دولة إسرائيل الموحدة والأبدية». فعلى مدى خمسين عاما من احتلالها للمدينة لم تترك وسيلة إلا واتبعتها ولا مخططا إلا ونفذته في سبيل التهويد. وما زاد الطين بله، بجرة قلم أعلن الرئيس الأمريكي ، دونالد ترامب ، بتاريخ 6 /12 /2017 اعتراف بلاده بمدينة القدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي ونقل العاصمة من تل أبيب الى القدس ، ضارباً بكل التحذيرات العربية والغربية عرض الحائط.
منذ أن احتلت إسرائيل الأراضي الفلسطينية في الرابع من جوان لسنة 1967 م وهي تعمل جاهدة بكافة الوسائل والطرق للسيطرة على مدينة القدس والسيطرة عليها وتغيير معالمها بهدف تهويدها وإنهاء الوجود العربي فيها. لتحقيق هدف اسرائيل بتهويد مدينة القدس من قبل حكوماتها المتعاقبة شرعت بالإستيلاء على الأراضي الفلسطينية وإقامة المستوطنات عليها ثم تهجير الفلسطينيين وسحب الهويات منهم بهدف خلق واقع جديد يكون فيه اليهود النسبة الغالبة في مدينة القدس.
الهدف الأساسي من بناء الجدار الفاصل حول مدينة القدس هو تهويد المدينة وإخراج الفلسطينيين منها بكل الوسائل والسبل. وما تقوم به إسرائيل اليوم ليس مخالفا للقانون الدولي فحسب بل إنه مخالفا لروح العصر الذي يرفض كل شكل من أشكال العنصرية.
وتشير تصريحات قادة إسرائيل دون إستثناء بأن أهدافهم تجاه القدس تكمن بتحديد حدود القدس الموسعة التي ترغب إسرائيل في إخضاعها لسيطرتها من جانب واحد دون مراعاة لأية قواعد أو اتفاقات، وكذلك عزل المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة عن القدس وضواحيها وقراها مع ما في ذلك من تمزيق للأرض، بالإضافة للتنكر للقوانين والمواثيق الدولية ولكل قرارات الأمم المتحدة التي لا تجيز احتلال أرض الغير بالقوة المسلحة أو تطبيق قوانينها عليها.
فالقدس الشرقية هي ارض محتلة منذ جوان عام 1967م وتخضع لقواعد القانون الدولي الخاص بحالات الاحتلال الحربي أي أن السيادة عليها لا يمكن أن تنقل إلى اسرائيل بموجب سلطة الاحتلال التي هي بطبيعتها سلطة إدارية مؤقتة.
قرار التقسيم 181
أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 1947 قرارا يقضي بتقسيم فلسطين الى دولتين ، عربية ويهودية وذلك بموافقة 33 دولة ورفض 13 دولة وامتناع 10 دول عن التصويت
أضحى القرار الصادر عن الجمعية العامة بتاريخ 29 /11 /1947 تحت رقم 181 المظلة القانونية الدولية لمستقبل فلسطين بعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين في 15 /5 /1948 وأكثر من ذلك أصبح القرار المذكور الأساس القانوني الأول لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ..وتضمن القرار الفقرات التالية:
«إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وإقامة دولتين عربية ويهودية مع وجود اتحاد اقتصادي مشترك بينهما وتحويل مدينة القدس بضواحيها إلى وحدة إقليمية ذات طابع دولي خاص».
بناء على النص المذكور أعلاه ،كان من المفترض أن تقسم فلسطين إلى ثلاثة أقسام:قسم تقام عليه دولة فلسطينية،وقسم تقام عليه دولة يهودية والقسم الثالث يقام عليه كيان منفصل ،يخضع لنظام دولي خاص ،تتولى الأمم المتّحدة إدارته ،ويتألف هذا الكيان الخاص من مدينة القدس ،التي تشمل حدودها على :»بلدية القدس الحالية ,مضافا إليها القرى المجاورة وأبعدها شرقا أبو ديس وأبعدها جنوبا بيت لحم وأبعدها غربا عين كارم وتشمل معها منطقة قالونيا وأبعدها شمالا شعفاط (علما بان هذه المشتملات ضمت في خريطة ألحقت بقرار التقسيم 181) مع العلم بان هذا النظام الدولي أو ما يسمى بالأحرى تدويل القدس لم ير النور لمعارضته كل من البلدان العربية وإسرائيل له آنذاك ،ولم ينفذ من قرار التقسيم المذكور إلا الجزء الخاص بإقامة الدولة اليهودية «وهي الدولة التي قامت على رقعة اكبر مما ورد في القرار وضمت عنوة إسرائيل القسم الأكبر من القدس «القدس الغربية «...أما الدولة الفلسطينية فلم تتم وتوزعت بقية الأراضي الفلسطينية بين الأردن الذي ضم إليه الضفة الغربية و القدس الشرقية أي (القدس التاريخية دخل السور ،قدس المقدسات) وبين مصر ،التي أصبحت مسؤولة عن إدارة قطاع غزة ،وبين سوريا التي أصبحت مسؤولة عن منطقة ألحمة .وهكذا نشا وضع قانوني، واقعي في الفترة ما بين الحربين 1948 - 1967 فتوزعت السيادة على مدينة القدس بين «إسرائيل والأردن».ولم يعد قرار التقسيم بالنسبة إلى القدس واردا لدى أي من الفريقين العربي والإسرائيلي.
وفي 7 /6 /1967 احتلت إسرائيل مدينة القدس بكاملها وفي شهر أوت 1980 أقدمت إسرائيل على ضم القدس المحتلة واعتبرتها عاصمتها الموحدة .
وعلى ضوء ما ذكر أعلاه،فان قرار التقسيم جعل القدس جزءا من وحدة سياسية خاصة تحت وصاية الأمم المتحدة ومنفصلة عن الدولتين المفترضتين العربية واليهودية . وعليه فليس لإسرائيل أي شرعية في سيادتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967 و القدس ،لا الشرقية ولا الغربية ،وقرار الحكومة الإسرائيلية بضم القدس الشرقية وتطبيق القانون الإسرائيلي عليها وبعد احتلالها للضفة الغربية،وقطاع غزة سنة 1967 هو غير قانوني وغير معترف به على الصعيد الدولي .