قال الكاتب والمحلل السياسي الروسي اندريه اونتيكوف لـ«المغرب» ان نتائج الانتخابات الرئاسية الروسية التي افرزت فوز فلاديمير بوتين كانت متوقعة نظرا للشعبية التي يتمتع بها بوتين في الداخل, واضاف اونتيكوف ان حملة الاتهامات الدولية التي تواجهها روسيا زادت من تحفيز الشارع على التصويت لبوتين .
• لو تقدّمون لنا قراءتكم للفوز السّاحق الذي حقّقه الرّئيس الرّوسي فلاديمير بوتين في الانتخابات الأخيرة ؟
نتائج الانتخابات الرئاسيّة متوقّعة فلدى فلاديمير بوتين شعبية كبيرة كما ان باقي المرشحين ليست لديهم مثل هذه الشعبية ولم يكن لهم ايضا برامج واضحة سياسيّا واقتصاديا واجتماعيّا .
على كل حال لدى اي ناخب القدرة على التصويت لمرشّح اخر اذا كان يبحث عن تغييرات في السياسة الداخلية والخارجية ،لكن اذا نظرنا الى النموذج الروسي يمكننا الجزم ان اغلب المواطنين الروس مرتاحون ومطمئنون في ظل حكم بوتين وهو ما يزيد من تأكيد صحة نتائج انتخابات الاحد .
فاذا نظرنا الى نهاية القرن الماضي نشاهد فوضى سياسية اقتصادية وأيضا على الصعيد الاجتماعي وذلك تزامنا مع الفترة التي تلت انهيار الاتحاد السّوفياتي ومع وصول فلاديمير بوتين شاهدنا تغيرات جذرية وعميقة داخل روسيا مما ساهم في رجوعها بقوة الى الساحة الدولية وتنامي دورها في القضايا العالمية . لذلك الشعب الروسي مرتاح كما ان اتهامات التزوير مضحكة لان من يعيش في روسيا يعرف ان بوتين يمتلك من الشعبية مايخوّل له النجاح دون اللجوء الى التزوير ، ومثل هذا الاتهامات لا اساس لها من الصحة .
• وكيف سيكون تأثير التوتر بين روسيا والغرب على المشهد الداخلي في سوريا في ظل 6 سنوات جديدة من حكم بوتين ؟
لدى بوتين حاليّا شعبية كبيرة جدا ،كما انها ارتفعت في ظلّ هذا التصعيد الجديد والاتهامات على المستوى العالمي من قبل السلطات البريطانية واتهامها السلطات الروسية بمحاولة اغتيال الجاسوس السابق .
فحتى وان ارادت بريطانيا او الغرب التدخل في الشؤون الداخلية الروسية او عرقلة مصير بوتين فإنها فشلت بكل وضوح ، اذ كلما تصطدم روسيا مع الخطر الخارجي والتهديدات الخارجية فان ذلك يكون ذا مفعول عكسي ويزيد من شعبية الرئيس الحالي . هذا يدلّ على انّ الاتهامات تجاه روسيا اعطت شعبية اكبر مما كانت عليه في السابق للرئيس الحالي .اعتقد ان هذا الخطر الخارجي اضاف نسبة كبيرة من الاصوات لصالح بوتين فالكل يعلم انه من بين كل المرشحين هو الوحيد القادر على مواجهة الغرب والاصطدام معهم .
• كيف ترون الدور الروسي في العالم اليوم ؟
حينما وصل بوتين الى السلطة روسيا كانت غارقة في الفوضى على كافة الاصعدة ، ماتمكن منه بوتين خلال تلك السنوات هو اعادة الاستقرار لموسكو وإعادتها كقوة عظمى على الصعيد العالمي يمكنها مواجهة الولايات المتحدة الامريكية .
فنتائج السياسة الامريكية مابعد انهيار الاتحاد السوفياتي كانت تقوم على التدخل في شؤون الدول الاخرى بدءا بالتدخل في سلوفاكيا والعراق وأفغانستان سنة 2001 وأيضا الربيع العربي ايضا كان منسقا ومنظما من قبل امريكا والتدخل الامريكي في ليبيا وإسقاط الانظمة (رغم انها ذات عدة نواقص) لكن اذا قارنا بين الوضع الحالي والسابق نرى ان ليبيا تعيش فوضى اكثر بكثير مما كانت عليه. موسكو حاليا تحول دون التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، والآن بعد الانتخابات روسيا تصر على فكرة تعدد القطبية والتخلي عن فكرة القطبية الواحدة التي تتمسك بها امريكا .
• كيف ترون العلاقات الروسية الامريكية منذ تولي ترامب الحكم ؟
العلاقات الروسية الامريكية في أسوإ مراحلها على مدار التاريخ حتى بعد نهاية الحرب الباردة ، اليوم نشاهد حربا باردة جديدة، والحقيقة هو أنّ مانشاهده اليوم من شيطنة روسيا اصبحت وسيلة منافسة داخل امريكا بين القوى السياسية الامريكية. كثير من القوى السياسية داخل امريكا تتهم روسيا بأنها اوصلت ترامب الى الحكم إلا انّ النظام الانتخابي الأمريكي مُعقّد جدا وذو عدة مراحل مما يجعل من الصعب لدولة او اخرى ان تتدخل في مجرياتها، لكن كما قلت العداء مع الروسي بات وسيلة منافسة داخلية داخل الولايات المتحدة .
للأسف ماشاهدناه سابقا هو ان الخلافات الداخلية في امريكا تنعكس على الكل لذلك روسيا تصر على تغيير النظام العالمي وترامب في النهاية رجل اعمال يتمسك بهدف واحد .
كل هذا التوتر في العلاقات لاينفي ان العلاقات في حال كانت جيدة ستكون بناءة للجانبين لكن مع الاسف ماتختاره امريكا هو الصدام والخلاف مع روسيا مايجعل موسكو تتمسك بفكر تعدد القطبية ودون شك سنشاهد تغيرات جذرية في العالم خلال الـ6 سنوات القادمة خلال مدة الرئاسة الجديدة لبوتين. لكن ايضا سنشاهد تصعيدا اكبر من الذي شاهدناه في السابق لان امريكا اعتادت بفكر القطب الواحد ولا تستطيع التنازل عنه. العالم يقف على اعتاب مرحلة تغيير النظام العالمي الى نظام عادل اكبر يحترم سيادة ومصالح الدول دون غطاء خارجي.