحلتها وفق خارطة طريق الأمم المتحدة، أكد وزير خارجية إيطاليا بأنّ الرئيس الفرنسي يدرك استحقاقه إجراء الإستحقاق الإنتخابي في العاشر من ديسمبر القادم. يشار إلى ان أحد أهم مخرجات مؤتمر باريس حول ليبيا الذي حضرته جميع الأطراف الفاعلة بما فيهم قائد الجيش حفتر، هو العمل على إنجاز الانتخابات الرئاسية والتشريعية مع نهاية العام الحالي 2018 والحرص على توحيد المؤسسات السيادية وأيضا تنفيذ الترتيبات الأمنية.

في هذا الإتجاه تحركت الدبلوماسية الفرنسية في إتجاه كل الأطراف ذات العلاقة بينما شككت روما في قدرة ليبيا إجراء الانتخابات في ذلك الموقف مؤكدة عدم تهيئة الأرضية الملائمة، وطالبت بتأجيلها لموعد لاحق من العام القادم ولطالما أكدت إيطاليا بأن أي خطوة وحل للأزمة الليبية لابد أنّ يمرّ عبر إيطاليا لذلك جاء مقترحها احتضان وتنظيم مؤتمر دولي جديد حول ليبيا لإبعاد الدور الفرنسي. ومع اقتراب تاريخ عقد مؤتمر باليرمو حول ليبيا شكّكت عديد الأطراف في قدرة إيطاليا على إنجاح المؤتمر أو حتى إنجازه في موعده المحدّد أو ضمان مشاركة جميع أطراف الصراع.

اللافت في هذا أنّ الإطارات المسؤولين الإيطاليين بما فيهم رئيس الوزراء نفسه أكّد في مناسبتين على الأقل عدم امتلاك بلاده حل أزمات ليبيا، بمعزل عما سبق ذكره تساءل طيف من المراقبين لمسارات بلوغ الحل السلمي للأزمة عن جدوى وقيمة مثل هذه المؤتمرات، سيما في ظل التقارب المسجل بين مجلسي النواب والدولة مؤخرا حيث انجزا كلاهما خطوات هامة وقاما بطي صفحة الخلاف بينهما واتفقا على الية تغيير المجلس الرئاسي .توحيد المؤسسات السيادية ونتحدث هنا خاصة عن مؤسسة مصرف ليبيا المركزي وقبول مجلس الدولة تعيين محمد الشكري محافظا المصرف المركزي خلفا للمحافظ الحالي.

تقارب بين المجلسين لم يعد ينقصه سوى النقطة الخلافية المتعلقة بالمادة الثامنة من ملحق الأحكام الإضافية في شقها الذي يتحدث عن التعيينات العسكرية والأمنية، ولو أنّ شقا مهما داخل مجلس الدولة لم يعد يرفض وجود حفتر في منصب القائد العام للجيش الوطني.

دول الجوار ولقاء القاهرة
في خضم هكذا تجاذبات يلتقي نهاية الشهر الحالي وزراء خارجية الجزائر تونس ومصر بالقاهرة لبحث التطورات وما قد يترتب عن مؤتمر إيطاليا في حالة النجاح والفشل وتوحيد المواقف بين الدول الثلاث، وتحاول دول الجوار جاهدة لعب دور ما ،فالمتغيرات والتطورات الاخيرة كشفت بالدليل ان الملف الليبي خرج من أيدي دول الجوار بعد التحرك الأمريكي ومنح ادارة البيت الأبيض تفويضا لإيطاليا للأخذ بزمام الأمور في البحث عن حل للأزمة الليبية التحرك الأمريكي شمل كذلك تعيين شخصيات أمريكية إلى جانب المبعوث الأممي غسان سلامة ، ونعني مساعدته وقرب تعيين مستشار أمريكي لغسان سلامة وفق تسريبات من أروقة وكواليس الأمم المتّحدة.
وتخشى دول الجوار العربية أبعادها عن مسار حلا لأزمة وهي المعنية أكثر من غيرها بما يجري في ليبيا وانعكاس استمرار الفوضى هناك المخاطر القادمة من ليبيا تجعل دول الجوار العربية تنحاز إلى المقترح الفرنسي المنادي بإنجاز الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المحدد، ولربما نصحت الليبيين تأجيل الاستفتاء على مسودة الدستور واعتماد وثيقة الإعلان الدستوري كأرضية تشريعية حيث جرى الاعتماد واللجوء إلى الإعلان الدستوري لإنجاز انتخابات المؤتمر الوطني السابق ومجلس النواب الحالي فلماذا لم يتم ذلك عند الانتخابات .

مبادرات وحوارات دول الجوار
لم تبق دول الجوار العربية مكتوفة الأيدي حيال ما يجري في الجارة ليبيا وهي تدرك أن نيران الصراع سواء المسلح أو السياسي وما سوف يترتب عن غياب الدولة سيطالها عاجلا أم أجلا، واقعة بن قردان التونسية وتقريبا أغلب العمليات الإرهابية في مصر، لذلك تعددت محاولات الدول الثلاث لجمع الليبيين على كلمة واحدة ووقف النزاع ، حيث احتضنت المغرب الحوار الليبي الذي نتج عنه توقيع الإتفاق السياسي الذي ولئن صادق عليه مجلس الأمن الدولي وهو الإطار الوحيد إلى حد الآن وأثمر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق إلا أنه لم يحل الأزمة .ثم جاءت مبادرة الرئيس الباجي قايد السبسي التي لم تنل حظها كاملا ثم جاءت جلسات حوار وفدي مجلسي النواب ومجلس الدولة في تونس لكن مرة أخرى لم تتغير الحال وهو تقريب المسار الوحيد الذي يوشك بلوغ نتيجة على الأرض.

وقبل كل ذلك احتضنت الجزائر جلسات حوار بين الأطراف السياسية وحتى لا تنفرد الأمم المتحدة والإتحاد الاوروبي بادارة ازمة ليبيا أقدم أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيظ منذ تعيينه على مقترح بعث ما يعرف باللجنة الرباعية، وقبل هذه الخطوة عينت الجامعة العربية مبعوثا خاصا للأمين العام لدى ليبيا مما أسهم في حسن مواكبة الجامعة العربية للملف الليبي مقارنة مع بداية الأزمة، ثانيا قلة امكانيات الجامعة وهذا ليس سرا نذكره ثالثا سعي الغرب لإفشال اية جهود عربية لحل مشاكل العرب رابعا الغرب ونعني به غرب أوروبا شديد الدفاع عن مصالحه حتى لو كانت وراء البحار فما بالك عندما يتعلق الأمر بدولة لا تبعد عن ساحل إيطاليا سوى 296 كلم. هذا إضافة إلى وجود إنقسام عربي حول تصور الحل في ليبيا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115