لمشروع القرار الغربي المطروح بشأن سوريا وانشاء آلية تحقيق حول الأسلحة الكيميائية ..في الوقت الذي تحدث فيه السفير الفرنسي في الامم المتحدة عن «محادثات بناءة أولية». في حين قالت بريطانيا ان رسم طريق باتجاه عملية سياسية في سوريا يتطلب وقتا ولا يمكن ان يحقق تقدما سريعا .
والمفارقة ان العدوان الثلاثي على سوريا جاء قبل ان تفضي لجنة التحقيق الدولية بشأن كيميائي سوريا، الى أي نتائج وقبل ان تبدأ عملها رسميا ، الامر الذي يكشف عزم الولايات المتحدة على انجاز الضربات العسكرية بمباركة شركائها الدوليين وعلى راسهم بريطانيا وفرنسا ، من اجل كسر قدرات النظام السوري الذي تشير الانباء الى تمكنه من اعادة السيطرة على معظم الاراضي السورية ..
وفي الحقيقة فان مفاوضات جنيف والاستانة لم تفض حتى الان الى أي تقدم في المفاوضات او الموافقة على تسوية للملف السوري بطريقة ترضي الاطراف المحليين واللاعبين الاقليميين والدوليين . لذلك يرى البعض ان الضربات الغربية الاخيرة – بالنظر الى محدودية اهدافها وتوقيتها- هي بالمجمل تهدف الى تغيير دفة المعادلات العسكرية والتمهيد لأية مفاوضات قادمة ..
رسائل عديدة
وترى ميديا محمود وهي ناشطة حقوقية وكاتبة سياسية كردية سورية مستقلة ان الضربة الغربية كانت رسالة من الدول الغربية لنظام الاسد وحلفائه . واشارت في حديثها لـ «المغرب» الى ان الضربة كانت مدروسة بدقة بحيث تسعى لخلق توازن بين أداء دورها كحامل رسالة لنظام الأسد وحلفائه، وبين التخفيف من اعتراضات وانتقادات محتملة للقوى المناهضة للحرب داخليا في كل من برلمانات الدول المشاركة». ورأت ان هذه الضربات هي تمهيد لتسوية بعد ان دخل المشهد السوري في انعطافة بعد سقوط عاصمة داعش الارهابي ودولته المزعومة. وبينت الكاتبة السورية الى ان من بين اهدافها هو الضغط على النظام للدخول في مرحلة الانتقال السياسي.
و تستطرد محدثتنا بالقول ، إذا لم تتم التسوية ستسير الأمور في اتجاه تصعيد الضربات، لأن العالم كله ضاق ذرعا باستفحال الأوضاع الا انسانية في سوريا، وتصاعد موجة الهجرة غير الشرعية الى اوروبا ..لذلك فان الأوربيين والدول الإقليمية لهم مصلحة كبيرة في ايجاد حل سياسي للأزمة السورية.
مخاطر التقسيم
هل تسير سوريا نحو التقسيم في ظل النزاعات المحلية الدائرة تجيب محدثتنا بالقول :«التقسيم يعقد الأمور اكثر. هناك بعض الدول الإقليمية كتركيا، التي سيكون لها دور هام في المرحلة القادمة في الملف السوري وهاجسها التقسيم. ثم هناك التمويل الخليجي وهو ورقة هامة في الحل وفي إعادة الاعمار. ولا يمكن للسعودية القبول بسيناريو تقسيم الكيانات في الشرق الاوسط». واضافت ان تركيا تتخوف من تقسيم سوريا. بسبب خوفها من مشكلة الاكراد واضافت بالقول :«فالتقسيم غير وارد في المدى المنظور القريب..واقصى ما يمكن ان ينجز هو إدارات محلية».
اما عن الرد الروسي، فترى الناشطة الحقوقية والسياسية الكردية، ان الروس يعلمون أنهم ليسو اهلا للرد على هذا الحلف الثلاثي، والاستنتاج المنطقي يقول أن رد الروس تلخص في محاولة تمرير مشروع القرار المندد. فبوتين لا يريد ان يدخل في حرب غير محسوبة ولا يستطيع ان يتحمل خسائرها. لكن من جهة أخرى، هناك بعض الخشية من رد فعل التضخم البوتيني الذي تراكم لديه خلال الاعوام الماضية بسبب تفرده باللعب في الملعب السوري».
وفي الحقيقة فان انعقاد القمة العربية الـ 29 على وقع الضربات الصاروخية الغربية على نظام الاسد ، يبين بالكاشف ، ان الملف السوري خرج من اية سلطة او ادارة عربية للصراع وانه بات بيد موسكو وواشنطن ومن يدور في فلكهم من قوى..فقرار الحرب او السلم لم يعد بيد دول المنطقة.. وذلك بالنظر الى ضعف البيان الختامي للقمة وتعامله مع الأزمة السورية وكأنها مجرد أزمة عابرة وهامشية.