منذ تسلم ماكرون الحكم في فرنسا طغت تساؤلات عديدة حول استراتيجية الرئيس الجديدة في سوريا والشرق الاوسط وعما اذا كانت ستحمل أي تغيير في رؤية بلاده لقضايا المنطقة..
حلف جديد؟
عن نتائج لقاء ماكرون بنظيره بوتين يقول الباحث في الشؤون الروسية خالد العزي في حديثه لـ«المغرب» ان زيارة بوتين هي الاولى للعاصمة الفرنسية بعد تولي ماكرون الرئاسة و تأتي بعد اجتماع الدول السبع والتي وضعت شرطين على روسيا الاول يتعلق بأوكرانيا حيث حددت الدول السبع بأنها ستعمل على المزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا والثاني تضمن اتفاق الدول السبع فيما بينها على التعاون الجدي مع روسيا بشأن حل الملف السوري». ويرى محدثنا ان ماكرون كان مستعدا لهذا اللقاء مع بوتين من خلال طرحه رأيه وتحديد مطالبه بشكل مباشر».
واضاف :«لم يركز ماكرون على الخطاب الكلاسيكي الذي يخص سوريا بالتشديد على اقتلاع الاسد كما كان معروفا سابقا في الادبيات الفرنسية وانما قال بصراحة بان استخدام الكيميائي خط احمر وهذا يعني بان فرنسا لديها معلومات ووثائق بشأن استخدام الكيميائي ويشار الى انه في مدينة خان شيخون كانت تتواجد بعثة فرنسية استطاعت الحصول على معلومات دقيقة».
الملف الاوكراني
اما بالنسبة الى المشكلة الاوكرانية يرى محدثنا ان ماكرون لم يطلب من روسيا الانسحاب او التعاون بشأن هذا الملف وإنما شدد على تطبيق اتفاق مينسك الذي تنتهكه روسيا والتي تعمل على إفشاله مما دفع بوتين بالقول بان المشكلة داخلية وعلى الشعب الاوكراني حلها داخليا .
وامام هذا المشهد نرى بان ماكرون استخدم اسلوبا جديدا مع روسيا يختلف عن الأسلوب الفرنسي السابق . ففي عهد ساركوزي مثلا وخاصة في حرب جورجيا عام 2008، لعبت فرنسا دور الوسيط محاولة استرضاء موسكو . لكن اليوم ماكرون جعل بوتين مربكا في رده على اطروحات فرنسا حيث جاء بتوجهات جديدة مطالبا موسكو بتنفيذها بطريقة جديدة . والمعلوم ان بوتين مارس سياسة عدائية ضد ماكرون وجماعته في حملته الانتخابية وساعد المرشحة اليمينية لوبان ضده وقدم لها دعما اعلاميا ودبلوماسيا واضاف العزي:«ماكرون الدبلوماسي القدير استطاع الرد على ذلك عندما سئل عن علاقته بالصحافة والصحافيين فاجاب بأننا نملك علاقات ممتازة مع الصحافيين والاعلاميين والمؤسسات اﻻعلامية اذا كانوا يريدون معرفة الحقيقة ونشرها وليس ممارسة الاعمال الدعائية كما حال قناة روسيا اليوم بالانقليزيّة او وكالة سبوتنيك الروسية ..مما أحرج جواب ماكرون بوتين ولم يدعه يرد مما اجبر مدير مكتب بوتين الاعلامي على الرد فيما بعد بان روسيا غير موافقة على هذا الطرح».
الحرب على الارهاب
فرنسا هي شريك أساسي في مقاتلة الاٍرهاب وهي مشاركة في الحلف ضد داعش واستبعد العزي حدوث حلف مع روسيا مشيرا الى ان ماكرون يحاول التنسيق مع موسكو لمكافحة الاٍرهاب فيما تصرّ روسيا على ادخال النظام في هذا الحلف».
واكد العزي ان فرنسا حملت رسالة الدول السبع حول فتح باب التنسيق مع روسيا بالنسبة لمقاتلة الاٍرهاب .وخاصة بان التحالف الغربي مصر على مقاتلة داعش وإنزال الهزيمة بها في البادية السورية وتحديدا في مدينة الرقة. واضاف :«ان معركة الرقة باتت على الأبواب حيث تحاول روسيا تغيير سير المعركة بالتدخل في منطقة الجنوب من خلال إرسال قوات عسكرية في محاولة منها لمنع تدخل عسكري غربي في هذه المنطقة وبالتي فرض أمر واقع جديد ، لكن الكلفة ستكون كبيرة جدا حيث باتت المواجهة أمرا محسوما وهناك تساؤلات تطرح حول قدرة روسيا على تحمل هذه الاعباء البشرية».
استراتيجية بتكتيك جديد
وبحسب تصريحات ماكرون وتصرفاته الدبلوماسية فانه لم يغير من الاستراتيجية الفرنسية السابقة ولكن التغير – بحسب العزي -تم في طريقة تعاطي الرئيس الفرنسي مع هذه القضايا حيث أعلن بانه لن يترك حلفاءه في الشرق الاوسط دون حماية. وقد جدد ماكرون موقف فرنسا الداعي الى مراجعة روسيا لمواقفها من عديد السياسات التي تنتهجها في الشرق الأوسط وبالتالي ان مناقشة إمكانية التنسيق بالنسبة لمكافحة الاٍرهاب ومقاتلته امر ضروري لمصلحة البلدين وخاصة بان روسيا وفرنسا تتعرض لمواجهات مباشرة مع الاٍرهاب لكن التشدد في مكافحة الاٍرهاب لا يعني بحسب الرئيس الفرنسي احتضان الرئيس السوري».