ولتجاوز النكسة بادر غسان سلامة بإرسال مستشاريه إلى مقر جلسات التفاوض للاجتماع مع رئيس لجنتي الحوار عبد السلام نصية وموسى فرج، حيث طالب المستشار من المعنيين اقناع زملائهما باستئناف الجلسات لكن الإشكال وكما يعلم الجميع هو وجود أعضاء متشددين ضمن وفدي الأعلى للدولة والبرلمان الذين قدموا الى تونس من أجل خوض جولات ضاع فيها الجهد بحثا عن المناصب والمكاسب، وغاب عنهم تأكيد المبعوث الأممي على أن المطلوب من التفاوض هو صياغة نصوص متفق عليها لتعديل الاتفاق،فمسألة إيجاد غرفة برلمانية جديدة لن يتم قبولها و مسألة منح الثقة للحكومة هي اختصاص صريح للبرلمان .
ومما زاد من تعقيد الأمور هو رفض الأعلى للدولة السماح بانضمام مجموعة الـ 94 تيار الاسلام السياسي، وبالتحديد جماعة الإخوان المسلمين التي تخشى اختلال التوازن صلب الاستشاري لغير صالحها بعودة مجموعة 94 ،لذلك سوف يرفض تيار الإسلام السياسي توسيع الاستشاري إلى حين قبول ايجاد غرفة برلمانية اضافية. مارطون حوار تونس انطلق سريعا وباعثا على التفاؤل لكن سريعا ما تعطّل وعاد لنقطة البداية مما يستوجب بذل المزيد من الجهد من بعثة الأمم المتحدة التي تراهن وتعوّل على وعي الليبيين بأهمية إنهاء الأزمة بأسرع ما يمكن وتقف ضدّ التدخّل والضغط على لجنتي الحوار .
هذا النهج تبناه غسّان سلامة منذ تسلمه لمهامه على رأس البعثة ، لكنّ الذي حصل في الساعات الأخيرة من خلال استنجاد وفد الأعلى للدولة بالسفير البريطاني لدى ليبيا وطلب تدخّله وربّما نصائحه سوف تحرج المبعوث الأممي ، كما أنّ خطوة كهذه سوف تستفز وفد مجلس النّواب وتزيد من إتساع الفجوة بين الفرقاء .
المحصلة أنّ الأزمة السياسيّة الليبيّة تقف بعد انتكاسة حوار تونس في مفترق الطرق وغسّان سلامة يواجه أوّل امتحان حقيقي منذ اطلاق مبادرته. ويرى متابعون لمسيرة الرجل بأنّه بإمكانه تجاوز العقبة و أنّه بعكس ما يروج له ملم بمزاج الليبيّين ولا يمكن إتهامه بالتقصير في تشخيص الحالة الليبية ، فسلامة زار وتحوّل إلى عديد المدن داخل ليبيا وحاور واستمع الى شرائح متعدّدة واستدعى عمداء البلديّات و التبو والطوارق .
خارج ليبيا زار غسان سلامة دول الاقليم والجوار، وكانت الغاية سماع وجهات نظر حلّ الأزمة والهدف مصلحة ليبيا والليبيين ولربما ما بقي القيام به من طرف المعني هو الاستئناس بوجهة نظر الجامعة العربية ، زد على ذلك أنّ الجامعة العربية ووفق ما أكّده أمينها العام أحمد ابو الغيط تضع في أعينها فقط مصلحة الشعب الليبي وترفض الجامعة العربية أي تدخّل أو ضغط على الفرقاء مهما كان شكله.
وكل هذا الذي سبق من شأنه دفع المبعوث الاممي للتواصل مع الجامعة العربية كما يمكن لغسّان سلامة التعويل على جهود لجنة الأزمة المصرية الخاصة بتوحيد الجيش الليبي والبناء على ما جرى انجازه طالما أنّ مجلس الأمن الدولي في اجتماعه الأخير دعا إلى وضع كل المبادرات حول ليبيا تحت مظلّة الأمم المتحدّة ، قد يكون المبعوث الأممي قام وفعل هذا الذي سبق ذكره غير أنّ الطيف المساند لسلامة يرى ضرورة تكثيف التواصل مع الاطراف التي لا مصلحة لديها في ليبيا سوى مصلحة أبناء ليبيا .