ويشهد الرئاسي والاتفاق السياسي شرعيته من قرارات مجلس الأمن الدولي وخاصة القرار 2258 ، ومن المفارقات الغريبة أنّ الاتفاق السياسي وقع إدخاله لمنظومة القانون الدولي الملزم في حين هو نكرة ولا صفة له محليّا. وبفشل الاتفاق السياسي في اكتساب الشرعية المحلية وبلوغ التسوية السياسية دخل المجلس مرحلة جديدة من الضبابية، بالإضافة الى بروز مستجدات عسكرية على الأرض ، كان لابد على الاطراف الداعمة للاتفاق التحرك من أجل تلافيها وانقاذ الاتفاق من الانهيار .
وهو ما يحصل الآن إذ يرى الخبراء بأن الحراك الذي احتضنته العاصمة المصرية والمشاورات الكثيفة بين دول الجوار الليبي والاتفاق بين الجزائر – تونس ومصر لعقد قمة ثلاثية خلال الايام القليلة المقبلة –وفق تقارير في الغرض- كل تلك الخطوات وبحسب الخبراء والمتابعين للشأن الليبي تؤشر حتما بأن الأطراف الداعمة للرئاسي بصدد بلورة تصور معين لحل الأزمة، لكن في إطار الاتفاق السياسي ذلك ان التصور والصيغة لربما تتمثل في ادخال طرف مهم في المشهد المقبل ، سيما وان القناعة لدى الجميع الآن اضحت نصب أعين الكل ،وهي أنه لا يمكن للرئاسي أن يواصل بنفس الكيفية والتركيبة التي تفككت أو تكاد .
في خضم البحث عن مخرج وتقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية لفت تصريح القائد العام للجيش خليفة حفتر لصحيفة ايطالية إلى أنه لن يقابل فايز السراج، ومؤكدا أنه يركز الان على محاربة الارهاب ، حفتر اضاف ايضا بأن نجل معمر القذافي سيف الاسلام لا مستقبل له سياسيا وهو ورقة محروقة . معلوم أن اتباع النظام السابق يتحفظون على دعم عملية الكرامة التي أطلقها حفتر منذ عامين ونصف العام لتحرير بنغازي ودرنة من الارهاب .
تطورات عسكرية في الجنوب
بالتزامن مع تصريحات المشير حفتر المفاجئة والتي تنسف جهود الجزائر لترتيب لقاء يبينه وبين فايز السراج،تم تسجيل مستجدات عسكرية لافتة في الجفرة جنوبا حيث أمهل العميد محمد بن نايل القوة الثالثة ومليبشيات مصراته المتواجدة في الجنوب 24 ساعة انتهت يوم امس الاربعاء لمغادرة مواقعها وتسليم القواعد العسكرية للواء 12 التابع لقوات حفتر أو لكتائب محلية .
من جانبه فصف طيران حفتر أمس مجددا قاعدة الجفرة والهدف كان طائرة شحن عسكرية نوع سي 130 نزلت لتوها وهي قادمة من طرابلس تحمل أسلحة لفائدة القوة الثالثة .
تطورات عسكرية تمثلت كذلك في زيارة تفقدية قام بها رئيس اركان القوات البحرية التابع لمجلس النواب طبرق الى قواعد الغرب الليبي استعدادا لمعركة استرجاع العاصمة من المليشيات . ويرى مراقبون ان التحركات العسكرية للقيادة العامة للجيش قد تؤثر على إمكانية نسف مبادرة دول الجوار لعقد القمة الثلاثية في تونس .
لكن يبقى السؤال هنا ما الذي يخطط له القائد العام حفتر ، هل حقا هو عازم على شن الحرب على مليشيات طرابلس وإسقاط المجلس الرئاسي؟ أم أن الامر لا يتعدى المناورة ككل مرة يتم فيها برمجة لقاء بين الفرقاء خاصة وان اسلوب المناورة المعتمد من طرف مجلس النواب وحفتر أثبت فائدته في الماضي القريب و البعيد .
مناورة و مماطلة نجح خلالها مجلس النواب في ترك الاتفاق السياسي طيلة سنة كاملة معلقا في الهواء وأحرج المجتمع الدولي الذي راهن على الاتفاق السياسي .
أما الهدف من المناورة في هذا الظرف الدقيق فهي الحصول على اجماع دولي حول شخصه .حقيقة اخرى مهمة وهي ان مناورات البرلمان وحفتر هي التي أوصلت المجلس الرئاسي والاتفاق السياسي الى هذه الانشقاقات.