دون ان يحسم طرف معين المعركة ، اندلع الصراع بداية بين اللواء السابع من ترهونة من جهة وكتيبة ثوار طرابلس من جانب اخر . لكنّ تطورت لاحقا بانضمام مجموعات مسلحة الى هذا الطرف وذاك اضافة الى فشل مبادرات وقف الصراع بسبب تصميم قيادة اللواء السابع دخول العاصمة وطرد المليشيات منها.
وفي الوقت الذي انتظر فيه الجميع تدخل الامم المتحدة ومجلس الأمن بصرامة لوقف الحرب وتنفيذ القرار 1970-1973 وحماية المدينة ، اكتفت البعثة الاممية بردود فعل محتشمة ولا ترتقي لدرجة خطورة الموقف وتقدير التداعيات الخطيرة للمواجهات المسلحة.
موجة عنف مسلح غير مسبوقة تشهدها ليبيا وتزداد الخطورة عندما تكون ساحة الحرب عاصمة الدولة امام تهاون المجتمع الدولي والامم المتحدة . استغلت الاطرف المتصارعة الحال وراحت تحشد قواتها و تخرج الاسلحة من المخازن استعداد الى اليوم الموعود ام المعارك قلب طرابلس. يتركز القتال والمواجهات الى حدّ الآن عند الجزء الجنوبي من العاصمة . ومن حين لآخر تبرز بعض المبادرات ومضمونها تقديم عروض مالية للواء السابع حتى يقبل بالتراجع . لكن الاخير رفض ويتمسك بشروطه. يرى مراقبون بان العنف المسلح في طرابلس لن يتوقف قريبا لعدة اسباب اولها عدم وجود جهة محايدة للوساطة . ثانيا بعض الاطراف الخارجية تغذي الصراع الدائر لغايات معلومة و اخرى غير معلومة .
ثالثا غياب الثقة بين كل الاطراف المحلية،مما يجعل من بلوغ التهدئة عن طريق المبادرات المحلية مجرد اضاعة للوقت. رابعا ارتباك حكومة الوفاق الضعيفة بداهة، سيما وأنّ الأطراف المتحاربة تابعة لها.
تداعيات سياسية
بلا ادنى شك فانّ التطورات العسكرية الراهنة تحركها اطراف خارجية ترفض الذّهاب للانتخابات مع حلول شهر ديسمبر القادم لعلمها بان الجهة التي تراهن عليها للفوز في الانتخابات لن تجني شيئا ،ونعني جماعة الاخوان والجماعة الليبية المقاتلة وتدرك الاطراف الخارجية بان الذهاب للانتخابات في ظل الراهن ربما يأتي بمفاجأة سياسية . وطالما أنّ المشهد العسكري متّجه الى مزيد من التصعيد في طرابلس فحتما تأجيل الانتخابات أمر مفروغ منه وكل ما يمكن انجازه حتى نهاية العام الحالي هو بعث حكومة وحدة وطنية . مع ان هذه الخطوة بدورها تبدو غير بسيطة . فكيف يتمّ ذلك وأكثر من قبيلة ومدينة غارقة في حرب طرابلس ؟
سياسيا دوما ازدادت عزلة السراج وقد يقوم خلال الايام القادمة بتغير واسع داخل حكومة الوفاق.اما عن التداعيات الاجتماعية فلا يخفى على احد ان المجموعات المسلحة المتحاربة ذات طابع قبلي جهوي و بالتالي فان كل قتيل يسقط في ساحة الحرب سوف ينجر عنه رد فعل من قبيلة ،وبما ان سبب الصراع هو الحصول على مصالح و نفوذ فانّ كل قبيلة ستشارك في الحرب بداهة مشهد مثل هذا سوف يعمق الخلافات بين القبائل ولن يخدم المصالحة الوطنية الشاملة . معلوم بأنّ المجلس الاعلى للقبائل والمدن الليبية لم يصدر اية مواقف مما يحدث في طرابلس .