بروكسل عن غضبهما لعدم تطبيق أوروبا للإجراءات التي تم إقرارها غي اجتماع 20 نوفمبر بعد الهجمات على باريس يوم 13 من نفس الشهر. و قال البيان الهولندي إن الاجتماع سوف ينعقد «بحضور ممثلين عن مؤسسات الإتحاد الأوروبي» في عبارة دبلوماسية تشير بأصبع الاتهام أساسا إلى البرلمان الأوروبي والمفوضية.
أشار في هذا السياق ديمستريس افراموبولوس المفوض الأوروبي للهجرة والشؤون الداخلية أن القمة لن تدرس قضية اللاجئين بل تبحث في « التعاون في مجال المخابرات و تبادل المعلومات» خاصة بعد أن اكتشف أن المشاركين في هجمات بروكسل لهم علاقة بخلية باريس و أنهم معروفون لدى الشرطة. و كان الوزير الأول الفرنسي الذي انتقل إلى بروكسل قد عبر عن عدم استحسان باريس للإخلال المسجل و تقاعس الأوروبيين في تطبيق الاتفاقات الحاصلة.
و أوضحت التحقيقات أن هنالك علاقة ما بين عمليات باريس و بروكسل و أن الأخوين خالد و ابراهيم البكراوي اللذين قاما بتفجيرات بروكسل ساهما في تحضير عمليات باريس وأن ناجم العشراوي صانع المتفجرات ضالع في العمليتين و كلهم من أصحاب السوابق في بلجيكا و لم تقم السلطات بكشفهم مدة أربعة أشهر بعد هجمات باريس. في نفس الوقت لوحت منظمة أوروبول، استناداالى معلومات وردت من المخابرات العراقية، للخطر المحدق بأوروبا بوجود 400 إرهابي على الأراضي الأوروبية جندهم تنظيم الدولة الإسلامية لضرب أوروبا.
تعاون في مجال القضاء
ملف العلاقات القضائية يبقى أصعب ملف في قضية مقاومة الإرهاب. الدول الأوروبية الثماني و لعشرون لها قوانين مختلفة ونظم قضائية معقدة لا تسمح بالعمل الفوري في ميادين مختلفة مثل مقاومة التهريب والإجرام المنظم والمتاجرة بالسلاح و تبييض الأموال. لذلك تعذر اتخاذ قرارات سريعة لصد المجموعات الإرهابية في موضوع التحويلات المالية و تمويل الخلايا الإرهابية النائمة. وتبقى فرنسا في طليعة الدول المطالبة بتحسين التعاون في المسائل المتعلقة بالإرهاب و التنسيق السريع لا فقط في التحقيقات الجارية بعد الاعتداءات الإرهابية و لكن قبل حصول الكارثة. وهو ما يلاقي تحفظا من الأجهزة الوطنية التي لا تريد المساس من استقلالية قرارها. الجانب الفرنسي قدم اقتراحا يتعلق بفرض «السجن المؤبد الفعلي» لمن ثبت تورطه في أعمال إرهابية. في غياب تطبيق عقوبة الإعدام، القوانين الحالية تمكن المساجين من الخروج من السجن بعد انتهاء نصف مدة العقوبة. وهو ما يشكل خطرا إضافيا على الأمن القومي. و لا يرى الملاحظون كيف يمكن للدول الاسكندينافية، التي لها فلسفة قضائية مختلفة الموافقة على مثل هذا الاقتراح.
ملفات ساخنة
الملفات التي طرحها الجانب الفرنسي تتعلق بتحسين التعاون بين أجهزة المخابرات المختلفة للدول الأعضاء بعد أن تبين بطء تطبيق القرارات بسبب الثقافات و التراتيب المختلفة للأجهزة الأمنية في 28 دولة أوروبية. و ركز الجانب الفرنسي على ضرورة مراقبة الحدود الخارجية و الداخلية و على فرض مراقبة على الأوروبيين القادمين من الخارج و التثبت في هوياتهم وهو موقف لم يحصل فيه إجماع بين الدول الأعضاء.
الملف الثالث يتعلق بالبرلمان الأوروبي الذي رفض منذ 2011 المصادقة على قانون يسمح باستغلال المعلومات الواردة في سجلات المسافرين عبر الأجواء الأوروبية. و يخشى البرلمان أن تستخدم الأجهزة الأمنية المعطيات الشخصية للحد من حريات الأوروبيين. و لا يزال الطلب الفرنسي يلاقي معارضة من البرلمانيين اليساريين الذين التحق بهم أقصى اليمين. و إن عبر رئيس البرلمان عن استعداد المشرعين إعادة النظر في المسألة فيستبعد الملاحظون أن يقو م البرلمان في اجتماعه في شهر أفريل، المخصص للنظر مجددا في القانون ، بتغيير موقفه. لكن اجتماع بروكسل يعتبر ضغطا إضافيا على البرلمان حتى يستجيب لرغبات الحكومات في مقاومة فعالة للإرهاب. لكنّ الخبراء الأوروبيين الذين تعاملوا مع هذه المعطيات يشيرون إلى أن مراقبة قوائم المسافرين، على أهميتها، لا تتعدى نسبة 10 % من جملة المسافرين في أوروبا و أن إجراءات أكيدة لا بد من اتخاذها في خصوص 90 % من المسافرين الذين يدخلون إلى أوروبا بوسائل أخرى عبر الأرض و عبر البحار.
ضغوط على المفوضية الأوروبية
و لم تفلت المفوضية الأوروبية من الانتقادات المتعلقة بملف الإرهاب خاصة في ميدان مقاومة تجارة السلاح. و قد أشار مسؤولون فرنسيون بأصبع الاتهام علنا لتخاذل المفوضية أمام الضغوطات المسلطة عليها من قبل لوبيهات مصنعي الأسلحة و منظمات الصيادين الذين لا يرغبون في تشديد المراقبة على الأسلحة. لكن في هذا المجال التقدم ممكن خاصة في مقاومة تهريب الأسلحة الحربية عبر تكثيف مراقبة السيارات و القطارات و الحافلات التي تستعمل عادة في نقلها من منطقة البلقان.
واقترح المفوض الأوروبي اعتماد المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب الذي تم إرساؤه في جانفي الماضي بمدينة لاهاي كأرضية مشتركة لتقاسم المعلومات و إرسال التنبيهات الفورية و تقاسم المعلومات في شبكة موحدة. وهو بديل عن تشتت الأجهزة الأوروبية والوطنية التي لا تساعد على التنسيق بصورة فعالة. و قد تقدم الخبراء في مجال المخابرات و مقاومة الإرهاب منذ مدة بطلب بعث وحدة أوروبية للمخابرات تشبه الوكالة الأمريكية لتحسين أداء الأجهزة الوطنية التي تبقى الجهاز الأساسي في ملاحقة الإرهابيين على الأراضي الأوروبية.