هذا التصادم السريع بين ادارة ترامب الجديدة وإيران يحمل في طياته ارهاصات مشهد معتم في منطقة الشرق الاوسط اذ يرى متابعون للشأن الدولي ان هذا الجفاء الايراني الامريكي سيكون ذا فائدة لعدة اطراف اقليمية على رأسها المملكة العربية السعودية التي بدأت في التقارب مع الادارة الامريكية الجديدة .
ومع اعتلاء الرئيس الامريكي الجديد سدة الحكم في امريكا وبالنظر الى فريق البيت الابيض الذي شكله بالإضافة الى تصريحاته المتتالية حول ايران واخرها تصرحه امس أن إدارة سلفه باراك أوباما ألقت طوق النجاة لطهران التي «كانت على شفا الانهيار». ويرى مراقبون انّ سياسة امريكا تجاه ايران ستشهد تحولا وتصادما كبيرين خصوصا وان ترامب عين جنرالا امريكيا معروفا بعدائه وتخصصه في الشأن الايراني. ويرى متابعون ان هذا الجفاء بين واشنطن وترامب مرتبط بالتقارب بين السعودية وأمريكا على اساس المصالح المتبادلة للطرفين في منطقة الشرق الاوسط ، والذي بدأت ملامحه تتضح من تصريحات السلطات السعودية حول نيتها الاستثمار بمليارات الدولارات في الولايات المتحدة الامريكية مقابل تأكيد ادارة ترامب على ان الرياض شريك اساسي في المنطقة العربية .
مستقبل الاتفاق النووي
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني علي مراد لـ»المغرب» ان دونالد ترامب يضع ايران على سلم اولوياته الاقتصادية في منطقة الشرق الاوسط،والدليل على ذلك انه استقدم الجنرال جيمس ماتس الّذي يفاخر بأنّه من اكثر الشخصيات العسكرية الامريكية تخصصا في ايران وفق تعبيره.
واضاف ان مجرد تعيين وزير دفاع مثل هذا الجنرال رسالة مفادها انّ عهده سيتسم بالتّصعيد مع الايرانيين . وعن امكانية تأثير الجفاء في العلاقات بين الطرفين على الاتفاق التاريخي بين طهران والغرب اجاب محدثنا ان ترامب لن يقدم على خطوة خطيرة مثل الغاء الاتفاق ، مشيرا الى التطوّر النوعي في تصريحات كل من السعودية والكيان الصهيوني اكثر الاطراف المتضررة من هذا الاتفاق ،حيث اصبح سياسيو هذين الطرفين يطالبون بعدم الغائه ، وهناك شخصيات في ادارة ترامب اعلنت صراحة انها لن تلغي الاتفاق منهم الجنرال ماتس رغم تطرف مواقفه تجاه ايران إلا انه يرى انه ليس من المصلحة الغاء الاتفاق على حدّ قوله.
وتابع مراد « الابقاء على الاتفاق سيكون حسب اعتقادي مرفوقا بعقوبات جانبية على خلفية التجارب الصاروخية الاخيرة، فنحن الان امام حرب كلامية بين واشنطن وطهران ، اذ تعد هذه التجربة رسالة الى الدّول التي تجري مناورات عسكرية في الخليج – البحرية الامريكية والبريطانية والفرنسيّة والاسترالية قبالة شواطئ البحرين - وتزامنها مع التجارب الصاروخية الايرانية مفادها ان ايران لن تخضع بالخيار العسكري».
واشار الكاتب والباحث اللبناني ان الاعلام الموالي لترامب في اليومين الاخيرين يحرض كثيرا باتجاه ايران من بوابة دعمها للحوثيين في اليمن ن موضوع استهداف البارجة السعودية قبالة السواحل اليمنية ، اراد من خلالها الامريكيون التدليل على «خطر» ايران، مضيفا انه في المحصلة لن يكون هناك توجه امريكي لترامب لان يقوم بأي تحرك عسكري ضد ايران ، كل هذا التصعيد من الممكن ان يكون من باب تطمين حلفاء الادارة الا الخليجيين وخاصة السعودية على حد تعبيره.
