وحدة وطنية ثم الذهاب باتجاه الاستحقاق الانتخابي وفق خطة عمل الامم المتّحدة، وكان رئيس مجلس النواب خلال اجتماعه مع الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة اعلن دعم اجراء الاستفتاء على الدستور قبل الانتخابات.
من جانبه يعمل سلامة حاليا على اقناع الفرقاء الليبيين ولاخر مرة من اجل الاتفاق على تعديل الاتفاق السياسي في نقطة تغيير المجلس الرئاسي ،والا فانه يتجاوز التعديلات ويذهب مباشرة الى انجاز المؤتمر الوطني الشامل والّذي يجمع المراقبون على انه البديل للاتفاق السياسي وخارطة الطريق الاممية .
وبدا جليا أنّ جميع الأطراف الداعمة للتسوية السلمية الدولية والمحلية تسابق الزمن لبلوغ الانتخابات الرئاسية والتشريعية بالرغم من صعوبة إجراء ثلاث مراحل انتخابية خلال الفترة المتبقية من العام الحالي 2018. استحقاقات يصعب على دول تعيش وضعا عاديا ومستقرة امنيا إنجازها فما بالك بدولة شبه منهارة ومؤسساتها العسكرية والامنية والمالية والقضائية مازالت منقسمة .
تصميم تلك الاطراف على اجراء الانتخابات والاستفتاء على الدستور والمؤتمر الوطني الجامع بمثل تلك السرعة سوف تكون تداعياته خطيرة على سلامة المشهد السياسي والامني ما بعد الانتخابات العامة ، اول التداعيات تتعلق بمستقبل المجموعات المسلحة سيما في طرابلس،ثاني التداعيات رفض اهم مكون اجتماعي وهو الامازيغ اقرار الدستور واشتراط ادراج لغة الامازيغ لغة رسمية للدولة الليبية.
وتدرك الاطراف الداعمة لخيار تسريع الخطى لبلوغ التسوية السياسية اهمية انجاز المصالحة الوطنية الشاملة وتفعيل قانون العفو العام بما يعني طي صفحات الماضي .لذلك ضغطت تلك الاطراف نحو اجراء المصالحة المحلية. مسار شائك ومعقد انطلق امس باعلان المصالحة بين الزنتان ومصراته وتجاوز آثار معركة مطار طرابلس الدولي وتهجير قسري لاهالي الزنتان من طرابلس والاستيلاء على أملاكهم الخاصة، ورغم توقيع اتفاق المصالحة بين المدينتين الا أنّ الكثير من قيادات الزنتان يشكّكون في امكانية تنفيذ الاتفاق بسبب غياب الآليات وسطوة ميليشات مصراتة المتواجدة في طرابلس .
دوما فيما يتعلق بالمصالحة المحلية نجد الزنتان مازالت ترفض المصالحة مع المشاشية كما تعارض جهات نافذة في بنغازي عودة اهالي راس الهلال وبعض سكان بنغازي المهجرين قسرا . مدينة سرت هي الأخرى يعاني بعض سكانها من التهجير القسري هذا دون التغافل عن فشل تنفيذ اتفاق عودة اهالي تورغاء .
عموما وامام هكذا عقبات وعراقيل ليس أمام الأمم المتحدة والاطراف الداعمة لها محليا ودوليا سوى ممارسة سياسة الهروب الى الامام، وهذا المسلك ظهر واضحا بان غسان سلامة قد اختار السير فيه بتهديده للمعرقلين لاقرار التعديلات بتجاوز هذه المرحلة .
مما يعني ان هذه الاطراف بما فيها بعثة الامم المتحدة عازمة على ترحيل الخلافات الى ما بعد الانتخابات والاهم بالنسبة اليها انقاذ الاتفاق السياسي وفعل شيء على الارض. انتخاب رئيس للدولة ايجاد حكومة مركزية دون وجود ميثاق اجتماعي .
الهاجس الاكبر..الميليشات المسلحة
من أهم أسباب فشل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في فرض القانون واستعادة هيبة الدولة هو توسّع نفوذ الميليشات في طرابلس ،وعجز السراج تماما عن تقليص حجم نفوذ المجموعات المسلحة . في هذا السياق اكدت مصادر من طرابلس بان فائز السراج بوصفه القائد الاعلى للجيش اصدر تعليماته مؤخرا لرئاسة اركانه بمنح المدعو البشير البقرة رتبة ضابط في صفوفها .
ظاهريا تبدو الخطوة ترقية عسكرية وتشريفا لبشير البقرة لكن السراج اراد معاقبة المعني بمنحه تلك الرتبة العسكرية ،للتوضيح كتيبة البقرة هي التي قامت بالهجوم على مطار وقاعدة معيتيقة، مما تسبب في سقوط قتلى وجرحى وتدمير 11 طائرة وغلق المطار في وجه الملاحة الجوية ل 48 ساعة ولم يكن السراج بقادر على معاقبة المسؤول عن ذلك الا بمنحه منصبا رفيعا في صفوف الجيش الليبي . صورة تعكس تغول نفوذ الميليشات المتمادية في عربدتها اذا اقدمت فجر امس احدى الميليشات على اختطاف عميد بلدية طرابلس وقبل ايام جرى اختطاف المدعي العام العسكري ورجل اعمال معروف وهو جمعة الاسطى أطلق سراحه فيما بعد .
وهكذا فان اكبر عائق امام داعمي التسوية السلمية هو موضوع الميليشات المسلحة وفرض الامن، وبلا ادنى شك فان جمع سلاح لا يعرف حجمه يتطلب اليات وضمانات ووجود جيش موحد وجهاز امن وجهاز قضاء .تحديات تواجه الامم المتحدة ومن يدعمها لبلوغ القليل من الاستقرار والامن . والسؤال القديم الجديد هل تكفي الاشهر الباقية من 2018 لانجاز هذه المراحل الصعبة ؟. الاجابة المنطقية تؤكد انه من شبه المستحيل انجاز المطلوب، ونجاح غسان السلامة في تحقيق الانتخابات في ظروف عادية انما هو معجزة .