عن الدول الكبرى بل سوف نستعرض تعاطي ومواقف وآراء دول الجوار الليبي ودول الاقليم ازاء أزمة ليبيا .
بمجرد انطلاق ثورة 17 فيفري اندفعت دول الاقليم بقوة نحو ليبيا وكل منها تدعم طرفا معينا على الارض حيث انقسمت دول الخليج بين داعم لتيار الاسلام السياسي وأخرى داعمة للتيار الليبرالي . استفحل الصّراع في هذا الاطار وأول ضحاياه كان اللواء عبد الفتاح يونس . تمادت تلك الدول في ارسال الاسلحة وحتى المقاتلين لليبيا وفق تقارير اعلامية وأحيانا تقارير صادرة عن منظمات دولية .
حتى ان تقارير دولية تحدث عن وجود 20 مليون قطعة سلاح. مما شجع على انشاء المليشيات المسلحة، المثير للجدل ان تلك الدول اتهمت باختيارها تأجيج الصراع بين الفرقاء المحليين ولم تعط أية أهمية لموضوع التسوية السلمية للازمة . باستثناء مبادرات قليلة لم تحقق المطلوب مثل مبادرة دولة الامارات العربية المتحدة من خلال استضافة السراج وحفتر في لقاء ثنائي لتجاوز الخلاف . وأيضا مساعي السعودية في عقد لقاء بين عقيلة صالح و النوري بو سهمين لكنها فشلت في ذلك . الى جانب ذلك نجد تركيا تدعم بقوة الجماعات ذات التوجه الاسلامي في طرابلس ومصراتة، لكن في الاخير تداركت وحفاظا على مصالحها فحاولت التقرب من سلطات برقة .
الشعب الليبي يدفع الضريبة
نأتي الان لدول الجوار سواء العربية او الافريقية جنوب ليبيا اذ لا يخفى على ملاحظ ارتباط دول المغرب العربي ومصر بما يجري في ليبيا من تداعيات امنية سيما بدخول داعش الارهابي على الخط . من هنا تحركت دول الجوار العربية لحل الازمة . فجاءت مبادرة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي ثم جاء بعث لجنة حوار وزراء خارجية دول الجوار وأيضا جلسات الحوار بين الاطراف الليبية في الجزائر – تونس - مصر، واحتضان المغرب لحوار الصخيرات الذي انتج الاتفاق السياسي . ورغم محاولة اخفاء انقسام الموقف بين الجزائر ومصر من تصور حل نهائي لازمة ليبيا والخلاف بين المغرب والجزائر فقد تمّ احراز شيء من التقدم في تقريب المواقف بين الليبيين غير ان هذا المخبر لا يرقى للمطلوب .
في هكذا مشهد وفي ظل انقسام دول الاقليم والجوار تقلص امل الحل و كلما تم احراز خطوة الى الامام تراكمت المشاكل وأفسدت المساعي وعرقلتها و مثال ذلك ما يجري بعد كل لقاء بين حفتر والسراج وأحداث الهلال النفطي الاخيرة ليست بمعزل عن التجاذبات والخلافات بين دول الاقليم . لتكون المصلحة دفع الشعب الليبي وحده للضريبة ، ولتأخذ شريحة الطفولة وهي المتضرّر الاكبر مما يحدث في البلاد . لنجد ربع مليون طفل محرومين من حق التعليم و مثلهم في حاجة لرعاية صحية وتقارير اليونيسيف تؤكد ذلك.