من ميدان معركة تضم اطرافا داخلية واخرى اقليمية ودولية القت بدلوها في الحرب السورية ، ولئن تؤكد تقارير متطابقة قرب حسم المعركة لصالح النظام السوري بقيادة بشار الأسد يرى متابعون ان المعركة ستستمر وقد تمتد الى مدن اخرى على غرار الجولان المحتل وهو ما يؤرق الكيان الاسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة الامريكية .
وتشهد معركة الجنوب منذ بدايتها تشابكا للأدوار بين النظام المدعوم من ايران وروسيا والاردن المدافع عن حدوده و الكيان المحتل الذي يخشى وصول لهيب نيران المعركة الى الاراضي التي يحتلها. وفي هذا الصراع الذي اشتدت حدته في الايام القليلة المنقضية يرى محللون ان هناك نوعا من النأي بالنفس من قبل الادارة الامريكية فيما يتعلق بمعركة الجنوب السوري، إلا ان اراء اخرى تؤكد ان امريكا حاضرة بقوة عن طريق حليفتها ‹›اسرائيل›› التي اكدت مرارا سعيها لوقف النفوذ الإيراني، خاصة في أعقاب ما جرى الأسبوع الماضي من محاولة مجموعات حليفة للجيش السوري ومدعومة من إيران الاقتراب من جنوبي البلاد، الأمر الذي دفع بالطائرات الأمريكية إلى تنفيذ غارات على تلك الأرتال وقصفها، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة بدأت تستشعر خطورة معركة الجنوب وبدأت تتدخل بشكل أكبر .
ويرى متابعون ان معركة الجنوب فرضت على جميع الاطراف الفاعلة الدخول في خضم الحرب الدائرة كل وفق منظوره ومصالحه . اذ يرى محللون ان أمريكا باتت الان تحاول استغلال تطورات المعركة الراهنة لإبعاد إيران ومنع توسيع نفوذها.
آخر تطوّرات المعركة
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي السوري سومر سلطان لـ’’المغرب’’ أنّ معركة الجنوب هي ربما من أعقد المعارك، التي خاضها الجيش العربي السوري حتى الآن، بسبب الحساسية التي تشكلها لدى كيان الاحتلال الصهيوني؛ فهي معركة مزدوجة ضد المجاميع التي احتلت مناطق معينة وأخرجتها من سيطرة الحكومة الوطنية المركزية، ومعركة ضد المجال الآمن، الذي أنشأه الكيان لحماية نقاطه الشمالية عبر هذه المجاميع. ومن هنا كان تعقيد الوضع الدولي؛ إذ كان هناك محور سياسي وعر تتم فيه المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية وليس فقط الكيان الصهيوني، مع مساعدة من موسكو طبعاً؛ ومحور عسكري معروف بخطوطه العريضة وفق تعبيره.
وأضاف سلطان ‘’أعتقد أن نجاح الجيش وحلفائه في تحرير تلة الحارة الاستراتيجية في الجانب غير المحتل من الجولان يعتبر بمثابة حدث مفصلي، إذ لم تعد أمام الصهاينة معارك كبيرة ليخوضوها أمام الجيش العربي. فهذه التلة بالذات، ولكونها تمنح السلاح السوري مدى مجدياً في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، كانت من مفاصل حرب تشرين عام 1973، وكانت سبباً لمعارك شديدة الشراسة أيامها. وقد تمكن السوريون من الاحتفاظ بها بعد تضحيات جسيمة، بينما بقيت في ذاكرة الصهاينة حتى 2014، عندما تمكنوا عبر التنظيمات الموالية لهم من الوصول اليها وإخراجها عن سلطة دمشق».
«انكفاء امريكي صهيوني»
وتابع محدّثنا ان «هذا النجاح العسكري أدى إلى انكفاء أمريكي / صهيوني في المحور السياسي، وخاصة أن العنوان العريض لمحاولاتهم إيقاف المد السوري كان يتمثل في إخراج إيران وحزب الله من سورية مقابل تنازلات معينة وفق تعبيره. وهذا بالطبع أمر مرفوض سورياً كما أوضح الرئيس بشار الأسد في لقائه الأخير مع قناة العالم الإيرانية. وهنا لدينا نقطتان ندرس بهما سبب هذا الرفض؛ النقطة الأخلاقية، والنقطة البراغماتية».
