ولا حتى الهدف المستهدف من الغارة، مصطفى الشركسي المتحدث باسم سلاح جو حكومة طرابلس أعلن عن فتح تحقيق في الغرض. وكان البنتاغون – وزارة الدفاع الأمريكية – من جهته نفى مشاركة مقاتلات أمريكية في ذلك القصف الذي استهدف منطقة قريبة من مدينة بني وليد.
وفي ذات الوقت أكد شهود عيان وقوع القصف الجوي لرتل مسلح يتكون من سيارات رباعية الدفع مسلحة تحمل شعارات التنظيم الإرهابي «داعش»، وكانت المنطقة الغربية شهدت الأيام الأخيرة تحركات لعناصر التنظيم الإرهابي داعش تمثلت في تدفق مقاتليه وقياداته من الشرق الليبي إلى صبراتة لتعزيز صفوف المجموعات الإرهابية هناك التي تخوض مواجهات شرسة مع سرايا الثوار لاسترجاع النفوذ على صبراتة وضواحيها. حيث أكدت مصادر استخباراتية وصول الرجل الثالث في التنظيم الأردني جاسم الطيراوي إلى مدينة سرت في مرحلة أولى وانتقاله بعد ذلك إلى صبراتة أو أحد المواقع التابعة لداعش الإرهابي.
وفيما يؤكد المجلس العسكري صبراتة سيطرته على المدينة، ودحر الإرهابيين ومواصلة عمليات التمشيط حول المدينة كشفت مصادر أخرى ضراوة المواجهات مؤكدة سقوط مزيد من القتلى في صفوف سرايا الثوار بسبب انتشار قناصة «الدواعش» على أسطح البناءات المرتفعة وفي المزارع يشار إلى أن القيادي بالمجلس العسكري صبراتة إسماعيل الغرابلي كان قد قتل في المواجهات. وكان المجلس العسكري المحلي بالمدينة أعلن أسر عدد من الدواعش عندما كانوا يحاولون الهروب متنكرين بزي نساء وهم ثلاثة تونسيين وتشادي.
بالعودة إلى الغارة الجوية التي تعرضت لها بني وليد رجح مراقبون أن تكون طائرات فرنسية هي التي نفذتها وربطوا تلك الفرضية باقتراب حاملة الطائرات الفرنسية، شارل ديغول من السواحل الليبية بداية من ليلة الأحد الفارط. وأيضا إقرار فرنسا بتواجد قوة خاصة لها في بنغازي وإنشاء غرفة عمليات مشتركة مع قوات حفتر للتنسيق في الحرب على الإرهاب.
معلوم أن فرنسا هي الدولة الوحيدة الأوروبية التي تمتلك حاملة طائرات بذلك الحجم ودفع وزارة الدفاع الفرنسية بحاملة – شارل ديغول – يؤكد مرة أخرى تصميم فرنسا على لعب دور محوري في ليبيا ويعكس أيضا الصراع الخفي بين القوى العظمى للأخذ بزمام الأمور في ليبيا أمام تعثر جهود التسوية السياسية.
البرلمان المعترف به دوليا يستمر في المناورة
كان من المتوقع أن يعقد مجلس النواب المعترف به دوليا جلسة مناقشة المصادقة على حكومة الوفاق أمس الاثنين، لكن بسبب عدم حصول النصاب القانون جرى تأجيل الجلسة إلى موعد لاحق تأجيل برره مصدر من مكتب رئاسة المجلس بتواجد عدد من النواب خارج مدينة طبرق وتعذر التحاقهم بالجلسة.
علما وأن الأقلية داخل البرلمان بذلت كل ما في وسعها من أجل عرقلة المصادقة على حكومة الوفاق. وترى الأغلبية في البرلمان الداعمة للحكومة تواطؤ رئاسة البرلمان مع تلك الأقلية وخاصة رئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح ودليلهم في ذلك استعجال الأخير الانسحاب من جلسة الثلاثاء الفارط بمجرد عدم حصول النصاب والفوضى داخل قاعة الاجتماع وسفره إلى مصر لحضور اجتماع رؤساء البرلمانات العربية. تواصل تعثر التسوية السياسية كان موضوع اجتماع وزراء خارجية مجموعة دول الاتحاد الأوروبي المنعقد في قبرص يوم الأحد والذي أصدر بيانا ختاميا ترجم قلق الاتحاد الأوروبي من تواصل عرقلة منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني وتصاعد العنف المسلح والذي قابله توسع وتمدد التنظيم الإرهابي داعش.
البيان أعاد التأكيد على حاجة المجتمع الدولي لوجود حكومة شرعية للتعامل معها مهددا بفرض عقوبات ضد المعرقلين للمسار السياسي حيث ذكر البيان الختامي لوزراء خارجية مجموعة المتوسط إلى اتجاه الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات ضد الأطراف المعرقلة في حال استمر عنادها وتعنتها.
