منبر: ايمانويل ماكرون ...أغلبية مريحة أم تعايش مرير ؟

مصطفى الطوسة - كاتب سياسي مغربي
مع انطلاق حملة الانتخابات التشريعية الفرنسية أيام معدودة بعد الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية التي كرست نجاح الرئيس إيمانويل

ماكرون، تخيم على المشهد السياسي تساؤلات كبيرة حول قدرة الرئيس الجديد على الحصول على أغلبية برلمانية مريحة تمكنه من حكم فرنسا وتنزيل الإصلاحات التي يراها ضرورية لإنعاش الاقتصاد وضمان رفاهية الفرنسيين.

في مختلف التجارب السياسية التي عاشتها فرنسا في السنوات الماضية كان هناك تقليد مفاده انه عندنا يختار الفرنسيون رئيسهم ويمنحوه قصر الاليزيه فانه بطريقة طبيعية يزودونه بالوسائل المؤسساتية الضرورية لحكم فرنسا وإدارة شؤونهم عبر اعطائه أغلبية برلمانية تجنبه مرارة تجربة التعايش السياسي، وتقاسم السلطة مع احزاب أكثر نفوذا منه في البرلمان. فرنسا عاشت هذه التجربة المتجانسة مع كل من جاك شيراك، نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند.

مع الرئيس الجديد ايمانويل ماكرون يرى المراقبون أن الأمور قد تكون مختلفة نسبيا لأسباب متعددة أولها ان الرئيس الجديد يقود حركة سياسية جديدة نسبيا لا تتمتع بتواجد في العمق الاجتماعي الفرنسي المهيكل للحياة السياسية المحلية. بخصوص هذه النقطة بالذات هناك انقسام في عملية تقييمها بين من يقول بان ورقة التجديد قد تكون ورقة رابحة لمن يريد ان يدفن الماضي بكل عيوبه ونواقصه، وبين من يعتقد بان الشخصيات الجديدة التي يحملها حزب الجمهورية الى الأمام قد لا تستطيع تحقيق اختراق بسبب غياب التجربة والتجذر في الواقع السياسي المحلي.

العنصر الثاني الذي يساهم في إلقاء ظلال الشك على إمكانية حصول إيمانويل ماكرون هو معرفة النتائج التي قد تحققها الأحزاب الأخرى التي شارك مرشحوها في الانتخابات الرئاسية. فالسؤال يطرح بحدة لمعرفة كيف ستترجم أيقونة اليمين المتطرف مارين لوبان النسبة التي حصلت عليها في الانتخابات الرئاسية والتي تقدر بعشرة ملايين صوت في نتائج الانتخابات البرلمانية؟ هل يعيش حزب الجمهوريين الذي غرق مرشحه فرانسوا فيون في مستنقع الفضائح موتا سريريا ام لايزال قادرا على خلق المفاجآت؟ وجان لوك ملونشون زعيم جبهة اليسار الذي حقق اختراقا لافتا في الانتخابات الرئاسية والذي يصبو الى دخول البرلمان بقوة ولعب دور المعارض الأساسي لامانويل ماكرون في الحقبة المقبلة...

ما نوعية الانجاز البرلماني الذي سيحققه في الاستحقاق المقبل؟ بتعيينه لرئيس حكومة يميني ادوار فليب ووزراء محسوبين على تياره من حزب الجمهوريين يَصْبو الرئيس ماكرون الى محاولة استقطاب شخصيات من هذا الحزب لكي تلتحق بالركب الجديد وتساهم في عملية إنجاحه عبر توفير أغلبية برلمانية له. وقد اجمع المراقبون على اعتبار ان ماكرون استطاع زعزعة الثقة وإدخال الشك في صفوف اليمين الذي بات بعض رموزه يتساءلون عّن جدوى البقاء مع العهد القديم والمنفعة التي قد يجنوها بالتحاقهم وتبنيهم للديناميكية الجديدة التي أطلقها ايمانويل ماكرون .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115