المعروفة اعلاميا باسم «جماعة الحوثي» على موكبه في العاصمة صنعاء، وذلك في أخطر تطوّر تشهده ساحة «الحرب» في هذا البلد الّذي يشهد منذ سنة 2011 اقتتالا داخليّا عنيفا تلاه تدخّل عسكري خارجي تقوده المملكة العربيّة السعوديّة تحت مسمّى «التحالف العربي لدعم الشرعيّة» المتمثّلة في الحكومة برئاسة عبد ربه منصور هادي . ويزيد مقتل علي عبد الله
صالح في هذا التوقيت من قتامة المشهد اليمني ويفتح الباب على مصراعيه أمام واقع ومُستقبل ضبابي يٌقبل عليه «اليمن السّعيد» محليّا وأيضا يحمل معه بذرات اقتتال قد يزيد من إشعال المشهد الاقليمي المتفجّر بطبيعته .
وبثت شبكات تليفزيونية عالمية ومحلية في اليمن صورا وفيديو للرئيس اليمني السابق على عبدالله صالح مقتولا بعد ان تضاربت الانباء في وقت سابق حول مدى صحة مقتله. وأكّد مسؤولون في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح مقتله خارج صنعاء فيما قالت مصادر في جماعة الحوثي إنّه هجوم بالقذائف الصاروخيّة والرّصاص على سيارته.
إلاّ أنّ مصادر يمنيّة أكّدت أيضا أنّ مقتل صالح تم اثر ملاحقة مقاتلي الحوثي لموكب الرئيس اليمني السابق مما أدى إلى مقتله رفقة عدد من مرافقيه في حين تقول مصادر أخرى أن نجله علي عبدالله وقع في قبضة «انصار الله» او مايعرف بجماعة الحوثي « بالإضافة الى مقتل الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي ياسر العواضي.
اثر هذه التطورات الخطيرة أطلق الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عملية عسكرية لاستعادة العاصمة صنعاء ، بدعم من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية، حسب ما أعلنته الرئاسة اليمنية.
تحالف مرّ اخره انقلاب
وتأتي هذه التطوّرات في اليمن بعد نهاية أسبوع دامية قتل فيها المئات في مواجهات عنيفة ودامية بين جماعة «انصار الله» او مايعرف اعلاميا بجماعة «الحوثي» ومناصري الرئيس السابق علي عبد الصالح رئيس المؤتمر الشعبي اليمني في خطوة اعتبرت انفراطا للتحالف بين صالح والحوثيين، اللذين كانا يخوضان حربا ضد قوات التحالف العربي بقيادة السعودية منذ مارس 2015. واشتعلت اشتباكات عنيفة بين الجانبين السبت، في خطوة زادت من تفجّر الوضع الأمني في صنعاء وأدخلت البلاد في نفق مُعتم عنوانه الاقتتال والفوضى السياسية والأمنية .
ولئن شهدت علاقة التّحالف المريبة الّتي بدأت سنة 2015 بين الرّئيس السابق علي عبد الله صالح وجماعة «الحوثي» عدة اهتزازات نظرا للخلافات المتنامية التي كانت تنخر هذا التّعاون من الدّاخل ، فقد جاءت مواجهات السبت لتضع حدا للمواجهة المؤجلة بين الطرفين وترفع الغطاء عن التّحالف الهشّ بين صالح و«أنصار الله» .
هذا الخلاف احتدم مؤخّرا بعد سيطرة أنصار صالح على منشآت حسّاسة في العاصمة صنعاء مما خلّف اشتباكات دامية مع جماعة الحوثي المدعومة من ايران ، خاصة وان خطوة صالح الاخيرة قبل مقتله كانت بمثابة الانقلاب على حليف الامس بعد اختياره التوجه نحو طلب ودّ دول الخليج على حساب اتفاقية التعاون التي كانت بينه وبين «أنصار الله» .
المشهد اليمني مابعد صالح
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني محمد عامر في تصريح لـ«المغرب» أنّ «علي عبد الله صالح كان يمتلك شبكة واسعة من العلاقات وبمقتله تكون نصف الأزمة اليمنية قد اقتربت من الحلّ ، وآن الأوان الآن ليتحد الجميع أنصار صالح والشرعية والتحالف للخلاص من ميليشيا الحوثي كونها تمثل انقلابا على الجمهورية وذراعا يهدد الأمن الإقليمي العربي ،وأعتقد سيكون مقتل صالح دافعا للمزيد من تعزيز لحمة القوى الجمهورية في مواجهة ميليشيا الحوثي وسيدخل انصار المؤتمر الشعبي العام الحرب بشكل جدي وحقيقي».
وعن الانباء الّتي رافقت تحرك صالح - قبل مقتله - عن وجود دعم سعودي اماراتي له مقابل انقلابه على الحوثيين قال محمد عامر ان «هناك صفقة سياسية تمت بين التحالف والشرعية من جهة وبين صالح وأنصاره للخلاص من ميليشيا الحوثي، وتمثل ذلك في الإسناد الإعلامي من القنوات التّابعة للتّحالف والإسناد الجوي لصالح من قبل طيران التحالف وبيان الرئيس مع مستشاريه الداعم لصالح في مواجهة الميليشيا الحوثية ذراع إيران في المنطقة».
