لعل الهجمات الأخيرة التي هزّت بروكسل مؤخّرا ،كانت المحرّك الرئيسي لمخاوف أوروبا بخصوص ظاهرة المقاتلين الأجانب في بؤر الصراع ، علما وان تحقيقات السلطات البلجيكية (التي مازالت جارية) أثبتت أنّ 4 متهمين بالضلوع في التفجيرات الأخيرة – من جملة 7 متهمين نفذوا التفجيرات - يحملون الجنسيّة البلجيكية وسبق لهم التنقل إلى سوريا للقتال في صفوف تنظيم «داعش» هناك.
وتعدّ معضلة المقاتلين الأوروبيين في صفوف تنظيم «داعش» الارهابي، الهاجس الّذي يُثير خشية الغرب الذي بات يُدرك دخوله مرحلة جديدة من الحرب ضدّ الإرهاب، حيث يرى متابعون للشأن الدولي أنّ التنظيمات المتطرفة نجحت باستقطابها وتجنيدها لأوروبيين في اكتساب ورقة ضغط عبر نشرها لخلايا نائمة في عقر دار الغرب ، كان اغلبهم ضالعين في الهجمات التي استهدف دول الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة .
وجاء في تقارير إعلامية أنّ من تنظيم «داعش» الإرهابي جنّد ما بين 400 و600 مقاتل أجنبي لتنفيذ مخططات خارجية في الدول الأوروبية على وجه الخصوص . ويفضل «داعش» المقاتلين الأجانب الغربيين على بقية الجنسيات الأخرى ،لتنفيذ هذه المهمات خاصة في غياب قانون يُجرّم العائدين من سوريا إلى أوطانهم أو يضعهم في يد القضاء لغياب أدلة كافية عن طبيعة نشاطهم هناك. ويرى مراقبون انّه رغم إلمام السلطات الأوروبية ببيانات العائدين من سوريا ، إلا انّ الإستراتيجية الاوروبية في الحرب ضدّ الإرهاب لازالت تعاني نقصا واضحا واضطرابا على غرار إستراتيجية الدول العربيّة في ذلك .
إحصائيات متضاربة
وتقدّر الإحصائيات المتوفّرة أعداد المقاتلين في صفوف تنظيم «داعش» بـ16 ألف مقاتل وذلك وفق تقرير مكافحة الإرهاب السنوي الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية شهر جوان 2015 ، بزيادة 35 بالمائة عن العام 2014. وينحدر مقاتلو التنظيم المتطرف من 90 دولة .
إحصائيات رسمية قدّرت أعداد المقاتلين البلجيكيين في صفوف التنظيم بنحو 516 شخصا، عاد منهم إلى البلاد 128 شخصا، بينما قُتل 77 في العراق وسوريا، وأشارت إحصائيات أخرى إلى أن 11 مقاتلا أجنبيا في صفوف «داعش» عاد منهم المئات إلى بلدانهم الأصلية مطلع 2016. وتشير إحصائيات إلى أن 1700 فرنسيا يقاتلون في صفوف التنظيم، بينما التحق بهم أيضا أكثر من 760 بريطانيا،ممّا يزيد مخاوف أوروبا من هذه الظاهرة خصوصا وان تنظيم «داعش» يخصص مراكز تدريب للمقاتلين الأجانب العائدين إلى دولهم لضمان نجاحهم في تنفيذ المخططات الداعشية هناك.