فشل الترتيبات الامنية وعجز المجلس الرئاسي عن كبح جماح المجموعات المسلحة التي لم تتوقف يوما عن الصراع على النفوذ داخل طرابلس، وأنها لن تخضع لسلطة الرئاسي بالاضافة الى تغلغل ‘’داعش’’ ونجاحه في ضرب مواقع حساسة .
تطورات واحداث دفعت بايطاليا الى تعديل مواقفها وسياستها تجاه الأزمة الليبية ،فجاءت زيارة وزير خارجيتها الى برقة على راس وفد عسكري استخباراتي لدعم التعاون الثنائي. حيث أدركت الحكومة الايطالية ان رهانها على المجموعات المسلحة التابعة للسراج لا يمكن الاعتماد عليها .وان الطرف المسيطر على برقة اي حفتر بالإمكان التعويل عليه . هذا التحول في تعاطي ايطاليا مع الازمة الليبية في الواقع اضافة الى التطورات الحاصلة مؤخرا في طرابلس جاء نتيجة محادثات فرنسية ايطالية سرية دارت اغلبها في العاصمة روما .
وتفيد مصادر دبلوماسية بان الجانب الفرنسي اكد على ان تطور التصعيد وتأجيج الصراع لن يخدم مصالح ايطاليا ابدا سواء في جانبه المتعلق بزحف الهجرة او استمرار امداد ايطاليا بالغاز والنفط ومن هنا اسرعت ايطاليا بالتواصل مع القائد العام للجيش.
الرؤية الايطالية الجديدة تقوم على دعم التفاوض مع كبرى المجموعات المسلحة في طرابلس وحفتر مجموعات عددها في حدود اربع او خمس كتائب بإيجاد اتفاق بينها .ومما يغذي هذا الرأي هو اعلان السراج امس الاول حل لجنة الترتيبات الامنية وكذلك بيان بعثة الامم المتحدة للدعم لدى ليبيا حيث طالب البيان حكومة الوفاق بجمع الاسلحة الثقيلة والمتوسطة لدى المليشيات ووضعها في المخازن .
في حقيقة الامر فان القائد العام للجيش كشف خلال كلمته امام اعيان ليبيا مؤخرا بوجود مفاوضات مع المليشيات غرب البلاد وذكر بالتحديد تلك المليشيات المتواجدة في غريان كاشفا عن نوع وطبيعة العروض التي طرحها الجيش.
هل تنفرج الازمة؟
مستجدات ومفاوضات سياسة ايطاليا تأتي اشهر قليلة قبل احتضان روما لمؤتمر دولي حول الملف الليبي يبدو ان الايطاليين يراهنون على نجاحه كثيرا والسؤال المطروح هل تنفرج ازمة ليبيا؟ اولا لا شيء يدل على جدية المجتمع الدولي في حل الازمة ولا نية في معاقبة فعلية للإطراف المعرقلة للحل. اما ثانيا فان العنصر الايجابي الوحيد هو انفتاح ايطاليا على كل الاطراف وكذلك التقارب غير المعلن بين باريس وروما،وانطلاقا مما تقدم يمكن ان تسجل الازمة بعض الانفراج انفراج يبقى رهين مواقف الدول الكبرى الولايات المتحدة بريطانيا وروسيا .
هذا سياسيا اما امنيا فقد كشفت مصادر من اقليم فزان عن استعداد طائرات امريكية تابعة للجهاز المخابرات موجودة في قاعدة سرية امريكية جنوب ليبيا تنفيذ غارات قريبة على مواقع للقاعدة و’’داعش’’ على علاقة بالجماعات الارهابية ولم تحسم قوات حفتر حربها على المجموعات المتواجدة في حي المغار في درنة حيث يتحصن من بقي من الإرهابيين بين المدنيين وفي انفاق الحي .
سلامة يتوعد
من جهته هدد المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة في مؤتمر صحفي بكشف اسم من قام بخرق اتفاق وقف اطلاق النار مرتين، سلامة اضاف انه اذا اقدم هذا الطرف على التلاعب بالاتفاق مرة ثالثة فسوف يعلن ويكشف اسمه مشيرا في ذات الاطار بان المجتمع الدولي سوف يتعامل بحزم مع من يقوم بخرق الاتفاق الموقع تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة مطلع الشهر الحالي .
معلوم بأن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا حضر قبل المؤتمر الصحفي المذكور اجتماعا ضم رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج والصديق الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي في طرابلس وخالد المشري رئيس مجلس الدولة بهدف بحث التوقيع على الإصلاحات الاقتصادية الهادفة الى معالجة ازمات المواطن المعيشية مثل نقص السيولة في المصارف ومضاعفة التحويلات عند العلاج والدراسة خارج البلاد.
وكانت الأمم المتحدة اشترطت انجاز الترتيبات الامنية والإقتصادية خلال فترة ستة أشهر من توقيع الإتفاق السياسي في 2015، لكن لأسباب معلومة محليا تعطل الالتزام بتلك التوصية الأممية. وبالعودة إلى معرقلي الحل السلمي اعلنت لجنة العقوبات بمجلس الأمن الدولي أمس إلحاق إسم إبراهيم الجضران وهو رئيس حرس المنشآت النفطية السابق إلى لائحة العقوبات. ودوما في سياق جهود الأمم المتحدة للتسريع بالانتخابات أكدت مصادر اعلامية من طرابلس اعتزام غسان سلامة تقديم احاطة جديدة إلى مجلس الأمن الدولي ،ونوهت تلك المصادر إلى ان الإحاطة غير معلنة بما يعني أن الدول الدائمة العضوية والأمم المتحدة قد تتخذ خطوات عملية لفرض الإنتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها المحدد .كما لا يستبعد توجيه ضربات جوية للمليشيات التي تتلاعب باتفاق الهدنة في طرابلس علما بأن طيران مجهول سبق ان نفذ غارات جوية على مواقع للمليشيات في تاجوراء منذ أسابيع.
مساعي للمصالحة ولم الشمل
ضمن جهود التهدئة وتهيئة الأرضية للانتخابات وطي صفحة الخلافات اعلن مشايخ ترهونة عقد ملتقى لأعيان ليبيا يوم غد السبت من أجل بحث سبل واليات الخروج من الأزمة سيما دعم اتفاق وقف إطلاق النار في العاصمة طرابلس ،حيث جدد اللواء السابع المسيطر حاليا على ضواحي طرابلس الجنوبية جدّد تبعيته لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا .
هذا جنوب طرابلس أما غربها فقد شهدت مدينة الزاوية تظاهرات داعمة للانتخابات العامة ومطالبة باحترام وقف الحرب في طرابلس، وكانت الزاوية قد شهدت اجتماعا أمنيا عسكريا ضم جميع قيادات المجموعات المسلحة في طرابلس والزاوية وهو الذي نتج عنه اتفاق وقف إطلاق النار.
تطورات تدعم الرأي القائل بان حل الأزمة في طرابلس إنما هو بيد مدن الطوق وبالأساس ترهونة والزاوية وهذا أخذته بعثة الأمم المتحدة بعين الإعتبار وتعمل على البناء عليه لإنجاز المطلوب،ويرى مراقبون بان مليشيات طرابلس المعارضة للحل السلمي في نهاية المطاف سوف ترضخ لإرادة المجتمع الدولي شرط توفير ضمانات وتمكينها من مكاسب سياسية لن تتأخر الأطراف الداعمة للإنتخابات في توفيرها لها.ويرجح المراقبون إنطلاق المفاوضات مع تلك المجموعات المسلحة قريبا وتشمل التوصل لاتفاق بتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة لحكومة الوفاق.