ماهو السّيناريو الذي يُعدّ لسوريا؟

على عتبة الازمة سوريا توجد تحولات متوقعة لا بد أن يكون لها تأثير على مجرى الأحداث في سوريا، أهمها انعقاد القمّة السوريّة الروسيّة

بعد تحرير الجيش العربي السوري مدينة البوكمال، آخر موقع لداعش الإرهابية، وتلخّص هذه القمة بدقّة حاضر سوريا ومستقبلها، وتؤكّد أنّ الرئيس الأسد باقٍ في السّلطة، كما تحمل في طيّاتها رسائل إلى من يهمّه الأمر بأنّ علاقات الشراكة الإستراتيجية القائمة بين سوريا وروسيا قوية، وخارج المساومات والصفقات، وهي زيارات تعطي الإنطباع بوجود دور روسي جديد في الأزمة السورية.

في هذا الخصوص رصد المراقبون العديد من المؤشّرات التي تشير إلى دور بارز للوساطة الروسية من أجل التوصل لحل سياسي للأزمة السورية يجنّب المنطقة حربا إقليمية ممتدّة، فروسيا تملك من الرصيد الإستراتيجي ما يؤهلها للقيام بمبادرة دبلوماسية خلاقة لحل الأزمة السورية، إذ انفضت قمة سوتشي التي رعتها واحتضنتها روسيا الأربعاء الماضي بالإعلان عن اتفاق بين الرؤساء، الروسي فلادمير بوتين والتركي رجب الطيب اردوغان والإيراني حسن روحاني، على عقد مؤتمر للحكومة والمعارضة المسلحة في روسيا، وأكد الرئيس الروسي: « أن مرحلة جديدة في تسوية الازمة السورية تبدأ ما تحاول روسيا تحقيقه اليوم، من خلال عقد مؤتمر سوتشي، هو على الغالب، إتمام الدرجة الأخيرة من سلم عملية التسوية الخاصة بالأزمة السورية، من خلال تجميع الفصائل، بشتى فصائلها، حول مشروع وطني يصب في صالح رؤيتها» وبالمقابل رحبت الحكومة السورية بالبيان الختامي للقمة الثلاثية معتبرة أن القمة تأتي استكمالاً للقمة السورية الروسية.

وعلى الجانب الأخر تصورت إدارة الرئيس أوباما أن الأزمة السورية أزمة عادية وتملك مفاتيحها، ويمكن علاجها بأسلوب الإستقطابات التقليدية، وتدخلت فيها بأداوت مختلفة، وإنتظرت سقوط الثمرة في حجرها كنتيجة طبيعية لنضجها، وبعد عدة سنوات، كادت الثمرة تسقط في حجرها، لكن روسيا نجحت عبر سلسلة المحادثات إقصاء أو تقزيم دور أمريكا من خلال إعلان موسكو الذي تلته مؤتمرات الآستانة، في ترويض القوى الإقليمية الفاعلة في سورية، وتخطي عقباتها من خلال تحويل بعضها، لدول شريكة أو بالأحرى وكيلة لتبادل الأدوار معها في عملية الحل، كتركيا وإيران، وبالتالي إحداث تمزق واضح المعالم في صفوف فصائل المعارضة المسلحة، لا سيما المدعومة من تركيا، في إطار ذلك لم تتمكن الإدارة الأميركية من الإمساك بزمام الأمور كما تخيلت، بل باتت مهددة بمزيد من الإنفلات عقب ارتفاع معدل التداخلات الدولية والإقليمية بين بضعة أزمات في المنطقة والأزمة السورية.

كل المعطيات والمشاهد على الساحة السورية اليوم، توصلنا لنتيجة لا تقبل الشك، وهي ان دولة الخرافة داعش وأخواتها تلاشت وان نهايتها باتت ادنى من حبل الوريد بفضل التطورات الميدانية التي أحرزها الجيش السوري وحلفاؤه على الأرض خلال الشهور القليلة الماضية.في إطار ذلك فإننا على يقين تام بأن الحوار السياسي أصبح اليوم هو المطلب الوحيد في الأزمة السورية، فروسيا تسعى الى تقريب وجهات ومواقف القوى والأطراف المعنية بتطورات الأزمة وتداعياتها، وهو دور يماثل ما تقوم به الدول الاخرى،هذا مما سيوسع من دائرة الحوار وربما سيغير المواقف الرافضة لهذا الحوار، فهناك مؤشرات إيجابية من عدد كبير من قوى المعارضة المسلحة السورية في الداخل والخارج بضرورة المشاركة في الحل السياسي، وإنطلاقاً من ذلك أعتقد أن سوتشي هي نقطة انطلاق نحو إيجاد تسوية شاملة للأزمة السورية قبيل انتهاء العام الجاري.

مجملاً... إن الوحدة الداخلية السورية ضرورة وطنية لمواجهة التدخل الخارجي والتيار التكفيري، لحفظ وحدة سورية وموقعها القومي والإسلامي، وإحباط المشروع الغربي لبناء الشرق الأوسط الجديد، فالتحرك الروسي هام وضروري، وبارقة أمل كبيرة في الخروج من النفق المظلم والتوصل إلى حل سياسي يعطي الثقة للشعب السوري في الخلاص من الإرهاب والقضاء عليه، وخطوة مهمة باتجاه فتح الطريق للحوار بين مختلف المكونات السورية، وإنطلاقاً من ذلك فإن التطورات والمشهد المعروض يشير إلى أن الأيام القادمة ستشهد تبدلاً كبيراً على الساحة السورية، خاصة ان الطرح الروسي لحل الملف السوري يدعمه التوافق الإيراني والدول الصديقة المختلفة، لذلك لا بد للسوريين من إقتناص الفرصة المناسبة لإنقاذ سورية وإنهاء أزمتها الشائكة.

وأختم بالقول..... أن التحركات التى تقودها روسيا بالتشاور مع عدد من الدول الإقليمية والدولية، تؤكد بما لا يدع مجال للشك أن الأزمة السورية باتت على أعتاب الحل عبر العملية السياسية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115