القيادة العامة في بلاغ صادر في الغرض أنّ برنامج الزيارات- وهي الثانية من نوعها -يتضمّن لقاء مع وزير الخارجية انجيلوني الفانو ومن المتوقّع ان يجري حفتر لقاء آخر مع وزير الداخلية بالحكومة الايطالية .
في ذات السياق أفادت مصادر مقربة من الحكومة المؤقتة في طبرق بان ملفات الهجرة ومحاربة الإرهاب وتبادل المعلومات سيقع بحثها خلال الزيارة التي يؤديها حفتر للعاصمة الايطالية روما ، كما سيتم تدارس تطورات الأزمة الليبية الراهنة والعقوبات التي تعترض خريطة الطريق الأممية .
وسوف تسعى ايطاليا لمعرفة موقف حفتر النهائي من الانتخابات العامة القادمة ودوافع وأسباب تحرك أنصار حفتر برفضهم إجراء الانتخابات في إقليم برقة، حيث عمد تنظيم حراك 17 ديسمبر مؤخرا لإزالة معلقات مفوضية الانتخابات .وطالب بتفويض المشير حفتر لتولي رئاسة ليبيا لفترة 4 سنوات والانقلاب على العملية السياسية .
ويرى مراقبون إلى أن رفض إقليم برقة للانتخابات ووقوف أنصار حفتر خلفه هو الذي اجبر ايطاليا على دعوة حفتر اي زيارة روما والسؤال المطروح هو ما الذي بإمكان الحكومة الايطالية تقديمه لحفتر حتى يرضخ لإرادة المجتمع الدولي ويدعم الانتخابات وماهي الضمانات التي قد يطلبها قائد الجيش ؟
الدور الايطالي في ليبيا
بداية لابد من الإشارة إلى أن ايطاليا لاعب مؤثر على الساحة المحلية الليبية لعدة أسباب، فهي تتمتع بعلاقات قوية مع طرابلس ولها تواجد عسكري في مصراتة إضافة إلى طرابلس. وفي ذات الوقت هي على تواصل مع سلطات طبرق وحتى الخلافات مع طبرق نجحت روما في تجاوزها سريعا بفضل جهود سفيرها لدى طرابلس .
مخاوف حفتر معروفة فهو لا يثق في تيار الإسلام السياسي لذلك هو يتمسك بقيادة المؤسسة العسكرية ،وهنا تبدو ايطاليا واثقة من قدرتها على طمأنة المشير وأنصاره بإلغاء منصب وزير الدفاع في الحكومة القادمة وإحداث مجلس أعلى للدفاع حفتر ضمنه ، وربط اصدار قرارات عسكرية بمصادقة مجلس النواب . مخاوف حفتر من تيار الإسلام السياسي لا تقف عند حدود السيطرة على الجيش، بل انه يخشى من تتبعات قد تلاحقه من جماعة الإخوان لذلك سيطلب ضمانات دولية في الغرض ، ويدرك قائد الجيش أن إجراء الانتخابات ليس في صالحه خاصة غرب ليبيا وطرابلس ،حيث تسيطر جماعة الإخوان عبر مجموعاتها المسلحة على كل تلك المناطق وبالتالي لا حظوظ للمرشحين الداعمين للجيش في الفوز بمقاعد في البرلمان القادم ونفس الشيء للمرشح لرئاسة الدولة.
الواقع أن ايطاليا نفسها لا تدعم بصفة مطلقة الانتخابات في حين نجد بريطانيا حليف تنظيم الإخوان لإجراء الانتخابات لوثوقها في فوزه ، وبذلك تنجح في توطين هذا التنظيم في ليبيا بعد ما انكسرت شوكة إخوان مصر وتقلص حجم نفوذهم في تونس والمغرب الأقصى ولو بدرجة اقل. ويجمع المتابعون على أن بريطانيا رغم اكتوائها بأذى نار الإرهاب وارتباط منفذي العمليات الإرهابية في لندن بأطراف من تيار الإسلام السياسي داخل ليبيا ،وتوتر العلاقة مع الجماعة الليبية المقاتلة وأساسا بالمدعو عبد الحكيم بالحاج فإنها رغم ذلك لن تتخلى عن جماعة الإخوان المسلمين تحت أي ظرف .
