وعقب الحادثة اكدت وزارة الداخلية الالمانية أنّ ، تنظيم «داعش» الإرهابي أعلن مسؤوليته عن العملية.وحسب تقارير اعلامية تتحدث جهات أمنية عن أن سائق الشاحنة باكستاني أو أفغاني، وأنه دخل ألمانيا كلاجئ في فيفري 2016.
يذكر أن العاصمة الألمانية تشتهر بانتشار أسواق «اعياد الميلاد» في ميادينها وشوارعها الرئيسية من 21 نوفمبر إلى 31 ديسمبر من كل عام. وتباع في هذه الأسواق، التي تشهد اقبالا كبيرا من الزوار الألمان والسائحين الأجانب المنتجات المصنوعة يدويا، والمشروبات والمأكولات المحلية. وارجع مراقبون الحادثة الى الدور الذي باتت تلعبه المانيا في الحرب ضدّ الارهاب باعتبارها عضوا في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش» في سوريا، بالإضافة الى ما تواجهه برلين من ضغوطات داخلية وخارجية لاستقبالها اعدادا كبيرة من اللاجئين وهو مارافقه انتقادات داخلية خشية تنامي المخاطر الارهابية التي تتربص بالبلاد. ويحذّر مراقبون من خطورة المشهد الامني في المانيا وأوروبا على حدّ سواء باعتبار ان الهجمات الارهابية التي هزت مختلف دولها مؤخرا وآخرها هجوم ألمانيا طالت منشآت هي في العادة خاضعة لإجراءات أمنية... مشددة في الأوقات العادية ،فكيف عندما تكون الدولة اصلا في نوع من حالة الطوارئ او في تحضير لمناسبة سنوية قد تكون فيها البلاد عرضة لتهديدات ارهابية . من هنا فان المانيا وأوروبا بشكل عام ستقومان بإعادة تقييم ليس فقط لإجراءاتهما الأمنية بل أيضا تقييم لقراءتهما لقدرات الارهابيين وإمكانياتهم القتالية علما وان اساليب التنظيمات الارهابية في الدول الغربية تتجدّد كل مرة وتثبت انّ «داعش» يحاول ضرب القارة العجوز في عقر دارها وبكل الاساليب.
في ضرورة اعادة الحسابات
ويرى مراقبون أنّ الضربات الموجعة التي تلقّتها أوروبا في الآونة الأخيرة ، دليل واضح على ان الحرب بين الغرب والجماعات الارهابية بدءا بـ «تنظيم القاعدة» وصولا إلى تنظيم «داعش» والخلايا النائمة التابعة لهما قد دخلت مرحلة خطيرة للغاية. ويشار الى ان هجوم المانيا امس الاول سبقه هجمات دامية في العاصمة الفرنسية باريس تبناها تنظيم «داعش» الارهابي ، فعلى الرغم من الاستعدادات الأمنية الكبرى التي اتخذتها العواصم الغربية عامة وبلجيكا خاصة ضد هجمات «متوقّعة»، فانّ مراقبين اعتبروا ذلك فشلا أوروبيا ذريعا في التصدي للإرهاب ومؤشرا على أنّ الاستهداف الإرهابي للقارة العجوز سيستمر ويتزايد في المستقبل ، وهو مايفرض ضرورة إعادة النظر في إستراتيجيتها الأمنية المقبلة. واعتبر متابعون للشأن الدولي أنّ تنظيم «داعش» الارهابي يسعى بعد خسارته للنفوذ في كل من العراق وسوريا إلى فتح جبهات قتال جديدة له في أماكن متفرقة على غرار ليبيا واليمن وصولا إلى تنفيذ هجمات متفرقة في قارات مختلفة ، بما فيها القارة الأوروبية.
ويؤكّد مراقبون ان ماتعيشه اوروبا عامة في الوقت الراهن من تنامي الخطر الارهابي سواء من الحوادث المعزولة والفردية وصولا الى الهجمات المنظمة، كلها تصب في خانة الضعف الامني والاستخباراتي حيث ألقت الهجمات الإرهابية التي اهتزّت على إثرها بروكسل في شهر مارس المنقضي، الضوء على المرحلة الجديدة التي باتت تقبع على اعتابها القارة الأوروبية ، وسط تشكيكات في نجاعة إستراتيجيات وسياسات الدول الاوروبية في محاربة إرهاب الجماعات المتطرّفة التي نجحت في الولوج لا فقط إلى أراضيها بل أيضا استطاعت بثّ إيديولوجيتها المسمومة في عقول مواطنيها. حيث تؤكّد تقارير متطابقة تنامي أعداد الغربيين -بمختلف جنسيّاتهم- المقاتلين إلى جانب تنظيمات متطرفة في بؤر الصراع (العراق وسوريا) ، في وقت طُرحت في الآونة الأخيرة المخاطر المُنجرّة عن عودتهم إلى أوطانهم لتنفيذ مخطّطات إرهابيّة هناك .
هزات متتالية
كما يرى محللون أنّ القارّة الاوروبيّة دخلت مرحلة دفع ضريبة تعاملها مع أزمات المنطقة، وتحديدا ملف محاربة الإرهاب الشرق الاوسط وعلى رأسها الازمة السورية وأزمة اللاجئين التي تفجرت نهاية عام 2015 .
وعانت أوروبا منذ ذلك الحين من تخبط كبير وضعف في مواجهة اكبر ازمة لجوء شهدها العالم في وقت تعاني فيها أغلب دولها من هزات سياسية واقتصاديّة تعلقت بالأساس بالصعود المدوي لليمين المتطرف من جهة والزلزال الذي شهده الاقتصاد العالمي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي . كل هذه التراكمات بالإضافة الى التحديات الامنية جعلت الحكومات الاوروبية تعاني من صراع داخلي بين الامني والسياسي والاقتصادي.
ولطالما حذرت تقارير دولية من ان الجماعات الإرهابية قد طورت من قدراتها الأمنية ،بحيث باتت قادرة على ضرب اهداف حساسة تحتاج الى عمل امني دؤوب من الرصد واختيار الاهداف والحصول على معدات ثم التنفيذ، خصوصا ان هذه الجماعات خرجت عن كونها تستطيع أن تضرب اهدافا شخصية عن طريق اسلوب الذئاب المنفردة وباتت تعمل وفق شبكات عنقودية أكثر تعقيدا .
ويشكك مراقبون في مصطلح الحرب الدولية ضد الإرهاب بتعلة انه مصطلح فضفاض وغير دقيق ، باعتبار أن ما ماتشهده بؤر التوتر اليوم يعد توظيفا سياسية للإرهاب لمصالح خاصة.
وتحيلنا الهجمات الارهابية باختلاف الاساليب المتبعة من الطعن الى الدهس وصولا الى التفجيرات بالأحزمة الناسفة الى انّ التنظيمات الإرهابية تنشط بكل ثقلها في الساحة الاوروبية متحدية الإجراءات الأمنية الغربية التي رغم الاصلاحات الكبيرة التي طالتها عقب هجمات العاصمة باريس نوفمبر المنقضي وفق تقارير في الغرض ، لاتزال تعاني ضعفا ملحوظا.