وارجع محدثنا عدم توجه ترامب الى التصعيد مع ايران الى اسباب عديدة وليس لعدم رغبة ترامب في الحرب بل لان ذلك سيكلف امريكا تكاليف باهظة وفق تعبيره ، في وقت يتجه فيه ترامب لدعم الاقتصاد الداخلي في الولايات المتحدة وسعيه الى عودة الرأسمال الامريكي الى الداخل، مما يحتم عليه التقليص في الانفاق الخارجي خاصة الانفاق العسكري.
وتابع مراد « صحيح ان امريكا لن تقدم على المواجهة المباشرة لكن عملية الضغط على ايران عبر الضغط على حلفائها ستستمر ، حيث توقع مراقبون ان تنتهي العملية العسكرية السعودية في اليمن إلا ان الفترة الاخيرة دلت ان العملية ستستمر وبقوة اكبر لاستهداف الحوثيين حلفاء طهران هناك».
تقارب امريكي سعودي
وتابع الكاتب اللبناني ان «الخليجيين وبالتحديد المملكة العربية السعوديّة كانت مآخذها على ادارة باراك أوباما أنه لين ودبلوماسي في تعامله مع ايران ،وهم يريدون أن تعود أمريكا الى سياسة رونالد ريغن في الـ80 وكلينتون وبوش من بعده في موضوع الضّغط على ايران في المنطقة لأنهم يعتبرون ان سياسة اوباما اللينة مع طهران جعلت نفوذها يتمدّد».
وعن التقارب الامريكي السعودي يرى محدثنا ان هناك مؤشرات تقول ان السعودية استطاعت النفاذ الى ادارة ترامب الجديدة ، مشيرا الى «ان ترامب في حملته الانتخابية هاجم السعودية على قاعدة ان اردتم الاستمرار في انكم حلفاء لنا في المنطقة معنا عليكم الدفع « ، مضيفا ان هذا ما حصل فعلا «هناك عدة تقارير تؤكد ان السعوديّة بدأت بالدفع عبر وعدها لادارة ترامب باستثمارات تفوق الـ50 مليار دولار كدفعة أولى من الاستثمارات الّتي أعلنها محمد بن سلمان بالشراكة مع اليابانيين ، بالإضافة الى محاباة السعودية لقرار ترامب حول منع مواطني 7 دول من الدخول الى الولايات المتحدة الامريكية ».
واشار محدثنا فيما يخص سوريا قائلا ان موسكو تلعب دورا كبيرا في موضوع تطويق أي سيناريو تصادمي بين امريكا وإيران في سوريا ، مضيفا ان الامريكيين تدخلهم بشكل مباشر في سوريا مستبعد ولن يزيد عن دعم مجموعات كردية مسلحة موجودة في الشمال السوري ، إلا انّ ذلك لا يعني ان المواجهة قد تصل الى مواجهة مباشرة وفق تعبيره.
واشار محدّثنا الى ان «العراق ايضا ستكون ارض صراع كبير بين ايران وأمريكا ،مضيفا أن الصحافة الموالية لترامب بدأت تقول ان العراق الذي صرفنا عليه ما يقارب 3 تريليون دولار لتكون في صفنا تتمدّد ايران فيه يوما بعد يوم ، ويلمحون الى وجود سيطرة ايرانية على القرار العراقي إلاّ ان ذلك غير صحيح لانه اذا كان ذلك صحيحا لرأينا رد فعل اقوى من العراق على قرار ترامب وقف دخول العراقيين ، فمن الواضح ان ترامب قد يحاول التحرش بايران داخل العراق قوات الحشد الشعبي قد تكون عرضة للاستهداف من القوى التي تشغلها امريكا في العراق للضغط على طهران».