وسبق أن تقدمت حكومة السراج بمقترح برنامج متكامل يخص مساهمتها في العمليات الوقائية تم اعتماده في الوثيقة النهائية التي أمضيت خلال القمة.
يأتي هذا الاتفاق عاما بعد المعاهدة الممضاة بين أوروبا وتركيا للتصدي لموجات الهجرة نحو أوروبا عبر التراب التركي مقابل 3 مليارات يورو. و تتطلع الدول الأوروبية إلى إيجاد حل مماثل مع ليبيا بالرغم من حالة الفوضى و التسيب التي عليها الأوضاع في البلاد و التي تؤثر سلبا على الوضع الإقتصادي للمناطق الساحلية في أوروبا و خاصة في جنوب إيطاليا.
خطة عسكرية متكاملة
بعد تأكيد حكومة السراج عزمها أخذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ الخطة الأوروبية لمقاومة الهجرة في جنوب المتوسط، قبلت إيطاليا منح ليبيا حزمة من المساعدات تمثلت في تسليمها في منتصف شهر ماي الزوارق و البواخر الليبية المحتجزة منذ 2011 ثم مدها بمعدات متطورة مثل طائرات هيلكوبتر ورادارات وبواخر متوسطة الحجم و زوارق مطاطية و سيارات رباعية الدفع وسيارات إسعاف. في المقابل قبلت ليبيا تركيز مقر قيادة لعمليات الإغاثة على التراب الليبي عوض الذي تستعمله القوات الإيطالية في مدينة روما حاليا.
الملف الثاني تعلق بتركيز مخيمات لإيواء المهاجرين في ليبيا بالأخذ بعين الاعتبار «الاحترام التام لحقوق الإنسان» و مشاركة المنظمات غير الحكومية و الهيئات الدولية الخاصة بالهجرة كالمفوضية العليا للأمم المتحدة للهجرة و منظمة الهجرة الدولية. وهو ما يشير إلى مساهمة حكومة السراج في عمليات مشتركة مع الجانب الأوروبي الذي يدعم في المقابل شرعيتها في تسيير أمور البلاد. و لا يخفى أن هذا الموقف الإستراتيجي يبقى محل نقاش من قبل دول الجوار والفصائل المتنازعة في ليبيا. من جهة أخرى يتعرض تنفيذ الاتفاق إلى استمرار تطبيق قرار الأمم المتحدة فرض حصار على ليبيا في شأن الأسلحة الحربية.
أهداف استراتيجية
صرح ماركو مينيتي وزير داخلية إيطاليا للصحافة أن الهدف من هذا الإتفاق هو «تركيز القواعد التي تمكن من إدارة مشتركة لموجات الهجرة وربطها بسياسات تنموية وتدخلات اجتماعية مع مراقبة الحدود و ترحيل المهاجرين» الذين تمت إغاثتهم أو وصلوا إلى إيطاليا. و اعتبر الوزير أن «مجموعة الاتصال لها اعتقاد راسخ يتجسم في شيئين، الأول - وهو ما تعتقده الحكومة الإيطالية – يعتبر أن ظاهرة الهجرة لن تنتهي بين عشية و ضحاها (...) بل سوف تأخذ وقتا طويلا. في نفس الوقت يمكن التوصل إلى نتائج ملموسة تمكن من إدارة تدفق المهاجرين بصورة يمكن تحويلها شيئا فشيئا من غير شرعية إلى هجرة شرعية منظمة. الإعتبار الثاني هو أن روما تؤكد على ضرورة التعاون بين أوروبا ودول شمال إفريقيا في قضايا علاقات التعاون والأمن و مقاومة التهريب والمتاجرة بالبشر و العمل الإنساني».
وهو ما يحتم اتخاذ إجراءات سياسية عاجلة لفض النزاعات في ليبيا و تركيز حكومة تتمكن من بسط سلطة الدولة على كافة التراب قصد مقاومة الإرهاب و نزع سلاح المقاتلين. و لا تزال، في هذا المناخ المتقلب، عمليات الإغاثة متواصلة بصورة يومية على امتداد السواحل الليبية من قبل قوات «عملية صوفيا» الأوروبية التي تضم القوات البحرية الأوروبية الخاصة بمقاومة الهجرة عبر المتوسط. و سجلت البحرية الإيطالية الأسبوع الماضي إغاثة 3300 مهاجر إفريقي قرب ليبيا وهو ما يرفع عدد المهاجرين الذين التحقوا بالتراب الإيطالي إلى 20 ألف شخص منذ بداية السنة.