النجاح إلا من خلال الإبتعاد عن منهج الإنتقائية ، بالتوازي مع التعامل الجاد والموضوعي من قبل المجتمع الدولي مع جذور هذه الظاهرة بمختلف جوانبها دون إغفال لبعض الأسباب المؤثرة لصالح التركيز - المبالغ فيه وغير الموضوعي- على بعضها الأخر .
وكل ذلك يستلزم تبني المواجهة الحازمة مع مختلف التنظيمات الإرهابية على حد سواء, وكذلك العمل على التصدى للأيديولوجيات المتطرفة المؤسسة للعنف والمروجة للأعمال الإرهابية. كما يتطلب أيضاً تعاملا حازما من قبل المجتمع الدولي مع ما تقدمه بعض الأطراف على الساحة الدولية من دعم سياسي وعسكري ومالي لهذه التنظيمات والحركات الإرهابية .
اكدت مصر أمام القمة العربية الإسلامية الأمريكية أهمية تبني المجتمع الدولي مقاربة شامله تتضمن الأبعاد السياسية والأيديولوجية والتنموية، اذ استعرض خلالها الرئيس المصري عدداً من المحاور
الضرورية التي قد تساهم فى تحقيق تلك المقاربة المأمولة :
-مواجهة جميع التنظيمات الإرهابية دون تمييز, على إعتبار أن تلك التنظيمات تنشط عبر شبكة سرطانية تجمعها روابط متعددة ( أيديولوجية, معلوماتية, تمويلية )، ولعلنا نستشهد هنا بتقارير أمنية اوروبية رصدت قيام تنظيم داعش فى الرقة والموصل بإرسال أموال ومقاتلين إلى خارج سوريا باتجاه شمال أفريقيا ( الجنوب الليبي) وجنوب شرق أسيا (أفغانستان) وهو ما يؤكد وجود شبكات سرطانية تعيد التمركز وفقاً لتغير الأوضاع الميدانية .
-مواجهة كافة أبعاد ظاهرة الإرهاب فيما يتعلق بالتمويل والتسليح والدعم السياسي والأيديولوجيا, أي ضرورة المواجهة الحاسمة مع من يوفر ملاذاً آمناً للتنظيمات الإرهابية لتدريب عناصرها ، وعدم توفير ملاذ للأشخاص المسؤولين عن الاعمال التحريضية، وكذلك من يوفر وسائل إعلام تُشكل بيئة خصبة لإستقطاب الشباب والإنضمام لتلك التنظيمات المتطرفة، مع الإشارة بشكل واضح إلى وجود دول تورطت فى دعم وتمويل المنظمات الإرهابية وتوفير ملاذ آمن لعناصرها .
-أهمية التكاتف لوضع إستراتيجية دولية تسمح بتقويض قدرات التنظيمات الإرهابية على التجنيد, مع إبراز أهمية المواجهة الفكرية من خلال تصويب الخطاب الديني .
ويتواصل التحرك المصري لتحقيق توافق دولي لمكافحة الإرهاب والتطرف على المستوى المتعدد الأطراف، حيث تمكنت الدبلوماسية المصرية من دفع مجلس الأمن الدولي – بالإجماع- الى اعتماد مشروع قرار قدمته مصر حول الإطار الدولي الشامل لمكافحة الإرهاب. وجاء اعتماد القرار بعد سلسلة من المشاورات التي أجرتها الدبلوماسية المصرية مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن والدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو ما أسفر عن تبنى ثلاثة وستين دولة لمشروع القرار المصرى الذى تضمن ثلاثة عناصر أساسية تشمل:
أولاً: التدابير القانونية وتدابير إنفاذ القانون ، وفقاً للالتزامات السارية بموجب القانون الدولى، وقرارات مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
ثانياً: الشراكة والتعاون بين القطاعين العام والخاص للتصدى لرسائل الإرهاب.
ثالثاً: بلورة خطاب مُضاد لرسائل الإرهاب.
لذا، فإن القرار الخاص بالإطار الدولي الشامل يُدين بأشد العبارات التحريض على الأعمال الإرهابية، ويرفض المحاولات الرامية إلى تبرير الأعمال الإرهابية التى قد تُحرض على إرتكاب مزيد من تلك الأعمال أو تمجيدها أو الدفاع عنها. كما يطالب القرار -الصادر أول أمس – لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن الدولي (ترأسها مصر) إلى وضع مجموعة من التدابير لمكافحة الخطاب الإرهابي واقتراح سبل تعزيز التعاون الدولي فى هذا الإطار.
لم تكن مصر الدولة الوحيدة التى عانت من موجات الإرهاب الغاشم، ولم تكن منطقة الشرق الأوسط الوحيدة المستهدفة من قبل المنظمات الارهابية، فالعمليات الارهابية امتدت إلى عواصم أوروبية ( لندن، بروكسل،برلين، باريس)، فالمواجهة الحازمة مع التنظيمات الإرهابية والأفكار المتطرفة لم تعد رفاهية وتبني نهج حازم أصبح ضرورة مُلحة على المجتمع الدولي كله.