في ظل التصعيد المتبادل وحملة الاتهامات الغربية للنظام السوري بشأن استخدام الكيميائي في دوما ، والتي تبقى ذريعة هامة للإدارة الامريكية لمواصلة مشروعها في سوريا والمنطقة ..ولعل السؤال الاهم في ظل التطورات الحاصلة ، هل نشهد نهاية المرحلة الاخيرة من الصراع الامريكي -الروسي على الساحة السورية..
تعددت ردود الافعال بشأن التهديدات الامريكية بشن ضربة للنظام السوري وقال الكرملين امس إنه يأمل أن تتفادى كل الأطراف المعنية في سوريا أي تحرك من شأنه زعزعة وضع هش بالفعل في الشرق الأوسط وأوضح أنه يعارض بقوة أي ضربة أمريكية محتملة لحليفته سوريا. وقال ان المزاعم بأن قوات الحكومة السورية نفذت هجوما بأسلحة كيماوية لا تستند إلى حقائق وقال إنه يريد تحقيقا محايدا في الواقعة. في حين صعّد ترامب امس من اللهجة وتحدى روسيا وطلب من موسكو الاستعداد للصواريخ الأمريكية التي ستضرب سوريا .
فبعد الغارات الاسرائيلية التي استهدفت مطار التيفور العسكري السوري ، برزت تساؤلات عديدة حول امكانية ان تكون هذه الضربة تمهيدا لاي عمل عسكري امريكي في سوريا ينهي الجدل الدائر حول حسم الصراع والذي طال امده اكثر مما يجب لدى الفاعلين وصناع القرار الامريكي .. ولئن سبق ان وجهت واشنطن ضربات عسكرية لمواقع سورية الا ان هذه العملية المتوقعة – تختلف عن سابقاتها – لانها تأتي ردا على تدخل تركيا بريا في عفرين والاجتماع الثلاثي الذي عقد بين تركيا وايران وروسيا والذي شكل تحديا واضحا للمشروع الامريكي. يشار الى ان آخر ضربة امريكية كانت قد استهدفت تحديدا مطار الشعيرات العسكري بحمص بعد استخدام النظام للكيميائي في افريل من العام الماضي.
استنفار اسرائيلي
وبالتزامن مع ما يحصل في سوريا تحدثت صحف الاحتلال الاسرائيلي امس عن ان الحدود الشمالية تشهد حالة من التأهب وسط مخاوف من رد محتمل من جانب إيران أو حزب الله وكذلك تحسبا لضربة أمريكية محتملة ردا على الهجوم الكيميائي في دوما بالغوطة الشرقية. وكانت ايران ايضا قد هددت على لسان مستشار المرشد الأعلى الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي بالرد على الاعتداء على المطار، وقد تحدثت تقارير إيرانية عن مقتل سبعة إيرانيين فيه.
يرى مراقبون ان احتمالات الضربة الامريكية باتت اكثر من ذي قبل وذلك بسبب التقدم الذي حققه الجيش السوري في مناطق عدة ودحره لمقاتلي المعارضة على اختلاف مسمياتهم وتوجهاتهم سواء التي تتبع « الجيش الحر» او المجموعات الارهابية الاسلامية المتطرفة وغيرها ..فهذه الانتصارات تشكل تهديدا للغرب بتغيير المعادلة وحسمها لصراع الاسد وحلفائه الروس والايرانيين ..الامر الذي يفترض تغيير الاستراتيجية الامريكية والغربية بشكل عام في الازمة السورية ..مع وجود غطاء قانوني دولي حاضر عبر مجلس الامن «لشرعنة» اية عملية ممكنة.
