وأشارت مصادر اعلامية الى غياب وفد مجلس النواب وأيضا بعثة الأمم المتحدة للدعم عن الاجتماع رغم اهميتهما في تقريب وجهات النظر .اما الأخطر من كل ذلك فهو ما حدث بين عضوي لجنة الحوار السياسي الشريف الوافي عن اقليم طبرق والفضيل الأمين عن مصراته، فبسبب خلاف حول تعديل المجلس الرئاسي جرى تبادل الشتم بينهما ليتطور في مرحلة ثانية الى تشابك بالأيدي.
ما جرى يذكرنا بما حدث داخل قاعدة بوستة البحرية اين يوجد مقر المجلس الرئاسي مؤخرا عندما بادر نائب رئيس الرئاسي فتحي المجبري سحب سلاحه الشخصي بعد اشتباك بالايدي بين حراسه وحراس السراج على خلفية اصرار المجبري اقتحام مكان اجتماع كوبلر والسراج بالقوة .
صور ووقائع صراع الساسة في ليبيا لم تغب عن المشهد السياسي المحلي وهي تعكس بلا أدنى شك عمق الخلافات فيما بينهم وغياب الوعي السياسي لديهم ،وايضا وهذا الأهم عدم تعودهم على الحوار والتفاوض السلمي بعيدا عن العنف بكل أشكاله و يرى متابعون للشأن الليبي في جانبه السياسي بأن لجوء بعض الساسة الى العنف يعود كذلك الى فشل رئيس البعثة الأممية وفريقها وغياب الرؤية الواضحة والإستراتيجية للحوار السياسي .
ولئن يبدو من باب الاجحاف تحميل مسؤوليّة ذلك الفشل الى رئيس البعثة لوحده فإن أداء كوبلر نفسه يطرح الكثير من الاسئلة حيث ان كوبلر رفض اعتماد وفد مجلس النواب اي لجنة الحوار التي عينها كما تعمد كوبلر التغيب عن بعض لقاءات الحوار، ومثل ذلك زيارته رفقة السراج الى الهلال النفطي قبل سيطرة الجيش عليه والاتفاق مع الجضران على فتح الموانئ النفطية الذي انهار بعد أيام بسبب زحف قوات حفتر عليها مقابل انغماس الساسة في صراعاتهم.
مخاوف وإشكاليات
على خلفية الفجوة بين الساسة وقيادة المؤسسة العسكرية ، ساسة منغمسون كليا في الصراعات ومؤسسة عسكرية تقاوم الإرهاب ورفع التحديات على قلة الامكانيات يتخوف التيار الوطني من خطورة مطالب دول الجوار الليبي والدول الغربية بضرورة اشراف القيادة السياسية على الجيش.
ويؤكد رموز تيار الدولة المدنية بان الساسة الذين يتصدرون المشهد الراهن هم جميعا من تيار الإسلام السياسي الذين يعتبرون المرحلة الانتقالية ومشروع الدولة الديمقراطية هدفا وغاية لديهم لكن في الواقع هم يعملون بعد ذلك لتأسيس دولة الخلافة الاسلامية ، ولذلك يرى انصار الدولة المدنية انه لابد من الحسم العسكري وبسط الجيش سيطرته على كامل البلاد وتحرير طرابلس مما يسمونها بالمليشيات المارقة عن الشرعية و القانون .
و يستدل هؤلاء بالفشل الذريع الذي رافق جلسات الحوار السياسي واستفحال ظاهرة العنف بين الساسة بداية من المؤتمر الوطني والمجلس الرئاسي ، المؤتمر السابق كان مقره مسرحا للاقتحامات وتبادل العنف والضرب وإطلاق الرصاص والحصار .
عدوى العنف والفوضى انتقلت ايضا الى مجلس النواب فقد اضطرت رئاسة المجلس في اكثر من جلسة الى تعليق الجلسات، وتأجيلها سفارات ليبيا بالخارج بدورها تسربت اليها ظاهرة العنف والسفارة الليبية بالقاهرة خير دليل على ذلك بسبب رفض السفير الاسبق مغادرة موقعه.
ويجمع متابعون بأن مثل هذا الحال من شانه اعطاء صورة سيئة للغاية للمجتمع الدولي عن الساسة الليبيين وغياب النضج السياسي لديهم . ويجعل الدول الكبرى وبالأخص الولايات المتحدة تعمل على التحالف مع القيادة العسكرية الأقوى ودعمها من أجل السيطرة على ليبيا، وإنهاء ما يجوز وصفه بالمهزلة والفوضى التي طال امدها اكثر من اللازم .
سيناريو بدأت ملامحه تتجلى من خلال رسائل دونالد ترامب الى حلفائه الأوروبيين وايطاليا على وجه التحديد، سيناريو تدعمه ايضا محاولات الحكومة الايطالية للتقرب من القيادة العسكرية شرق ليبيا من خلال ارسال مساعدات لإقليم برقة .