وقال «السيسي» خلال حوار تلفزيوني- ردا على سؤال حول إمكانية إشراك قوات مصرية في عمليات سلام بسوريا- إن «الأولى لمصر أن تدعم الجيش الوطني في ليبيا وكذلك في سوريا وأيضاً العراق، من أجل فرض الأمن في هذه البلدان»، مما دفع المحاور أن يسأل «هل تقصد بالجيش الوطني في سوريا، الجيش السوري؟ أجاب السيسي: نعم».
وكانت مصر قد قطعت علاقاتها الدبلوماسيّة مع سوريا عقب انتخاب الرئيس الاخواني محمد مرسي في جويلية 2013 ، ألا أن اعتلاء الرئيس عبد الفتاح السيسي سدة الحكم حمل معه تطوّرا واضحا في الموقف المصري نحو تأييد نظام الرئيس السوري بشار الأسد .
وتباينت الآراء بين داعم للموقف المصري حيث اعتبر شق أول انّ الموقف المصري يدعم وحدة الدولة السورية ، في حين انتقد شق ثان هذه الاستدارة في سياسة القاهرة تجاه أكثر الملفات الإقليمية تعقيدا ، محذّرين من تداعيات ذلك على علاقات مصر مع حلفائها في المنطقة وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية.
ويربط مراقبون التغير الواضح في السياسة المصرية بزيارة أداها علي مملوك، رئيس مكتب الأمن الوطني(المخابرات) في نظام بشار الأسد نهاية شهر أكتوبر الماضي الى مصر والتي عقبتها تصريحات عن ضرورة «تنسيق المواقف سياسياً بين دمشق والقاهرة، وكذلك تعزيز التنسيق في مكافحة الإرهاب الذي يتعرض له البلدان»، حسب ما نقلته وكالة أنباء النظام السوري (سانا) وقتها.
تأثيرات على علاقات القاهرة الإقليمية
ويرى متابعون للشأن المصري انّ هذه التصريحات ستؤثر دون شكّ على علاقات مصر بعدة أطراف إقليمية على غرار الرياض وأنقرة ، حيث يرى محللون انّ الموقف المصري دلالة على التقارب بين القاهرة وموسكو . يشار إلى انّ العلاقات المصرية السعودية لم تخل من التوتر خلال هذه الفترة خصوصا بعد تصويت القاهرة في مجلس الأمن لصالح مشروع القرار الروسي حول التهدئة في سوريا قبل أكثر من شهرين،ممّا خلق احتقانا غير مسبوق بين مصر والمملكة العربية السعودية نتج عنه وقف شركة «أرامكو» النفطية التابعة للرّياض، شحنة البترول الخاصة بالقاهرة لشهر أكتوبر ،تلاها مغادرة السفير السعودي أحمد قطان، القاهرة، لـ«بحث مستجدات العلاقات بين البلدين» .
وكان مشروع القانون الروسي في مجلس الأمن يطالب بوقف القتال في مدينة حلب السورية دون أن يلحظ وقف القصف الجوي الروسي والسوري على الأحياء الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة في المدينة الواقعة في شمال سوريا والذي تطالب به الرياض والدول الغربية الداعمة للمعارضة. ورفض مجلس الأمن المشروع الروسي.
وخلف التصويت آنذاك جدلا إعلاميا وسياسيا واسع النطاق في كل من القاهرة والرياض ، بالإضافة إلى انتقادات حادة وجهتها دول الخليج وأولها قطر إلى مصر .ويرى مراقبون أن الخطوة المصرية الأخيرة من شأنها تعكير صفو العلاقات مع السعودية خاصة انّ إعادة المياه إلى مجراها الطبيعي بعد ثورة 30 جوان 2011 في مصر ،استوجبت جهدا مضاعفا من الجانبين. ويرى متابعون للشأن العربي أنّ هذا التوتر يهدّد جدّيا بنسف جهود ترميم العلاقات بين البلدين.
وفي وقت يؤكد فيه باحثون انّ الأزمة مؤقّتة وستنتهي قريبا بموجب ترضيات مصرية ، يستبعد آخرون هذه الفرضية خاصة وان السعودية كانت منذ البداية تنقد الموقف المصري من الأزمة البعيد عن توجهات المملكة ، كما تأتي تصريحات السيسي الأخيرة لتزيد من تعميق فجوة الخلاف بين البلدين. وكانت السعودية أبرمت اتفاقا في افريل لتزويد مصر بـ 700 ألف طن من المنتجات النفطية على خمس سنوات.ورغم نفي القاهرة ارتباط التعليق بالتصويت في مجلس الأمن يرى متابعون انّ الإيقاف جاء ردّا على الموقف المصري من سوريا.
مد وجزر
وتشارك مصر في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ضدّ جماعة «الحوثي» بقوات جوية وبحرية. وتتبنى القاهرة والرياض مواقف متقاربة عموما من الملفات الإقليمية على غرار اليمن.وتُحاول مصر لعب دور هام في المعادلة عبر استقبالها لاجتماعات وفود من المعارضة السورية ، علما وانّ السعودية مافتئت تقدّم دعما مستمرا للمعارضة المسلحة في سوريا دعما لموقفها الداعي إلى إسقاط نظام بشار الأسد .
إلا انّ تصويت مصر الأخير في مجلس الأمن لصالح قرار روسي حول التهدئة في سوريا، خاصة في مدينة حلب أثار توترا عميقا بين البلدين، إذ وصف المندوب السعودي لدى منظمة الأمم المتحدة، عبدالله المعلمي، تأييد مصر لمشروع القرار الروسي بأنه «أمر مؤلم». في المقابل، أوضح السفير عمرو أبو العطا، مندوب مصر لدى الأمم المتحدة، الموقف المصري بقوله، إن القاهرة تؤيد جميع الجهود الهادفة لإنهاء مأساة الشعب السوري، وصوتت بناء على محتوى القرارات التي تضم عدة عناصر مشتركة، صوتت مصر لصالحها، وتتلخص في وقف استهداف المدنيين السوريين، ووقف العدائيات، وضرورة التعاطي الحاسم، مع استخفاف بعض الجماعات المسلّحة بمناشدات المجتمع الدولي لها عدم التعاون مع التنظيمات الإرهابيّة.