الفلسطينية في واشنطن ردّا على محاولات فلسطينية لفتح تحقيق في المحكمة الجنائية الدولية يدين جرائم الحرب التي ارتكبها كيان ‘’إسرائيل’’ ضد أصحاب الأرض. ولم يقتصر الردّ الأمريكي على اغلاق مكتب المنظمة بل وصل حد تهديد واشنطن للمحكمة الجنائية الدولية في حال ملاحقة «إسرائيليين» .
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أكدت إغلاق البعثة الدبلوماسية الفلسطينية في واشنطن، متهمة القادة الفلسطينيين بعدم إجراء «مفاوضات مباشرة ومهمة مع إسرائيل’’. من جانبه، أدان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، قرار الإدارة الأمريكية إغلاق مكتب بعثة فلسطين في واشنطن، واصفا هذه الخطوة المتعمدة، بـ’’الهجمة التصعيدية المدروسة التى سيكون لها عواقب سياسية وخيمة في تخريب النظام الدولي برمته، من أجل حماية منظومة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه».
والى جانب هذا القرار هددت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على قضاة المحكمة الجنائية الدولية ومدعيها العامين، في حال لاحقوا أمريكيين (شاركوا في الحرب الأفغانية ) أو اسرائيليين او حلفاء آخرين لأمريكا.وقال مستشار الأمن القومي في البيت الابيض جون بولتون في هجوم عنيف على هذه المحكمة «سنمنع هؤلاء القضاة والمدعين العامين من دخول الولايات المتحدة. سنستهدف أملاكهم بعقوبات في إطار النظام المالي الأمريكي وسنطلق ملاحقات بحقهم عبر نظامنا القضائي».
ويعتبر متابعون ان القرار الذي اتخذته ادارة ترامب هدفه القضاء نهائيا على العلاقات مع السلطة الفلسطينية يضاف الى سياسة البيت الابيض العدائية ضد الفلسطينيين بدءا بقرار قطع الدعم النهائي والرسمي عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الاونروا) قبل ايام قليلة .
قرارات سابقة
يشار الى أن الولايات المتحدة الامريكية ليست عضوا في المحكمة الدولية التي صادقت على قانونها 123 دولة حتى 6 جانفي 2015 تشمل غالبية أوروبا وأمريكا الجنوبية، ونصف أفريقيا، 34 دولة أخرى وقعت على القانون لكن لم تصادق عليه بعد. في عام 2002، سحبت دولتان توقيعهما على قانون المحكمة، وأشارتا إلى أنهما لا ترغبان بعد الآن بالعضوية وبذلك لم يعد هناك ما يحملهما على تنفيذ ما يترتب عليهما من التزامات تجاه المحكمة، الدولتان هما: أمريكا و«إسرائيل».
هذا القرار الامريكي لاقى ردود فعل فلسطينية مستنكرة ومواقف دولية عنيفة ومنتقدة لبلد لطالما عرّف نفسه على انه حامي الحرية في العالم والمدافع الأول عن حقوق الانسان في كافة اصقاع العالم ، المانيا من جهتها اعتبرت الخطوة «سببا سيصعب الوصول إلى حل الدولتين’’.وأضافت «نظرا لغياب التواصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الوقت الراهن، فإننا نشعر بالقلق من أن تسبب هذه الخطوة الأمريكية الجديدة الأحادية الجانب مزيدا من التشدد في المواقف وتصعب استئناف المحادثات بشأن حل الدولتين». إلا أن المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط جيسون جرينبلات أجاب في رد على الانتقادات الموجهة لإدارة البيت الابيض «إن إدارة الرئيس دونالد ترامب مستعدة لأي انتقادات توجه لها».
معركة «الجنائية» وأمريكا
ومنذ اعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة لـ«اسرائيل» تقود السلطة الفلسطينية جهودا دبلوماسية حثيثة لإرساء مرجعية تفاوض جديدة لعملية التفاوض بين الفلسطينيين اصحاب الارض وسلطات الاحتلال الاسرائيلية،فبعد فيتو استخدمته الولايات المتحدة في مجلس الأمن لإفشال قرار يدين اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل» تواجه الحكومة الفلسطينية حربا ضروسا في مساعيها لتدويل القضية وإعادتها الى الواجهة ضمن اهم القضايا العالمية.
وكانت 14 دولة عضوا في مجلس الأمن وافقت على مشروع قرار قدمته مصر يرفض قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أعلنه ترامب ويقضي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها.إلا أن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض «الفيتو» لإحباط مشروع القرار المذكور.ويرى متابعون للشأن الدولي ان الموقف الامريكي في مجلس الامن وغيره من المحافل الدولية الاخرى يبرز بشدة انحيازا من الولايات المتحدة الامريكية الى صف حليفتها الاولى «اسرائيل».
ويرى متابعون ان السياسة التي تتبعها ادارة الرئيس ترامب ستزيد من عزلة امريكا على المستوى السياسي العالمي مع العلم ان قرار ترامب حول القدس يواجه رفضا دوليّا واستنكارا عربيا وغربيا بحكم ان واشنطن تخطت – وفق كثير من الاراء- دورها كعرّاب لعمليّة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين مما يفقدها شرعية قيادة أي مسار تفاوضي مُستقبلي بين الطرفين. كما يرى متابعون للشأن الدولي أن سياسة الرئيس الأمريكي الجديدة تجاه القضية الفلسطينية تعد عدولا واضحا عن السياسة الأمريكية المتبعة منذ عقود وانحيازا واضحا لصالح اسرائيل بعيدا عن الإجماع الدولي المتوافق حول ضرورة تقرير وضع القدس كنتاج لعملية تفاوض متكافئة بين الجانبين وآخرها تهديد امريكا للمحكمة الجنائية في حال وجهت اتهمت لـ»اسرائيل’’ فيما يتعلق بتجاوزاتها وجرائم الحرب التي تمارسها قوّات الاحتلال ضدّ الفلسطينيين.
وتتزامن هذه القرارات الامريكية الهادفة لوأد القضية الفلسطينية مع حراك دبلوماسي كبير تقوده السلطة الفلسطينية لإيصال صوت الفلسطينيين الى المنصات الدولية، ومن بينها رفعها قضية لدى الجنائية لبحث جرائم الحرب التي اقترفتها قوات «اسرائيل» في الاراضي المحتلة.