عسكرية بمشاركة بريطانيا وفرنسا ، استهدفت مواقع عسكرية وذلك ردا على هجوم كيميائي اتهمت دمشق بتنفيذه في دوما ..وقد اثارت العملية ردود افعال اقليمية ودولية متباينة، واعتبرت وزارة الخارجية السورية بان «توقيت العدوان الذي يتزامن مع وصول بعثة التحقيق التابعة لمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية الى سوريا يهدف أساساً الى إعاقة عمل البعثة واستباق نتائجها والضغط عليها في محاولة لعدم فضح اكاذيبهم وفبركاتهم». وابرز ردود الافعال جاءت من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي ادان الهجوم ودعا الى اجتماع عاجل لمجلس الامن الدولي للبحث في «الاعمال العدوانية للولايات المتحدة وحلفائها» في سوريا.
من جانبه أعلن رئيس إدارة العمليات العامة التابعة لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية ، امس أن الدول الغربية استخدمت في ضرب سورية 103 صواريخ كروز بما في ذلك «توماهوك، تم اعتراض 71 صاروخا منها .
رسائل عديدة
ويحمل هذا الهجوم اكثر من رسالة ويأتي في وقت يتهيأ فيه العرب لعقد قمتهم في الرياض ..ولعل السؤال الاهم هل هذه الضربات هي بداية حرب كبرى ام تمهيد لأية تسوية قادمة بين اطراف الصراع ؟
يقول الباحث والكاتب الفلسطيني ابراهيم الرفاعي لـ «المغرب» ان الضربات هي بداية لمرحلة جديدة في مأساة الشعب السوري والعربي وجاءت لتؤكد اعادة تقسيم موازين القوى بين أطراف العدوان ومن معها خاصة إسرائيل، على المناطق التي تسيطر عليها هذه الاطراف أو تمارس عليها نفوذها على الارض السورية، اما نتائج الضربة ابرزت ان النظام السوري وحلفاءه الروس والايرانيين موجودون في الميزان الاستراتيجي واشار الرفاعي الى ان الضربة ما هي الا بداية اوجزء من البدايات المتعلقة بترتيب اوضاع المنطقة . على حد قوله.
مساومات
من جانبه اكد الباحث والكاتب السوري الكردي زيد سفوك ان هناك نقطة هامة حصلت قبل الضربة الا وهي الاعلان عنها مسبقا ، وهذا -بحسب رايه- - ان دل على شيء فانما يدل على مساومات ووضعها ضمن صفقات مربحه، فمن المتعارف عليه في الحروب العسكرية لا يوجد شيء اسمه اعلان عن توجيه ضربة وانما يتم العمل العسكري بسرية تامه لتحقيق الاهداف الموضوعة ضمن خارطة القصف الصاروخي او الطائرات الحربية ،اذا ما جرى لم يكن الهدف منه هو الحاق الضرر بالنظام السوري وانما صفقات من خلف الستار حصلت بعد انتهاء قمة الحلف الثلاثي بين ايران وتركيا وروسيا والتي تدل بان الاطراف الثلاثه رغم تحالفهم الوثيق في الازمة السورية الا انهم عاجزين عن ايجاد حل بمفردهم . واضاف :"فما كان من الروس الى اختراع ذريعه واعطاء امر للنظام باستخدام غازات سامة لاستدراج الامريكان والمجتمع الدولي مجددا الى طاولة الحل ."
من جانبه رأى المحلل والكاتب السياسي الفلسطيني فادي عبيد لـ«المغرب»: «نحن أمام حدث ذي أبعاد مختلفة ، حتى و إن انتهى العدوان الثلاثي بلا شك لن يتوقف التآمر على دمشق و هذا يستوجب توخي الحذر و المراكمة على ما تم انجازه لتفويت الفرصة على أصحاب المشروع الاستعماري».
واضاف :«المنطقة اليوم ليس كما كانت في الأمس ، والسبب الرئيس في ذلك يعود لصلابة محور المقاومة وثبات حلفائه أمام التهديد و العدوان الغاشم .. هذا يكسر القطبية الواحدة التي مثلتها هيمنة أمريكا على العالم و الشرق الأوسط تحديدا». اما الرسالة التي تحملها الضربات اجاب:«الرسالة اليوم هي لمزيد من التوحد و التخندق في مواجهة أعداء الأمة والمتربصين بالقضية الفلسطينية والساعين لتصفيتها».