يجمع متابعون للشأن الليبي خاصة بعد تيقن المجتمع الدولي أن البرلمان المعترف به دوليا واقع تحت سيطرة أقلية من إقليم برقة وجناح الجنرال خليفة حفتر بأن الخيارات أصبحت ضيقة أمام تمرير الحكومة والحلول تكاد تنحصر في عقد جلسة المصادقة على الحكومة خارج طبرق أو الاستغناء عن تلك الجلسة نهائيا. لكن كلا الخيارين يفتح الباب أمام رفض نواب إقليم برقة حضور أي جلسة خارج طبرق وربما مهد ذلك لتقسيم البلاد. تقسيم في الواقع تعرفه ليبيا منذ ظهور حكومتين واحدة في طرابلس تتبع المؤتمر الوطني والثانية في البيضاء تابعة لمجلس النواب. في حين غرق الجنوب في الفوضى والحرب الأهلية وتدخل المجموعات المسلحة والحركات الانفصالية من شمال تشاد وإقليم دارفور السوداني. إلى ذلك تواصل الحكومة المؤقتة عملها غير مبالية بمخرجات حوار
الفرقاء السياسيين إذ قامت بعقد جلسة أمس الاثنين بحضور عضو مجلس النواب عن بنغازي عصام الجهاني لتدارس تلبية احتياجات المدينة الحالية والمستقبلية مع اقتراب تحريرها من الإرهابيين على يد الجيش الوطني. وكان وزير داخلية الحكومة المؤقتة محمد الفاخري تحول إلى بنغازي للاطمئنان على جرحى الجيش والأمن في مستشفيات بنغازي. أما حكومة طرابلس فتبدو محرجة داخليا وخارجيا حيال التطورات الأخيرة وظهور التنظيم الإرهابي داعش بتلك القوة وتوسعه في المناطق التابعة لحكومة طرابلس فهي لم ترسل أي قوات لصبراتة والمدد الوحيد للمدينة جاء من سرايا ثوار الزاوية وصرمان هذا داخليا أما خارجيا فهذه الحكومة متهمة بالتواطؤ مع إرهابيي داعش وقد أنكرت سابقا تواجده أصلا. مما جعل البعض يخشى تكرار سيناريو سيطرة تنظيم داعش الإرهابي
على سرت حيث انسحبت الكتيبة 116 التابعة لرئاسة أركان المؤتمر الوطني دون قتال الشيء الذي مكن العشرات من الدواعش من السيطرة على مدينة بحجم سرت (مائة وخمسون ألف نسمة) وتحتضن إحدى أكبر القواعد العسكرية- القرظابية- إضافة إلى الرمزية التاريخية للمدينة.
تحاشيا لتجدد ما حدث في سرت أعلنت مدينة غات جنوب غرب طرابلس تشكيل غرفة عمليات أمنية عسكرية وطالبت جميع الثوار بالحضور لتأمين الحدود الإدارية لغات تحسبا لقدوم تنظيم داعش الإرهابي.
فرضية انهيار العملية السياسية
عبر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن تخوفات جدية من تداعيات وعواقب التطورات الأخيرة المتمثلة في انسداد الأفق أمام العملية السياسية وتغول التنظيم الإرهابي داعش وهو الذي دعمت بلاده الحل السياسي للقضية الليبية وأكدت في كل المناسبات التزام مصر بمساعدة الأشقاء في ليبيا لبناء الدولة المنهارة. إمكانية انهيار العملية السياسية في الواقع بدأت تطفو على السطح والمجتمع الدولي وأساسا القوى العظمى تضع أمامها سيناريو فشل منح الثقة للحكومة تحت قبة برلمان طبرق الذي يتعلل بعدم حصول النصاب القانوني وحتى لو فرضنا حصول ذلك النصاب فإن مكتب رئاسة المجلس سوف شترط وقتها ّإجراء التعديل الدستوري لتكون المصادقة قانونية.
ومن مؤشرات وضع إمكانية انهيار العملية السياسية في الحسابات الآنية الإقرار بتواجد فرق القوات الخاصة الغربية والمخابرات في المدن الرئيسية الليبية – بنغازي – مصراتة وغرب ليبيا والجنوب.
حيث أشارت مصادر صحفية إلى وجود خبراء عسكريين بريطانيين وأمريكيين في مصراتة بمبرر تقديم الدعم والمشورة. هذا الخبر سبقه إقرار بتواجد قوة فرنسية خاصة في بنغازي وكذلك اقتراب حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول من السواحل الليبية قد يوحي بقرار الغرب الحسم العسكري ضد التنظيم الإرهابي بمشاركة قوات حفتر وفجر ليبيا على الرغم من العداءات والخلافات بين الطرفين ويكون الغرب بذلك قد تجاوز أولوية المصادقة على حكومة الوفاق. استراتيجية اعتبرها المراقبون سوف تعقد المشهد أكثر فأكثر فما الذي أعده الغرب لمرحلة ما بعد الحرب على الإرهابيين التي تتطلب فترة زمنية طويلة لا محالة فالجميع يعلم ويدرك أنه من المستحيل خلق وئام بين العلمانيين الذين يمثلهم حفتر والإسلاميين أي المؤتمر وذراعه المسلح فجر ليبيا.