وأضاف ‘’في النقطة الأولى ليس مفاجئاً أن يكون الأسد وفياً مع الأوفياء، هذا أمر محسوم، ولكننا إذا ما تجاوزنا هذا إلى النقطة الأخرى البراغماتية لرأينا أنه لو كانت دمشق تعتقد أن التنازلات المقدمة إليها ذات شأن هام، وأنها لن تقدر على الحصول على هذه التنازلات بوسيلة أخرى، لاستمرت بالتفاوض ولو لتمديد الوقت على أقل تقدير، أو لناورت على أساس تغيير صفة التواجد الإيراني في البلاد، لقالت مثلاً إنه سيتم ترحيل العسكريين والإبقاء على طواقم مدنية لإعادة الإعمار. ولكن لأنها كانت واضحة جداً في رفضها يمكننا الاستنتاج بسهولة أنها تعتقد أن الأرجحية الميدانية هي لصالحها بفارق كبير عن العدو.’’
معركة الجولان ؟
وبخصوص امكانية اندلاع مواجهة مباشرة بين الحكومة السورية وكيان اسرائيل في الجولان المحتل اجاب محدثنا أن ‹›التوتر قديم وليس جديداً. كانت تحدث اشتباكات بين القطع المختلفة القريبة من بعضها، وأحياناً كانت المدفعية الصهيونية تتدخل لدعم العصابات العميلة لها، كما تتدخل المدفعية التركية في الشمال لدعم العصابات العميلة لأنقرة. سؤالنا هو عن توسع رقعة التوتر لتصبح حرباً شاملة أم لا. أعتقد أن العامل الحاسم هنا عسكري تقني وليس سياسياً، ويتعلق حالياً بالتجارب التي تقوم بها مقاتلات الاحتلال لقياس مدى فعالية نظام الدفاع الجوي السوري الجديد، من خلال الضربات المتفرقة هنا وهناك، لتحاول رسم تصورها لمآل الحرب. ونحن بتنا نعرف أن الإسرائيليين بطبعهم لا يتمتعون بالشجاعة، ولا يقاتلون إلا إذا تأكدوا من تفوقهم. ولكن استراتيجية الغموض السورية، وعدم كشف السلاح المتوافر لديها، تجعلهم يراوحون في أماكنهم دون حسم أمرهم. بناءً عليه، أعتقد أنه إذا ما شبت الحرب فستكون نتيجة قرار من دمشق وليس من تل أبيب›› على حد تعبيره .
وبخصوص الهدوء الامريكي ازاء تطورات الجنوب قال سومر سلطان ان الهدوء الأمريكي ظاهري ، مضيفا ان هاجس الصهاينة كان حاضراً في لقاءات الرئيسين الأمريكي والروسي. بالنسبة للأمريكيين هناك محوران؛ محور غير مباشر لحماية مستعمرتهم في الشرق الأوسط «إسرائيل»، ومحور مباشر يتعلق بقاعدتهم العسكرية في التنف، والقوات التابعة لهم في الشمال الشرقي (قوات سورية الديمقراطية «قسد»).
وتابع الكاتب السوري «في الحالتين دمشق وحلفاؤها في حالة اندفاع، وواشنطن في انكفاء. وإن أمريكا اليوم ليست في حال أفضل من أمريكا الثمانينات عندما تمكن أشقاؤنا في المقاومة اللبنانية والفلسطينية من إجبارها على الانسحاب من بيروت، إثر تفجير المارينز الشهير. إن الإدارة السورية، التي لعبت دوراً في تشكيل غرف عمليات المقاومات في لبنان وفلسطين والعراق وغيرها، لن تكون أقل كفاءة على أرضها وبين شعبها» .