في نفس الوقت كانت بروكسل تحيى ذكرى الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له المدينة السنة الماضية، وكان وزراء خارجية الدول المشاركة في الحرب على داعش مجتمعين للمرة العاشرة منذ 2014 و للمرة الأولى في عهد دونالد ترامب. هذا الإجتماع برمج بعد الهجمات المتتالية التي تعرضت لها فرنسا و ألمانيا والتي خلفت عديد القتلى والجرحى.
موجة هجمات إرهابية
إثر الهجوم تحركت الوحدات الأمنية و شرعت، بعد التثبت في هوية الإرهابي، في البحث عن مشاركين محتملين في العملية. وصرح مارك رولي المسؤول عن جهاز مقاومة الإرهاب البريطاني أن «المهاجم، في غالب الظن، قام بالعملية بمفرده» لكن البحوث لا تزال جارية. و قد قامت الشرطة البريطانية بست عمليات تفتيش في لندن وبيرمينغهام وأوقفت 8 أشخاص لهم علاقة بالجاني. وتعتقد الشرطة أن العملية لها «طابع إرهاب إسلامي».
هذا ما كررته رئيسة الوزراء تيريزا ماي من أمام 10 داونينغ ستريت مقر الوزارة الأولى وهي ترتدي الأسود.» إختار الإرهاب أن يضرب قلب عاصمتنا اين يجتمع الناس من مختلف الجنسيات والديانات والثقافات لآحياء قيم الحرية والديمقراطية وحرية التعبير»، مضيفة «قوى الشر لن تفرق بيننا». وقالت أمام البرلمان صبيحة الخميس 23 مارس . «نحن لا نخاف من الإرهاب. القيم الديمقراطية التي نؤمن بها سوف تتفوق على الإرهاب».وعبرت عديد العواصم في العالم عن تضامنها مع بريطانيا وشعبها و عن عزمها المشاركة في مقاومة المد الإرهابي. والتحق وزير خارجية فرنسا جون مارك آيرو بالعاصمة البريطانية للمشاركة في الدورة البرلمانية التي انعقدت بعد الهجمة الإرهابية ، وذلك تضامنا مع الشعب البريطاني.
خلافات دولية في مقاومة الإرهاب
في نفس اليوم الذي تعرضت فيه لندن للهجوم الإرهابي كانت مجموعة الدول المشاركة في التحالف ضد داعش مجتمعة للمرة العاشرة منذ 2014 في واشنطن لتدارس الوضع. وإن اعتبرت الدول المشاركة أن تنظيم داعش في تقهقر مستمر خاصة بعد هزيمته في سوريا والعراق و تقدم القوى العراقية في الموصل، فإن خلافات حادة لا تزال تقسم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية. فمن جهة عبر العراق عن ارتياحه بتغيير الموقف الأمريكي في عهد دونالد ترامب الذي أصبح يساهم بصورة فعالة في الحرب على «داعش»، خلافا للموقف الحذر لإدارة أوباما، فإن الإستراتيجيات المطروحة على الطاولة وخاصة التي تتعلق بالموقف من إيران لا تزال تهدد وحدة الصف.
واتضح أن المسألة السورية لا تزال تقسم التحالف بين مساند للمحور السني و داعم لإرساء نظام إقليمي جديد يأخذ بعين الإعتبار المتغيرات في المنطقة بعد دخول إيران وروسيا ميادين القتال. وقرر وزير خارجية فرنسا في هذا الإطار الإجتماع عن انفراد مع نظرائه من المملكة العربية السعودية و دولة الإمارات و دولة قطر و المملكة الأردنية و تركيا للتشاور في السبل التي تدعم موقفهم المشترك خاصة و أن المفاوضات حول الملف السوري سوف تستأنف في جينيف من أجل التوصل لحل سياسي للأزمة.
واعتبرت كل الدول المشاركة أن الانتصار على «داعش» الارهابي يمر عبر استرجاع مدينة الرقة التي هي محل أنظار كل الأطراف بما في ذلك النظام السوري المدعوم من قبل إيران و روسيا. وكانت الولايات المتحدة قد قامت صبيحة الإجتماع بعملية انزال قوى من المارينز قرب مدينة الرقة لمعاضدة القوى الكردية و العربية التي تقاتل ضد داعش. لكن ملف الإرهاب على الأراضي الأوروبية لم يكن على جدول الأعمال. بل إنه موضوع موكول للدول الأوروبية التي تتعرض أكثر من قبل لهجمات يقوم بها أفراد لا يتبعون لخلايا نائمة. بل هم يتحركون بمفردهم مستعملين أسلحة بيضاء أو سيارات بطريقة غير متطورة وكأن العمليات أصبحت تتمحور حول «إرهاب الفقراء» الذي يصعب التنبؤ به.