المالية الخليجية التي شهدت توترا وانهيارا في اسعار البورصة ..وبحسب البيانات الرسمية فان قطع العلاقات جاء بسبب تدخل قطر في الشؤون الداخلية ودعم الارهاب ..وجاء هذا الاعلان اسبوعا بعد زيارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب الى المنطقة وما اعقبها من ازمة كلامية بين الدوحة وجيرانها الخليجيين بسبب تصريحات نسبت الى اميرها تميم بن حمد آل ثاني الشهر الماضي قال فيها إنه من غير الحكمة معاداة إيران ورفض تصعيد الخلاف معها.
وأعربت وزارة الخارجية القطرية عن الأسف لقرار السعودية ومصر والإمارات والبحرين قطع العلاقات الدبلوماسية معها. واعتبر بيان وزارة الخارجية ان قطر تتعرض الى حملة تحريض تقوم على افتراءات. وقالت الوزارة «إن الادعاءات التي وردت في بيانات قطع العلاقات التي اصدرتها الدول تمثل سعيا مكشوفا يؤكد التخطيط المسبق للحملات الاعلامية التي تضمنت الكثير من الافتراءات».
أسباب عديدة
«تهديد الأمن القومي» ...دعم الجماعات المتطرفة ..والتدخل في الشأن الداخلي للدول ..ابرز الحجج التي ارجعت اليها الدول اسباب قطع العلاقات مع الدوحة .. فقد ذكرت وزارة الخارجية المصرية في بيان أن «الحكومة المصرية قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر في ظل إصرار الحكم القطري على اتخاذ مسلك معاد لمصر، وفشل كافة المحاولات لإثنائه عن دعم التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم الاخوان الإرهابي، وإيواء قياداته الصادرة بحقهم احكام قضائية في عمليات ارهابية استهدفت امن وسلامة مصر . من جانبها قررت الرياض إغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية ، ومنع العبور في الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية السعودية»، لأسباب تتعلق بالأمن الوطني السعودي بحسب ما ذكر مصدر حكومي سعودي.
وتجدر الاشارة الى ان هذه الدول لطالما اتهمت الدوحة بدعم واحتضان جماعات ارهابية مثل تنظيم الاخوان المسلمين و»داعش» وغيرها... واللافت كان رد الفعل الايراني الصادر عن مكتب الرئيس الايراني حسن روحاني امس والذي ذكر فيه إن قرار بعض الدول الخليجية قطع علاقاتها مع قطر لن يساعد في حل الأزمة المعتملة في الشرق الأوسط. وابرز المعارضين لهذا الحصار الدبلوماسي كان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الذي اعلن خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الالماني «إن هذه التطورات اصابت الجميع بالحزن، ونحن مستعدون لإعطاء كل الدعم المطلوب لحل الخلافات.» ويرى البعض ان صدور القرار بعد القمة السعودية الامريكية يؤشر الى ان الرياض قد اخذت ضوءا اخضر من الولايات المتحدة للسير بعيدا على طريق الضغط على قطر وتضييق الخناق عليها سياسيا واقتصاديا في محاولة لكف يدها عن الجماعات الارهابية التي تتهمها هذه الدول بدعمها..
ومن المتوقع ان تكون لهذه الخطوة تداعيات ونتائج سياسية وأمنية تتعلق اساسا بالحلف العربي على الارهاب الذي تشارك فيه قطر وأيضا بالقضايا التي تحاول فيها هذه الدول اخذ دور فاعل فيها ..وحقيقة الحال فان هذه الخطوة لم تكن مفاجئة لعديد المراقبين بالنظر الى سنوات التنازع والصراع والنزاع السياسي بين قطر والمملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج بسبب توجه الدوحة لأخذ زمام المبادرة في عديد الملفات وهو ما يهدد الدور الذي لطالما لعبته الرياض في المنطقة ..ويأتي هذا القرار ايضا ليكشف النقاب عن ملامح الاحلاف القائمة في الشرق الاوسط بين دول الاقليم ، فهناك الحلف الخليجي المعادي لإيران بقيادة سعودية وانضمت اليها مصر، في مقابل الحلف الذي تتزعمه قطر وهو الداعم تاريخيا لحركات التنظيم الاخواني وشكل له حاضنة على مدى الاعوام الماضية.
