درعا على فوهة: بركان جارف

اقتربت ساعة الحسم في معركة درعا ،معركة بركانية ستسحق وتجرف كل ما في طريقها

من الجماعات والتنظيمات الإرهابية ومشروعها المتطرف الى غير رجعة، لذا سوريا ما بعد درعا غير ما قبل درعا والمنطقة ككل ستكون غير ما كانت عليه قبل درعا لا سيما أن هذا الإنجاز يتكامل مع الإنجاز الإستراتيجي والعسكري الذي يحققه الجيش العربي السوري بهزيمة ‹›داعش›› واقتراب إنهائها في مختلف المناطق السورية، لذلك فإن تداعيات هذه المعركة لن تقف عند تحديد دفة الصراع ووجهته بين المجموعات المسلحة والجيش السوري فحسب، بل ستتجاوز ذلك إلى التأثير المباشر على العديد من المعادلات الإقليمية الحساسة في المنطقة.

معركة «درعا» ربما تحتاج بعض الوقت أو ربما أياما لاجتثاث كل التنظيمات المتطرفة المسلحة من «درعا»، يرجع ذلك الى المناورة العسكرية التي نفذها الجيش السوري وحلفاؤه والتي حقّقت المفاجأة العسكرية بحيث أنها خرقت المنطقة التي يسيطر عليها المسلحون في حالة من الذهول والسقوط السريع فلم يستطيعوا أن يتدبروا الأمر أو يعالجوه وخاصة الخرق الأول في منطقة «اللجاة» بريف درعا الشرقي، ولم يُعط للمسلحين فرصة كي يلتقطوا أنفاسهم ما جعلهم في خط تراجعي وإنهزام واضح لذلك بدا فعلاً أنه هناك هزيمة وأن ليس بمقدور هذه التنظيمات أن تسترد مواقعها السابقة بل على العكس فنحن أمام إنهيار وتحرير كامل لمدينة درعا بعد ضربات قاسية بهذه التنظيمات التي جعلتها تنهار معنوياً وعسكرياً على حد سواء.

في المحور القتالي يواصل الجيش السوري تقدمه شرق مدينة درعا حيث بات يسيطر على نحو ستين في المئة من مساحة المحافظة.يأتي ذلك بعدما كان الجيش قد حرر بلدة المسيفرة وهي حصيلهٌ سريعة في سلة الانجازات والانتصارات منذ بدء العملياتِ العسكرية قبلَ اسبوعين ، والتي قربت القوات المتقدمه من معبر نصيب، وبعد اخراج كاملِ ريفِ درعا الشرقي من حساباتِ المسلحين، يتقدمُ الجيش في ما تبقى من الريف الجنوبي الشرقي، مستعيداً السيطرة على كحيل ، سهوة القمح، وخارج الريف الشرقي تتواصل خسائر المسلحين في عدّة جبهات، ما يجبر قادة الجماعات المسلحة على إصدار إشارات إيجابية بشأن الرغبة في الدخول في المصالحات مع الحكومة سلموا معداتهم العسكرية تمهيدا لدخول الجيش السوري إليها.

بالمفهوم العسكري الميداني المعركة منتهية لصالح الجيش السوري وحلفائه، ويرجع سبب إنهيار المسلحين الى المناخات التي أنضجها الجيش السوري لتحقيق هذا التقدم وإحباط كل محاولات الهجوم للمجموعات الإرهايبة لمدينة درعا وقتل المئات منهم، والى نوعية العمليات والمقاتلين وحرفية الأسلوب المتبع، بالإضافة الى الحالة الشعبية الرافضة للمجموعات الإرهابية التفكك والإقتتال بين المجموعات الإرهابية نفسها والإختلاف بين من يريد الانسحاب من درعا ومن يريد القتال ، فضلاً عن تطويق مقاتلى الجماعات الإرهابية وقطع طرق الإمداد عن طريق الالتفاف والسيطرة على أهم المواقع الاستراتيجية ، بالتالي جملة هذه الأمور جعلت المسلحين ينهارون سريعاً وجعلتهم أمام خيارات محدودة إما الانسحاب أو الموت.

مجملاً....أن التقدم في درعا سيكتب بدء نهاية الأزمة السورية،وسيغيّر من موازين القوى في المنطقة على الصعيد العسكري كما السياسي وهنا يمكنني القول إن المشروع أو المخطط الأمريكي والذي كان يهدف إلى احتلال أو إعادة رسم خارطة للشرق الأوسط الجديد سياسياً وجغرافياً، أقول: إن ذلك المخطط لن يكتب له النجاح، وهاهي الأيام قد كشفت لنا أن سوريا أفشلت تلك اللعبة والمخطط الخبيث والذي كان يهدف بالأساس إلى إضعاف الجيش السوري وتجزئة سوريا والمنطقة برمتها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115