انقسام حول تيار الاسلام السياسي
نلاحظ أن الدول الكبرى منقسمة المواقف بين داعم لتيار الإسلام السياسي وشق ثاني داعم للتيار المقابل شرق ليبيا ،وشق ثالث يقف بين الموقفين فالولايات المتحدة تدعم كلا الطرفين في ذات الوقت وتساند خارطة الطريق الأممية واستقبلت السراج مؤخرا لكن لم تقدم له شيئا يذكر وتتواصل سرا مع حفتر وطبرق .
كما أن الولايات المتحدة لم تضع الحلف الليبي ضمن أولويات سياستها الخارجية وكأن إدارة ترامب تريد إطالة أزمة ليبيا فهي تتدخل فقط عند تعرض مصالحها للخطر. روسيا أيضا تتواصل مع الطرفين ولئن ظهر قربها من حفتر في عدة مواقف فان ذلك التقارب لم يتجسد على الميدان حيث أن روسيا لم تنفذ وعودها مطلقا إذ سبق لها أن تعهدت بتنفيذ اتفاقات بيع السلاح الموقعة قبل 2011 بليبيا ولم تفعل. ضبابية وغموض موقف القوى الكبرى في التعامل مع تيار الإسلام السياسي ومستقبله بعد الانتخابات العامة ونوع الضمانات للأطراف المتصارعة على السلطة هو الذي اوجد تخوفات لدى طرفي الصراع في ليبيا، فكلا الطرفين يريد ضمانات دولية حقيقية وإجابات مقنعة عن أسئلة واستفهامات تيار الإسلام السياسي وجماعة الإخوان غير المستعدة للتفريط في مكاسبها ولتيار الدولة المدنية الذي يرى نفسه دفع النفس و النفيس شرق البلاد .وسط هذه التجاذبات لزام على بعثة الأمم المتحدة ومن خلال رئيسها إيجاد الحد الأدنى من الثقة بين طرفي الصراع والبحت عن ضمانات واضحة ودون ذلك لن يكون سهلا إجراء الانتخابات .
ماذا في لقاء احمد أبو الغيط و السراج؟
في إطار تطورات الأزمة السياسية الراهنة وفي سياق زيارته للقاهرة التقى فائز السراج رئيس الرئاسي لحكومة الوفاق احمد أبو الغيط أمين عام الجامعة العربية، حيث جرى تدارس أخر مستجدات الملف الليبي وتقدم تنفيذ خارطة الطريق الأممية وجهود الجامعة العربية لدفع عملية السلام في ليبيا .وجدّد أبو الغيط التزام الجامعة العربية بالسعي لتقريب وجهات نظر الفر قاء دون تدخل أو فرض ضغوطات والحرص على أن يكون الحل ليبي-ليبي وأكد أبو الغيط للسراج رهان الجامعة العربيّة على عقلاء القبائل وترفع الجميع عن صغائر الأمور والحفاظ على سلامة النسيج الاجتماعي وأحقية الليبيين في دولة ديمقراطية تسع الكل .
من جانبه عبر فائز السراج عن إكباره لجهد جامعة الدول العربية لدعم جهود إعادة الأمن والاستقرار لبلاده سواء من خلال اللجنة الرباعية أو عبر عمل بعثتيها لدى ليبيا أو الجهود التي يقوم بها أمينها العام أبو الغيط ضمن نشاطاته وزياراته الخارجية كما أشاد السراج بما تنجزه لجنة الأزمة المصرية في سياق توحيد المؤسسة العسكرية .