عبد المجيد محمود ان تعقيدات الملف السوري تسد الطرق امام اية تسوية مبينة ان ليس هناك مناخ وبيئة ملائمة لعودة اللاجئين من اجل الدخول في مرحلة انتقال سياسي حقيقي وذلك بالرغم من انعقاد عشر جولات حوار بين النظام والمعارضة في جنيف ومثلها في آستانة. يشار الى ان ميديا محمود هي باحثة وكاتبة سياسية كردية سورية ولها عدة كتب ابرزها حول «العنف ضد المراة» و«الكرد السوريين» اضافة الى كونها ناشطة حقوقية في منظمة حقوق الانسان «داد» .
• كيف ترين الاتفاق الاخير بين الكرد والنظام السوري وهل هو تمهيد لتسوية قريبة؟
أولا هم ليسو الكرد بالعموم، بل فصيل سياسي ممثل بحزب الاتحاد الديمقراطي PYD الذي يضم بقايا ال ب ك ك أي حزب العمال الكردستاني في سوريا، بعد أن انتهى تواجده عمليا حينما قامت السلطات السورية بترحيل عبد الله أوجلان وألقت المخابرات التركية القبض عليه في كينيا (16 فيفري 1999) بالتنسيق مع بعض المخابرات الدولية، ثم من بعد ذلك البدء بملاحقة عناصره وزجهم في السجون بعد التقارب بين بشار الأسد وتركيا بقيادة عبد الله غول.
لا يوجد في أجنداتهم حاليا أي ملامح قومية، لكن الإعلام والمجتمع الدولي مصر على الخلط بين هذا الحزب وإدارته الذاتية وتشكيلاته العسكرية وبين كرد سوريا كوحدة قومية تعيش على أرضها ردح طويل من الزمن قبل نشأة الحزب والحزب الأم أي حزب العمال الكردستاني .
ثانيا أظن أن الأمر لا يقع ضمن توصيف تسوية، كان هناك تنسيقا وتسليما لدوائر الدولة أثناء ظروف مرّ بها النظام حتى يقوم الحزب المذكور بحمايتها ومن أجل ضبط الحراك المدني السلمي الذي بدأ مع اندلاع الثورة السورية، والآن النظام يتصور أن تلك الظروف عبرت، وأنه وصل لشاطئ الأمان وبإمكانه أن يستلم عهدته، لكن الأمور خرجت من يد النظام، بالأخص في المناطق الشمالية عموماً، والمناطق الكردية خصوصاً، هناك الأمريكيين الذين تواجدوا لا ليخرجوا ببساطة، إنما سيكون لهم دور هام لحين استقرار الأمور والانتقال الديمقراطي، كذلك تركيا الرابضة على طول الحدود والتي سوت أمورها مع روسيا، عبر مقايضة جبهة النصرة مقابل مدّ نفوذها على طول الشريط الحدودي بعمق 40 كم.
• وماذا عن الحرب بين ايران واسرائيل في الساحة السورية؟
أتصور أن الحرب وجدت لها مخارج مختلفة في الوقت الحالي، بسبب الظروف الاستثنائية التي يمر بها حكام أيران، من احتجاجات داخلية وضغوط دولية متمثلة بخروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، ورفع وتيرة العقوبات الاقتصادية، فالواضح أن ايران سترضخ للشروط والمطالب الدولية بانسحابها من الأراضي السورية.
• وهل تتوقعين تسوية قادمة؟ في الملف السوري بشكل عام؟ وماذا بشان ازمة اللاجئين السوريين واعادة توطينهم؟
حسب رؤيتي لا اتوقع أي تسوية في القريب القادم، تعقيدات الملف السوري تسدّ الطرق أمام أية تسوية. النظام لا يستطيع السيطرة على مجريات الأمور على كامل مساحة الأراضي السورية ، ولا يستطيع توفير الأمان والاستقرار اللازم لإعادة الاعمار، كذلك من الصعب بناء الثقة مجددا بعد الاغتيالات والفظائع التي ارتكبت في السجون بحق المعتقلين، فلن يكون هناك مناخ وبيئة ملائمة لعودة اللاجئين حتى الدخول في مرحلة انتقال سياسي حقيقي تقطع مع النظام القديم تماما، وحتى تظهر على الأرض بوادر إطلاق الحريات واحترام حقوق الإنسان. وما زال هذا بعيد المنال حاليا. رغم عشر جولات في جنيف ومثلها في آستانة.
• كيف هو وضع الاكراد في سوريا اليوم ؟
بالنسبة لوضع الأكراد كما وضع كل السوريين، خرج من أيديهم، وبدلا من أن يستثمر الكرد الثورة في تعزيز المطالبة بحقوقهم، أدى تشرذمهم بين المحاور وانقساماتهم إلى انخفاض سقف مطالبهم، المجلس الوطني الكردي الممثل في الائتلاف، يفتقر لوجود قوي على الأرض مدنيا، كما أن الفساد والمحسوبيات وعدم وجود الكفاءات في صفوفه تسبب في ضعف أدائه، كذلك عدم وجود فصيله العسكري ( بيشمركه روج) ميدانيا، أما حزب العمال الكردستاني فتخلى عن المطالبة بحقوق الكرد مؤخرا، كما أن سياسته القمعية إلى جانب سوء الخدمات وزيادة الضرائب أدت إلى إفراغ المناطق الكردية وتهجير معظم سكانها.
• هل الادارة الذاتية تعني بداية تقسيم سوريا ؟
ابدا لا تعني الإدارة الذاتية انقساما، لكن شعوبنا تتخوف من هذا الهاجس، حتى الفيدرالية لا تشكل أي خطر في الانقسام. كانت الادارات المحلية منتشرة على مختلف الجغرافية السورية خلال سنين الثورة، لماذا فقط الاستنتاج أن الكرد هم من يريديون تقسيم سوريا، هذا غير وارد أبدا، ولم تطالب به اية حركة سياسية كردية.