خاصة وان اغلب الاراء تعتبر الخلاف الخليجي هو في الاصل حرب بالوكالة بين اطراف اقليمية وأخرى دولية .
تختلف ادوار الاطراف الخارجية في الازمة الخليجية وتتراوح من محاولات تركيا للوساطة الى دعم ايراني واضح للدوحة، مقابل مساندة امريكية معلنة للسعودية، فيما يبقى العراق الذي يحاول النأي بنفسه عن الازمة محور شد وجذب بين هذه الاطراف خاصة منها الرياض التي تحاول وفق متابعين للشأن الخليجي كسب تأييد بغداد وضرب النفوذ الايراني هناك من خلال خلق تقارب مع حكومة العراق.
وفي هذا السّياق يرى مراقبون أنّ استقبال المملكة العربيّة السّعودية لقيادات شيعيّة في الاونة الاخيرة وعلى رأسهم المرجع الشيعي مقتدى الصدر ولقاءه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ، انما يتنزل في اطار استراتيجية سعودية لكسب ود القادة الشيعة في العراق والتاثير على الدور والنفوذ الايراني في العراق الذي يعتبر احد اهم مناطق النفوذ التي تحارب طهران لعدم خسارتها.
خفايا زيارة الصدر الى السعودية
من جهته قال الكاتب والمحلّل السياسي العراقي منتظر ناصر في حديثه لـ«المغرب» انّه لا يمكن أن ننظر الى زيارة مقتدى الصدر للسعودية على انها زيارة عادية او يمكن تشبيهها بزيارات أخرى سابقة، لأن الظرف السياسي اليوم في العراق والمنطقة مختلف تماما عن سابقه وفق تعبيره.
وتابع محدّثنا «أشيع كثيرا أن الزيارة تهدف الى اقامة تحالف شيعي وطني عروبي في العراق، للحد من النفوذ الايراني المتصاعد في هذا البلد المثقل بتركات الحروب الخارجية والداخلية، ويمكن أن ينضم الى هذا التحالف رئيس الوزراء حيدر العبادي ونائب رئيس الجمهورية (ورئيس الوزراء الاسبق) اياد علاوي، بالإضافة الى عمار الحكيم زعيم احدث حزب عراقي أفرزته مرحلة تفتت الأحزاب الكلاسيكية».
وتابع محدّثنا ان هذه الفرضية تبدو معقولة الى حد ما، اذا ما نظرنا الى خلفيات الأمر على حد قوله، حيث يتمتع الصدر بنظرة مختلفة عن ايران دائما، بالإضافة الى ظهور رئيس الوزراء العبادي بمظهر الحاجز أمام رغبة بعض فصائل الحشد الشعبي بالتمدد داخل وخارج الاراضي العراقية، في خطوة تتضارب مع المصالح الايرانية في المنطقة، في وقت يمكننا أن نعد انشقاق الحكيم عن المجلس الاعلى الاسلامي، المؤسس من قبل ايران 1982 كأكبر ضربة يوجهها الزعيم الشاب الى سياسة الدولة الجارة، في حين يعرف الجميع توجه علاوي من ايران التي لم يزرها ولا مرة رغم توليه منصب رئيس الوزراء وتلقيه دعوة رسمية لذلك وفق تعبيره.
واعتبر ناصر ان هذا التوجه قريب الى حد ما من رؤية المرجع الديني الأعلى للشيعة في العالم السيد علي السيستاني الذي لم يخف استياءه من التغلغل الايراني على حساب المصلحة الوطنية للبلاد.
تغير النظرة السعودية للعراق
وعن الاستراتجية السعودية الجديدة في العراق قال محدثّنا ان ذلك يأتي في ظل بوادر تغيّر سياسة السعودية التي لم تعد تنظر الى العراق وفق النظرة الاملائية السابقة، بل بدأت تدرك وضع العراق الجديد، الذي لا يمكن أن يكون تابعا لها أو لغيرها، خصوصا بعد فشلها في ادارة الملف اليمني والسوري.
وتابع «لذا فهي تجرب الآن مدّ يد العون لبعض قادة الشيعة الذين لم يدوروا في فلك إيران ،لمساعدتهم على الاقل في الوقوف بعيدا عن ايران حتى مع عدم التطابق الكامل مع وجهة النظر السعودية، وهذا توجه جديد للمملكة يقوده ولي العهد السعودي محمد بن سلمان».
واعتبر ناصر ان هذا التحرك يهدف الى تغيير الخارطة السياسية في العراق وقد ينجح في ايقاف التدخل الايراني بصياغة الحكومة المقبلة التي لم يكتب لسابقاتها الظهور الا بائتلافات تتضمن تأييد احزاب وكتل سياسية قريبة من ايران.