تفريغ أمريكي للتوتر
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي السوري سومر سلطان لـ«المغرب» انه الناحية الميدانية والعسكرية المباشرة العدوان لم يحقق أهدافاً جوهرية، ولم يتمكن من الوصول إلى أهداف حسّاسة يمكن أن تؤذي المجهود الحربي القائم للدولة السورية أو حلفائها. وأضاف «نلحظ هذا بشكل خاصّ في أنّ العدوان لم يكن على خطورة تدفع سوريا وحلفاءها إلى الكشف عن كل أوراقهم، وكل تفاصيل الخطة الدفاعية الجديدة عن العاصمة وعن عموم الأراضي السوريّة الخاضعة لسيطرة الحكمة المركزية في دمشق».
وأكّد محدّثنا انه من الناحية السياسية يمكن اعتبار العدوان نوعاً من التفريغ الأمريكي للتوتّر الذي راكمه الرئيس دونالد ترامب، خلال تغريداته الكثيرة المتوالية في موقع «تويتر»، والتحريض السعودي. بهذا يمكن القول أن ترامب حمى ماء وجهه، ولم يتورط في نزاع عسكري مجهول النهاية.
وتابع سلطان «هنا يجب أن نشير إلى تغريدة نشرها «جي آر» نجل مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين، حيث اتهم «الدولة العميقة» بدفع ترامب إلى التورط في حرب مع روسيا. بالمحصلة، حتى الآن يبدو واضحاً أن الخاسر الوحيد هو السعودية التي دفعت، ولا تزال، مليارات الدولارات جراء تهديدات وعمليات هوليودية، ليس لها تأثير عسكري وعملاني مباشر، ولن تدفع الجيش السوري إلى وقف عملياته ضد الشبكات الإرهابية».
وعن الخطوة التي ستلي هذه العملية العسكرية قال الكاتب السوري انّ «هناك ثلاثة محاور ينتظر أن تحدث فيها تطورات هامة؛ ريف حمص، ادلب ودرعا. وقد أصبحنا معتادين على تكرار الاتهامات الدولية بتنفيذ هجوم كيميائي أعقاب كل انتصار هام للجيش. ومن هنا يمكن لنا بكل بساطة أن نتوقع شيئاً كهذا، وخاصة إذا ما اقترب الجيش من إغلاق حدوده الشمالية والجنوبية. لأنّ الولايات المتحدة تعلم أن المرحلة التالية ستكون منطقة شرق الفرات، الّتي تحاول أن تحافظ على وجودها فيها ‘’. وأشار الى انه من الممكن أن تتكرر الضربة ولكن ليس في القريب العاجل، بل بناءً على تقدم الجيش السوري، والانتصارات الميدانية التي يحرزها وفق تعبيره .
«مسعى ﻹخراج محور المقاومة من سوريا»
على صعيد متصل قال الكاتب والمحلل السياسي السوري محمد محمد نادر العمري في تصريح لـ«المغرب» ان ما حصل هو عدوان خماسي أمريكي فرنسي بريطاني إسرائيلي خليجي، ولم يحقق أي إنجازات تكتيكية أو استراتيجية . وتابع « من تصدى للعدوان هو الجيش العربي السوري وبمقدرات وسائله الردعية، التي تصدت لمعظم الصواريخ ،ومرة جديدة تقوم الدول العربية بإحداث خرق لأمنها القومي عبر تمويل الحملات العسكرية للدول المعتدية كماحصل سابقا» في غزو العراق وليبيا، والسماح للطائرات المعتدية من الانطلاق عبر أراضيها واستخدام أجوائها باستهداف سوريا مثل قطر وكذلك الاردن» على حدّ تعبيره.
أضاف محدّثنا «من حيث التوقيت الزمني لهذا العدوان جاء بعد استعصاء سياسي ودبلوماسي شهدته اجتماعات مجلس الأمن الدولي، وقبيل ساعات من وصول لجنة تقصي الحقائق لزيارة دوما، كما أظهر هذا العدوان تماسك المجتمع الداخلي السوري، بمقابل استنفار سياسي وعسكري إسرائيلي».
أكّد محدثنا ان ترامب الذي سارع لإنقاذ ماء وجهه في هذا العدوان لم يستطع أن يشكل تحالفا دوليا يسانده في عدوانه، وزاد من حدة الانقسام داخل الإدارة الأمريكية التي من المؤكد ستشهد جملة استقالات أو إقالات ، بالإضافة الى ان هدف العدوان ليس بسبب مايسمى الكيميائي السوري بل هو مسعى أمريكي ﻹخراج محور المقاومة من سوريا.