وعن المشهد المقبل قال محدّثنا استطاع إحداث اختراق كبير في بنية «تحالف الانقلاب» هذا الشرخ توسّع بشكل كبير بعد مقتل صالح ونقل الصراع بين القوى الجمهورية والملكية ،حيث كان صالح يمثل غطاء سياسيا للحوثيين مكنهم من التغول والتغلغل في الكثير من المدن اليمنية أمّا الان فلم يعد ثمة مجال سوى توحد اليمنيين بكل قواهم في مواجهة ميليشيا الحوثي الأماميّة وفق تعبيره . وبخصوص الدور الخارجي في اليمن وتأثيره على مساعي حل الازمة اليمنية قال الكاتب والمحلّل السياسي انّ «العوامل الداخلية ستلعب دورا كبيرا في توحيد اليمنيين او القوى الجمهورية بشكل أدق بعد مقتل صالح ، ولا بدّ من تأثير الدور الخارجي لكني أعتقد أن تأثير التحالف سيكون بشكل أكبر كونه نقل الصّراع إلى داخل محور الانقلاب وأحدث اختراقا كبيرا ‹› . وتابع عامر القول ان «للسّعودية علاقات واسعة مع مشائخ قبليين يمنيين خلال السنوات الخمسين الماضية ،غير أن السعودية الآن مدعوة الى دعم بناء الدولة الوطنية الاتحادية الديمقراطية بدلا من دعم الاجندات التي تعزز نفوذها على حساب الدولة ودور إيران مؤثر وما صعود الحركة الحوثية إلا نتيجة هذا الدعم الإيراني».
حول هذه التطورات في اليمن ودور حكومة عبد ربه منصور هادي في المشهد الراهن أجاب محدّثنا أنّه باستثناء الدور الإعلامي المساند لصالح لا يوجد تحرك حقيقي من قبل هادي وحكومته على الأرض، وأكّد «ربما ذلك بفعل تمكن الإخوان المُسلمين من السّيطرة وبشكل كبير على الجانب العسكري وتحريك الجبهات وفقا لمصالحهم ،ارجو أن تتحرك قوات الجيش الوطني بشكل جدي نحو صنعاء لتحريرها وبقية المحافظات من ميليشيا الحوثي» .
اليمن ساحة اقتتال إيراني سعودي
ويؤكّد متابعون أنّ اليمن يمثّل منذ عقود طويلة ساحة حرب بالوكالة بين دول الخليج (على رأسهم السّعودية ) من جهة وإيران من جهة اخرى . اذ تدعم طهران ميدانيا وماليا ولوجستيا جماعة الحوثي . ويزيد ذلك من حدّة المواجهة بين ايران والسعودية حول النفوذ في الشرق الاوسط علما وان العداء التاريخي بين الجانبين متجسد على الميدان في اكثر من بلد اولها اليمن ثم العراق وسوريا وأيضا لبنان .
ويأتي تفجر الوضع اليمني من جديد ليزيد من قتامة المشهد الراهن الذي تمر به المنطقة العربية ، فالى جانب الاتّهامات الموجهة لإيران بدعم الحوثي بالمال والعتاد تواجه المملكة العربية السعودية اتّهامات أممية واسعة النطاق بقتل المدنيين في غارات شنها التحالف الذي تقوده منذ سنة 2015 والّذي يرى متابعون انه لم يكن بالنجاعة المطلوبة .
من هي جماعة «الحوثي» ؟
ظهرت حركة الحوثيين منذ سنوات كرقم أساسي في المعادلة السياسيّة اليمنيّة. فمن هم الحوثيون؟ وما هي مطالبهم؟ هم «جماعة دينية شيعية تقوم علی ولاية الإمام وتتبع الطريقة الاثني عشرية علی غرار النموذح الإيراني». تولى بدر الدين الحوثي قيادة الحركة بعد مقتل زعيمها نجله حسين الحوثي، في 2004. هي حركة مدعومة من ايران.
وهناك من يرى «أن الحوثيين يسيرون علی خطی حزب الله اللبناني ولو أنّ الجماعة لم تعلن تحولها حتی الآن إلى حزب سياسي معترف به لدی السلطات، لكنها تستعير اسما حديثا دخلت به مؤتمر الحوار الوطني عرف بمكون «أنصار الله».
وتتهم صنعاء الحوثيين بتلقي الدعم من إيران ومشاركة «حزب الله» اللبناني في مشروع إقامة «الهلال الشيعي» في المنطقة. الأمر الذي ينفيه الحوثيون الذين يؤكدون بقاءهم على المذهب الزيدي رغم اتفاقهم مع الاثني عشرية في بعض الأمور.والزيدية، نسبة إلى الإمام زيد بن علي، هي إحدى فرق الشيعة الثلاث: الزيدية والاثني عشرية والإسماعيلية. ولكن «الزيدية أعدلها وأقربها إلى مذهب أهل السنة»، بحسب تفسير المهتمين. ويتمركز المنتسبون إلى هذا المذهب في الجزء الشمالي من البلاد.