مستقبل مجلس التعاون الخليجي
لعل السؤال الاهم بعد هذه التطورات المتسارعة يتعلق بمستقبل هيكل اقتصادي وسياسي هام هو مجلس التعاون الخليجي ..هنا يشير الباحث السوري زيد سفوك في حديثه لـ «المغرب» الى ان مستقبل دول الخليج في خطر منذ ان تم تأسيس مجلس التعاون الخليجي فالقوى العظمى لا تسمح بقيام أي تحالف خارج اطار مصالحها ، وأضاف:«لقد دمروا مجلس الامن الدولي من خلال تعطيله بقانون الفيتو ومن ثم تعطيل هيئة الامم المتحدة من خلال تهميش قراراتها وعدم استخدام القوة الا لتنفيذ ما يخص مصالحهم في الشرق الاوسط، ومن ثم جامعة الدول العربية وقراءة نعوتها حتى باتت لاشيء ، والآن جاء دور انهاء مجلس التعاون الخليجي» .
فيما يخص تأثير كل ما جرى على الملفات الخاصة بدول المنطقة فقد بات واضحا ان امريكا وروسيا توصلتا لاتفاق فيما بينهم بوضع حد لتدخلات الرياض والدوحة في الدول التي لهم مصالح استراتيجية لديها، وقال :«اعتقد ان الملف السوري واللبناني والعراقي بات خارج اطار صلاحياتهم او مصالح الخليج تماما وبات, فقط كبنك استثمار للتحويل متى ما اقتضت الحاجة ودون مقابل تحت ذريعة حماية امنهم واقتصادهم من الارهاب».. وأضاف محدثنا ان ما يحصل في دول الخليج ليس بجديد وأضاف :«ورغم ان خلافاتهم سياسية واقتصادية واجتماعية الا ان السبب الرئيسي هو تقاليد زعامة العشيرة وعدم تنازل طرف لطرف اخر ، فالمملكة يحكمها ملك وقطر يحكمها أمير والحساسية تفرض نفسها بقوة على ارض الواقع اذ ان كل طرف يعتبر نفسه الحاكم الفعلي لدول الخليج وهنا تكمن المنافسة وبداية اندلاع الصراعات الطويلة» .
ورأى ان ما يحصل الان من قطع علاقات بين الدول الخليجية هو دليل الفشل الداخلي من جهة ، ومن جهة اخرى تحكم الاجندات الخارجية بقيادات الخليج .واضاف :»بالمال تستطيع ان تدعم الارهاب وتصنعه ايضا لكن بالمال لا يستطيع احد القضاء عليه ، فقط بالمعرفة والثقافة وتوعية المجتمع يتم القضاء على التطرف ، اعتقد المعركة طويلة جدا وما يحصل سيؤدي الى اضعاف دول الخليج والحد من الفائض الهائل الذي بحوزتها من الثروة ، وبالتالي تمسك كل طرف بدولة عظمى للقضاء على الاخر «. واعتبر ان القمة السعودية الامريكية انتهت بمجرد انتهاء البيان الختامي وحصل في اعقابها ترامب على ما يريد وزاد من شعبيته داخل مجلس الشيوخ والكونغرس ، اما فيما يخص محاربة الارهاب فهو ماضٍ دون عقد تحالفات او اي مؤتمرات ومشاريعه بدأت تطبق على الارض . وما يحصل من تكثيف قواعده في سوريا والاردن كافٍ ليوضح ان امن اسرائيل هو مفتاح خارطة الشرق الاوسط الجديد وما زالت الدول العربية لا تعي هذه الحقيقة وما يهمها هو البقاء في السلطة فقط»..
التداعيات الاقتصادية
من جانبه يوضح الخبير الاقتصادي الاردني مازن ارشيد في حديثه لـ « المغرب» ابرز التداعيات الاقتصادية لقرار قطع العلاقات الدبلوماسية والبرية والجوية والبحرية والتبادل التجاري مع قطر قائلا:«ان صدمة هذا القرار تضاهي من الناحية الرمزية صدمة خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وستكلف جميع الاطراف عشرات المليارات من الدولارات وعودة عشرات الألوف من المقيمين والعمال. معتبرا ان قطر هي الخاسر الاكبر اقتصادياً». وتابع بالقول :»قطر ستتضرر كثيرا من قطع العلاقات البرية والبحرية والجوية. قطاعات مهمة مثل السياحة والطيران والشركات القطرية في تلك الدول ستجبر على غلق مصانعها او خروج مستثمريها القطريين. كما ان عددا من الشراكات القطرية الخليجية في قطاع البتروكيماويات ستتضرر بشكل كبير. اضافة الى مستوردات وصادرات قطر من معبرها البري المهم مع السعودية. واكد الباحث المالي والاقتصادي ان صادرات الدوحة من النفط والغاز عبر البحر لن تتضرر كون الملاحة البحرية ستبقى مفتوحة بحكم القوانين الدولية. ومن المعلوم ان قطر تؤمن نحو ثلث الطلب العالمي من الغاز المسال ويستخدم هذا النوع من الوقود على نطاق واسع في توليد الكهرباء.