في المواقف الداخلية والإقليمية نظرا لارتباط هذه القوات الوثيق بإيران . يشار الى انّ القرار ليس بجديد اذ اقر البرلمان العراقي عام 2016 قانونا لإدماج قوات الحشد الشعبي في أجهزة الدولة على أن تكون القوات تحت سلطة رئيس الوزراء مباشرة. ورغم أنّ المرسوم كان متوقعا منذ بعض الوقت إلاّ أن إقراره قبيل شهرين من الانتخابات العامّة في العراق سيحمل كثيرا من التّداعيات سواء على المشهد الانتخابي أو على المشهد السياسي المحلّي والإقليمي والدّولي بصفة عامّة .
وأصدر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الخميس مرسوماً يدمج فيه فصائل الحشد الشعبي (فصائل شيعية) رسميا ضمن القوات المسلحة في البلاد، ويساويها في الرواتب والتقديمات (الرتب). ويقضي المرسوم بأن يحصل مقاتلو قوات الحشد الشعبي، الذين تدعمهم وتدربهم إيران في الأغلب، على الكثير من حقوق أفراد الجيش.وسيحصل المقاتلون على رواتب تتساوى مع ما يتقاضاه أقرانهم من أفراد الجيش كما ستطبق عليهم قوانين الخدمة العسكرية وسيقبل منسبو الحشد الشعبي في الكليات والمعاهد العسكرية ايضا.
«الحشد» وايران
إلاّ ان اقرار المرسوم رسميا امس الاول اثار انتقادات جدية في الداخل العراقي اذ لطالما مثلت مشاركة قوات الحشد الشعبي – ذات اغلبية شيعية قيل أنّها تضم نحو 60 ألف مقاتل، تنتشر في عدة مناطق عراقية ذات أغلبية سنية التي شهدت قتالا عنيفا خلال الصراع الذي استمر ثلاث سنوات لطرد «داعش» الإرهابي- مثلت مشاركتها في الحرب ضد «داعش»، والتي كانت مشاركة ناجحة وفق تأكيدات رسمية عراقية وأيضا دولية اشادت بالدور الذي لعبه الحشد الشعبي في معارك طرد التنظيمات الارهابية من المناطق الواقعة تحت سيطرتها . وتأسست قوات «الحشد الشعبي» في جوان 2014، إثر فتوى من المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني، دعت كل من يستطيع حمل السلاح الى التطوع لقتال قوات «داعش»، بعد انهيار الجيش العراقي في الموصل.ولعل من اهم اسباب المعارضة التي تلقاها هذه الفصائل تتعلق بخضوع اغلبيتها لإيران، سواء عبر التمويل أو تنفيذ التوجيهات والمعارك.
اذ لطالما لاقى الحشد دعوات لحل فصائله وآخرها دعوة امريكية صريحة دعت فيها ادارة ترامب الى حل هذه الفصائل التي تمثل امتدادا للنفوذ الايراني المتنامي في المنطقة وفق ادارة ترامب ، ففي أكتوبر قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إن الوقت قد حان لعودة الفصائل المدعومة من إيران إلى ديارها في ظل هدوء وتيرة قتال تنظيم «داعش». الا ان طهران تحذر من المساس بالحشد معتبرة ان المس بالحشد الشعبي ستكون له تبعات خطيرة .
يشار إلى أن دور الحشد تنامى في العراق بعد مشاركته الى جانب القوات العراقية بالإضافة إلى دعم جوي غربي ، في العملية العسكرية»الفلوجة» سنة 2016 . وهو ماترفضه عدة اطراف دولية واقليمية مثل الولايات المتحدة الامريكية وتركيا والدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
فبالإضافة للدور الأمريكي تؤثّر عدة أطراف أخرى في الداخل العراقي سواء عبر دعم طائفة معينة على غرار الدّعم الإيراني الجليّ لقوات الحشد الشّعبي الشّيعية أو الدور التركي وحربه ضدّ الأكراد خشية توسّع نفوذهم في العراق وتأثير ذلك على المشهد الدّاخلي في أنقرة.
ابعاد وتأثيرات
وحول قرار ادماج الحشد الشعبي صلب القوات العراقية قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي هشام الموزاني لـ«المغرب» انّ هذا القرار يحمل خطورة بالغة لان السنة والأكراد لن يوافقوا عليه وسيعتبرونها ترسيخا لطائفية الجيش .
وتابع محدّثنا ان هذا القرار حاليا هو الان فقط تخصيصات مالية مشابهة لجنود الجيش العراقي وليست دمجا بمعنى الدمج .
وحول ابعاد هذا القرار وأسباب رفضه في الداخل العراقي وعلى الصعيد الاقليمي ايضا اجاب محدثنا ان الرفض بسبب اغلبية ان الحشد شيعة عقائديين أي موالين لإيران . وتابع الموازني «بما ان الحشد الشعبي هو مؤسسة عقائدية اغلبيته من الطائفة الشيعية، فمن المؤكد ان يتحسّس السنّة والأكراد من مثل هذا القرار ، فمن قبل الحشد السنة كانوا يدعون الجيش جيش المالكي او الجيش الطائفي الا ان سكوتهم على وجود الحشد في الفترة السابقة كان بسبب الحرب ضد ‹›داعش» لكن الان بعد طرد ‹›داعش›› الارهابي سيقومون بإعادة النظر في هذا الدور ومن غير الممكن تقبلهم لزج هؤلاء المقاتلين العقائدين صلب الجيش الذي من المفروض انه منظومة احترافية».
واشار محدثنا الى التقرير الذي اصدرته منظمة ‹›بروكين›› ودعوتها الى وجوب القضاء على الاذرع الايرانيّة في العراق ممثلة في الحشد، في اليمن الحوثيين في لبنان هم حزب الله ، مضيفا ان الحل يكمن في تحييدهم لأنه لايمكن القضاء عليهم على حد قوله.
وحول تزامن هذه الخطوة مع الانتخابات العامة في العراق قال الموزاني «ان تأثيرها ايجابي بالنسبة لرئيس الوزراء حيدر العبادي باعتبار ان حلفاء العبادي هم الحشد ، وهو مايعني ان ايفاءه بهذه الوعود تجعل من قادة الحشد هم حلفاءه داخل قبة البرلمان وطبعا هذا يزيد من شعبيته ».