في محيط الهلال النفطي، تحسبا لأي هجوم جديد من قبل مجموعات الجضران.
مشهد تكرر مرارا منذ ماي 2014 ، تاريخ تأسيس حفتر لنواة الجيش شرقي البلاد. فقد شهد الجزء الغربي من الهلال النفطي جولات من الصراع المسلح سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى من كلا الطرفين، وفي محاولة من حكومة علي زيدان رئيس الحكومة المؤقتة 2014 - 2015 إيجاد حل للأمر لكنه فشل، الكل يريد السيطرة على تصدير النفط سواء للتمكن من تهريبه أو إعتباره ورقة تفاوض سياسية. ويرى مراقبون بان النزاع على النفط سوف يتواصل ما لم توجد حكومة مركزية قوية يثق فيها أهالي إقليم برقة الذين يؤكدون أنهم حرموا من عائدات النفط وهم الذين تحتضن مناطقهم ثلاثة أرباع الحقول النفطية.
الصراع على النفط والغاز تعدى الأطراف المحلية ليشمل إيطاليا وفرنسا ، فإيطاليا المسيطرة عبر شركتها «إيني» على القطاع مصممة على حماية مصالحها ، ولذلك دفعت بقوات برية إلى طرابلس ومصراته في حدود 400 عسكري ، وهي تشرف بصورة غير مباشرة على محطة الغاز ملية وتقوم بتأمينها.
على ضوء التطورات العسكرية الأخيرة ، تبدو المجموعات المسلحة القادمة من طرابلس ومصراتة مصممة على إستعادة الموانئ النفطية من حفتر وتعول في ذلك على مساندة قبائل أجدابيا.
موقف السراج غامض
وقد شهدت فترة حكم فائز السراج ثلاث جولات من الصراع المسلح على الموانئ النفطية لم يصدر خلالها موقف واضحا عما اذا كان الجضران يدعم حفتر . ظاهريا يبدو السراج منسجما مع الشرعية حيث يطالب بتسليم الموانئ إلى الوطنية للنفط بمجرد إنتهاء الحرب في الموانئ.
لكن المقربين من السراج يؤكدون أنه غير راض على التصرف المالي لعائدات النفط والدليل طلبه من مجلس الأمن التحقيق في تلك العائدات المالية.
في ذات الإطار يؤكد أهالي برقة وخاصة بنغازي أنهم لا يتحصلون على نصيبهم من العائدات وأن الجزء الأكبر يذهب إلى بلديات طرابلس، مصراته، الزاوية وزوارة. كما تطالب بلدية بنغازي بإعادة المقر الرئيسي للوطنية للنفط إلى المدينة مثلما ينفي الإعلان الدستوري، وسبق للجنة الطاقة داخل البرلمان أن طالبت بذلك.
والسؤال المطروح إلى أين يمكن أن يصل صراع الأطراف المحلية على النفط؟
أحد المخاوف القائمة هي اندلاع حرب اهلية بين إقليمي برقة وطرابلس، والنزاع الحالي يكاد يكون حربا أهلية إذا ما إعتبرنا أن قوات حفتر جهوية وقبلية ومازالت بعيدة عن صورة الجيش النظامي وأن المجموعات المهاجمة كذلك يغلب عليها الطابع القبلي الجهوي ، انطلاقا من هذا الواقع، يمكن أن يقود الصراع المسلح الحالي إلى حرب أهلية شاملة ولن يبقى الجنوب حيالها محايدا أولا لأن المنطقة الجنوبية نفطية وثانيا بسبب إرتباط قبائل ليبيا ببعضها من خلال عنصر المصاهرة وإرتباط المصالح.
والعامل الوحيد الذي يبعد تلك الحرب خارجي ونعني إيطاليا التي تقف وترفض حدوث تطورات أكثر خطورة في الهلال النفطي. فالحكومة الإيطالية ترى أن ضمان مصالحها في ليبيا مرتبط بسيطرة الغرب الليبي على النفط لعدم ثقتها في حفتر.