وقد فسر البعض تصريح «ترامب» بأنه لا يرى للولايات المتحدة دوراً في ليبيا بأن ذلك يوحي بتراجع الدور الأمريكي في منطقة غنية بالثروات الاقتصادية، وفسر آخرون ذلك التصريح بأنه يأتي في إطار عملية إعادة هيكلة لأولويات السياسة الخارجية الأمربكية وتركيزها في المرحلة الحالية علي مكافحة الاٍرهاب مع إعطاء أولوية متقدمة لملفات كوريا الشمالية وإيران ثم سوريا على الملف الليبي .
ومن أجل طرح رؤية جديدة للدور الأمريكي في ليبيا, عقدت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي اجتماعا في 25 أفريل 2017 دعت اليه السفيرة السابقة لدى ليبيا دبرا جونز و الخبير بالشؤون الليبية د. فريدرك ويري.
أبرز النقاش بين أعضاء اللجنة شبه اجماع على فشل حكومة الوفاق في تحقيق أهدافها وضرورة إيجاد البديل وان خليفة حفتر فشل في تحقيق أهدافه و كان أحد أسباب عدم الاستقرار حيث لا يرغب حفتر في أن يجلس الى طاولة المفاوضات بل يريد أن يكون على رأس طاولة المفاوضات مع التأكيد من قبل معظم أعضاء اللجنة على انه ليس هناك حل عسكري للمسألة الليبية .
وفي تقدير دبرا جونز ان سيطرة حفتر محدودة ولن يقبل به الثوار أبدا وانه مازال له دور على الرغم من ضعفه . كما تدرك السفيرة الامريكية السابقة في ليبيا ان الصراع في تلك الدولة هو صراع على المقدرات والثروات وليس صراعاً فكرياً كما يروج له البعض، وشبهتها بالثورة والثورة المضادة ، بل ذهبت في تقديرها الي حد وصف ليبيا بعد القذافي انها دون اب روحي، وان معظم من اشتغل بالسياسة من الليبيين بعد ثورة 2011 لديهم قصور في الرؤية والسعي الى مكاسب وقتية على حد تعبيرها.
فيما يُقدر خبير الشؤون الليبية ‘ فردريك ويري ‘ ان العلاقات بين الجماعات المسلحة في ليبيا متشابكة وانه من الأرجح ان يستمر خطر عودة داعش حتى بعد طردهم من سرت ودرنة وصبراتة. كما يرى ان اجتماع السويحلي وعقيلة ليس عظيم الاهمية والعبرة بالنتائج، معتبراً ان زيارة فايز السراج لواشنطن تعتمد على مدى استعداد ترامب للمشاركة الإيجابية و القيام بدور فاعل .
كما استعرض عدداً من أعضاء لجنة الشؤون الخارجية أهمية وجود دور «فعال» وليس دور ‘ قيادي ‘ للولايات المتحدة في ليبيا حتي لا ينتج عن الانشغال الامريكي بأولويات اخرى فراغ في تلك الدولة مترامية الأطراف تستفيد منه الجماعات المتطرفة والروس .
ويمكن القول انه على الرغم من استمرار عدم وضوح رؤية الادارة الأمريكية الجديدة لدورها في الملف الليبي ، الا ان هذا لا يمنع واشنطن من استمرار متابعة المحاولات الروسية لكسب ارضية أكبر للتأثير علي مسارات المشهد السياسي والميداني في ليبيا ، ولن تكون واشنطن راضية علي انفتاح كل من حفتر والسراج على موسكو والزيارات المتبادلة التي نشطت خلال الأونة الأخيرة دون ان تقوم هي الأخرى بدور فاعل في الجمع بين حفتر والسراج في واشنطن. ومن الأرجح ان تسعى واشنطن خلال الفترة المقبلة الي تعطيل محاولات كل من روما ( استضافة لقاء عقيلة والسويحلي) وموسكو ( زيارات حفتر والسراج) للعب دور قيادي بتوجيه مستقبل المشهد الليبي وذلك لحين انتهاء ادارة ترامب من صياغة أولوياتها الخارجية بشكل واضح إما الاحتفاظ بدور فاعل في ليبيا او لعب دور قيادي!!