المشروع الامريكي
ويؤكد الباحث والمحلل السياسي اللبناني سعد الياس لـ « المغرب « انه يبدو من سياق المشاورات والجدل الذي حصل في مجلس الامن الدولي أن الرئيس الامريكي دونالد ترامب عازم على توجيه ضربة للنظام السوري وهذا ما جعل البعض يتحدث عن معلومات عن مغادرة الرئيس بشار الاسد قصره خشية استهدافه بالصواريخ. ويضيف :«من الواضح أن دونالد ترامب يختلف عن الرئيس السابق باراك اوباما الذي توعّد مراراً النظام السوري من دون تنفيذ أي ضربة ، وهذا ما يجعل البعض يتساءل هل يتوعّد ترامب ايضاً ولا ينفّذ تهديده؟ غير أن المعطيات الدولية سواء من فرنسا أو من بريطانيا وحركة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان العابرة للقارات وبالتوازي مع تحرك ملك المغرب وأمير قطر توحي بأن الضربة حاصلة على الرغم من التحذيرات الروسية التي يأخذها المجتمع الدولي بعين الاعتبار، إنما الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية مصممتان على تقليم أظافر ايران في المنطقة والحد من تمدّد الجمهورية الاسلامية الايرانية ولاسيما بعد أزمة اطلاق الصواريخ من اليمن في اتجاه المملكة.»
تأثيرات عديدة
وعن تأثيرات اية ضربة امريكية على سوريا ولبنان والمنطقة ككل اجاب محدثنا :»هذه الضربة الامريكية ستخلق توازناً جديداً على الساحة السورية بعدما إحتكرت روسيا لعب الدور الكبير وقد تفرض البحث عن حل سياسي في ما بعد للازمة وتطرح مصير الرئيس السوري على بساط البحث.كذلك سيكون لها تأثير على نفوذ حزب الله». واعتبر الكاتب اللبناني ان حزب الله تحول الى لاعب اقليمي وهذا ما دفع برئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري الى الاصرار على اقرار سياسة النأي بالنفس أي نأي لبنان والاطراف الداخلية عن التدخل في الشؤون الخارجية وعن مهاجمة الدول العربية والالتزام بأفضل العلاقات مع العرب وذلك بعد عودته عن الاستقالة التي قدّمها من الرياض في نوفمبر الفائت». واشار الى ان طرح مصير الاسد وتقليص دور حزب الله وايران سيعيد خلط الاوراق ولكنه سيضع المنطقة على فوهة بركان.
من جانبه قال الكاتب والمحلل خير الله خير الله لـ « المغرب « ان سوريا قد تشهد الضربات العسكرية الامريكية خلال الساعات القليلة القادمة لكن السؤال هو حول حجم هذه العملية وقال انه من السابق لاوانه التحدث عن تاثيرها لان ذلك مرتبط اساسا بالاهداف التي يمكن ان تستهدفها الادارة الامريكية من خلال هذه العملية ..فقد تكون عملا عسكريا يقوي دعائم النظام السوري اكثر او قد يشكل نهاية له وحسما سريعا للازمة السورية على الطريقة الامريكية ..واشار محدثنا الى ان السؤال الاهم هو حول توقيت هذه الضربة ولماذا يتم التحضير لها اليوم خاصة ان الادارة الامريكية السابقة مع اوباما سبق ان هددت بتوجيه ضربة دون تنفيذ ذلك ..واضاف بالقول :« الادارة الحالية مع ترامب تختلف عن الادارة السابقة وكل شيء يمكن ان يصدر عن الرئيس الامريكي ». وقال ان الضربة وتوقيتها يمكن ان تكون على صلة بالوضع الداخلي الامريكي، فترامب امام تحديات عديدة لذلك يلجأ الى التصعيد الخارجي في سوريا من اجل خلط الاوراق وايجاد موازين قوى جديدة لصالحه» .
لقد مهدت الغارة الاسرائيلية الاخيرة للعملية العسكرية الامريكية القادمة ....هذه العملية التي ستغير المشهد ليس في سوريا فحسب بل في المنطقة ككل. ويبقى السؤال الاهم هو كيف سيكون الرد الروسي وهل انطلقت ساعة الصفر للحرب الشاملة الكبرى على الساحة السورية.