وقالت امريكا امس أنها ستقدم أسلحة إلى «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد لمساعدتهم على محاربة الارهاب وطرد مسلحي تنظيم ‘’داعش’’ من الرقة، شمالي سوريا. الا ان السلطات التركية هاجمت الخطوة الأمريكية مبدية رفضها للقرار واصفة إياه بـ «غير مقبول» في حين رحبت قوات سوريا الديمقراطية، ائتلاف الفصائل الكردية العربية المدعوم من واشنطن، بالتسليح قائلة في بيان صادر عنها ان ذلك سيؤدي الى «تسريع عجلة القضاء» على الارهابيين في سوريا .
من جهته قال المحلل المختص في الشأن التركي سومر سلطان لـ»المغرب» ان المعلومات الواردة تقول إن إعلان التسليح هو خطوة تهدف إلى تشريع عمليات التسليح التي تمت منذ فترة طويلة، وليست جديدة. وأضاف سلطان «أقصد أن الأسلحة، التي تحتاج إلى قانون خاص لتسليمها إلى وحدات حماية الشعب الكردية YPG هي وصلت منذ أمد بعيد، بطرق ملتوية، وقامت الإدارة الأمريكية اليوم بإصدار القانون لحماية نفسها ورجالها من مساءلة القضاء الأمريكي لها، فهناك على سبيل المثال قناصة للآليات يطلق عليها المقاتلون الأكراد اسم «زاغروس»، تبين أنها نسخة معدلة من قناصة أمريكية مشابهة اسمها Rf-50، الاحتمال الأقوى أنها وصلت عبر شركات الحرب الأمريكية مثل «بلاك ووتر» وغيرها».
واشار محدّثنا انه لن يتغير الكثير في المعادلة التي صاغتها واشنطن في التوازن بين تركيا والقوات الكردية الأوغلانية (نسبة الى الداعية الاسلامي عبد الله غولن)، بفروعها الأربعة في تركيا وسوريا والعراق وإيران وفق تعبيره.
واكد محدّثنا ان تركيا هي أرض العبور لهذه الشحنات من الأسلحة، التي تأتي إلى مطار إنجيرلك، ومنه براً إلى شمال سوريا والعراق.مضيفا ان المدربين والخبراء ورجال الاستخبارات الأمريكية كذلك يستخدمون الأراضي التركية معبراً لهم خلال زياراتهم إلى المناطق والكانتونات الكردية.
واشار المختص في الشؤون التركية ان انقرة حصلت من واشنطن على ضمانات بعدم مهاجمة القوات الكردية لها في عمقها الداخلي. ووفق هذه المعادلة تغض النظر عن مرور السلاح والعتاد، رغم أنها تواظب على إصدار بيانات شكلية.ولتأكيد وجهة نظري هذه أفيدكم بأن مجلس الشعب التركي كان يناقش قبل فترة قصيرة مسألة استلام الوحدات الكردية لعربات عسكرية مصنعة في تركيا نفسها، عبر معمل تمتلكه شركة نمساوية على حدّ قولها.
وعن القصف التركي الذي يستهدف بين الفينة والاخرى الاكراد قال محدّثنا»لا يبدو أن واشنطن ستسمح في المدى المنظور بتغيير التوازنات هذه، لأنها حققت لها أموراً هامة، وهي التواجد المباشر في الأرض السورية، وامتلاك ذراع عسكرية قوية ممثلة بما يسمى قوات سورية الديمقراطية، التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري، إضافة طبعاً إلى مكسبها في إضعاف الحكومة الوطنية المركزية في دمشق’’.
وعن حاجة أمريكا للطرفين أي الاكراد وتركيا على حد سواء اكد محدّثنا ان لكل منهما مزاياه الهامة؛ فتركيا تقدم الأرض والموقع الاستراتيجي والخزان الكبير من الإمكانات العسكرية (ثاني أكبر جيش في حلف الناتو) كما أنها الدولة المستضيفة لقاعدة إنجرليك؛ ووحدات الحماية الكردية هي الذراع الأقوى التي تحالفت معها واشنطن حتى الآن في سوريا، بمقاتليها الذين يمتلكون الحد الأدنى، غير الموجود قطعاً لدى التنظيمات المعارضة لدمشق، من التنظيم العسكري والانضباط.
وبخصوص امكانية خروج قوات سوريا الديمقراطية عن طاعة الامريكان بعد تنامي نفوذها اجاب محدّثنا «من الممكن طبعاً أن تخرج، فقيادة الحركة الأوجلانية تتأسس بشكل رئيسي من أكراد من تركيا (شمال كردستان حسب تعبيرهم) ولذا فالمشروع الأكبر لها يقع هناك. ولكن الولايات المتحدة بالمقابل لا تتمتع بروح التسامح وسعة الصدر، بل سيكون ردها دموياً. رأينا مقدمات ذلك في سماحها للقاذفات التركية بقصف معسكرات كردية في شمال سوريا والعراق، ولولا سماحها لأنقرة لما قامت الأخيرة بهذه الخطوة».
عداء مستمر
يشار الى انّ العداء الكردي التركي هو صراع مستمر منذ عقود تتجلّى إحدى اوجهه على الميدان السوري بين قوات تركيا المتمركزة هناك ومايسمّى بقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة الامريكية . ولعل تقدم هذه القوات المدعومة من واشنطن في سوريا سرّع وتيرة المواجهة المباشرة بينها وبين انقرة، خاصة وانها تتكون من اغلبية كردية تعتبرها الحكومة التركية خطرا حقيقيا يقض مضجعها خشية تحول الاقتتال في الشمال السوري الى شرقها اين ينادي حزب العمال الكردستاني منذ عقود طويلة بالاستقلال عن الدولة التركية .
وزاد هذا التحالف والدعم الامريكي لقوات سوريا الديمقراطية من الجفاء بين الغرب وتركيا ، كما جاء قصف تركيا الاخير لمواقع تابعة لوحدات الشعب الكردية ليزيد من حدّة الاجواء المتوترة بطبعها في سوريا .
يشار الى انّ قوات سوريا الديمقراطية بدأت في نوفمبر الماضي عملية عسكرية واسعة لطرد «داعش» من الرقة، بدعم واسع من التحالف الدولي سواء الغارات الجوية والدعم الأرضي.وتمكّنت هذا القوات التي تضم 27 فصيلا مسلّحا، من قطع كافة طرق الإمداد الرئيسية لمسلحي «داعش» إلى مدينة الرقة من الجهات الشمالية والغربية .
وتشمل قوات سوريا الديمقراطية مزيجا من القوات كردية وعربية وسريانية وأرمنية وتركمانية، لكن محور تلك القوات هو وحدات حماية الشعب الكردية، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني التركي.ويصل عدد قوات سوريا الديمقراطية الى اكثر من 45 ألف مقاتل بينهم 10 آلاف مقاتل من مسلحي القبائل.
وتاتي خطوة تسليح امريكا لهذه القوات مع قرب اطلاق عملية تحرير الرقة من تنظيم «داعش» الارهابي –رغم تضارب الانباء عن موعد انطلاقها الفعلي نتيجة تضارب الاستراتيجيات الخارجية- يمثل الدعم الدولي الامريكي لقوات سوريا الديمقراطية ذات الاغلبية
الكردية نقطة خلاف كبيرة بين ادارة ترامب وإدارة اردوغان علما ان الاخيرة تعارض أيّ دور للأكراد في معركة تحرير أكبر معاقل «داعش» الارهابي في سوريا .