وقتل محسن فكري بائع السمك، البالغ من العمر30 عاما، مساء الجمعة عندما علق في شاحنة لنقل النفايات بينما كان يحاول إيقاف عناصر شرطة بصدد إتلاف بضاعته. واندلعت المظاهرات في «الحسيمة» مسقط رأس فكري وانتشرت إلى مدن أخرى على غرار الدار البيضاء والعاصمة الرباط حيث احتشد المئات مرددين شعارات مناهضة لسياسة الحكومة والمؤسسة الملكية . وتقول وسائل إعلام أنّ المظاهرات عمت 40 مدينة مغربية في أول مظاهرات بهذا الحجم تشهدها المملكة المغربية ،وتعالت الأصوات المنادية بمواصلة الاحتجاج وسط تأهب امني وسياسي كبيرين بهدف تطويق الأزمة ومنع توسّع رقعة المظاهرات حيث حاولت الحكومة المغربية امتصاص الغضب في الشّوارع عبر إدانة الحادثة وتقديم كل من وزيري الداخلية محمد حصاد، والوزير المنتدب في الداخلية الشرقي الضريس، واجب العزاء لأسرة القتيل. وأكد وزير الداخلية محمد حصاد وفق وسائل إعلام «عزمه على تحديد ملابسات مقتل فكري، وعلى «معاقبة المسؤولين عن هذه المأساة».وقال حصاد «لم يكن يحق لأحد معاملته بهذه الطريقة»، مضيفا «لا يمكن أن نقبل أن يتصرف مسؤولون على عجل وبغضب، أو في ظروف تنتهك حقوق الناس».
دعوات إلى الاحتجاج
وعقب الحادثة دعت حركات ناشطة في مجال حقوق الإنسان إلى حركات احتجاجية أهمّها حركة «20 فبراير» التي نظّمت احتجاجات اجتماعيّة مُماثلة سنة 2011 في مسعى منها للاقتداء باحتجاجات الربيع العربي في كل من تونس وليبيا ومصر واليمن ،الاّ أنّها لم تنجح آنذاك في حشد الدعم الشعبي لتحرّكاتها نتيجة الإجراءات الفورية التي اتخذتها السلطات من تقديم إصلاحات وتشديد التدابير الأمنية لمنع انتقال الربيع العربي إلى أراضيها.
ويرى متابعون أنّ الحادثة شبيهة بالواقعة التي اندلعت اثرها الثورة التونسية سنة 2011 ، والمتمثلة في حرق محمد البوعزيزي نفسه احتجاجا على مصادرة بضاعته ، ورغم الاهتمام الإعلامي بحادثة مقتل محسن فكري إلا أنها لم تصل إلى مستوى الاهتمام الإعلامي الذي أحاط بحادثة حرق محمد البوعزيزي لنفسه.ويربط مراقبون ذلك بمحاولات المؤسسة الملكية وحلفائها احتواء الأزمة خاصة ان متابعين للشأن المغربي لم يستبعدوا احتمال أن يكون بائع السمك القتيل محسن فكري، بمثابة الشعلة الأولى لحركة احتجاجية عارمة ينفذها «المهمشون» في المغرب.
ثورة مغربية؟
ويرى محللون ان المغرب يحاول منذ اندلاع ثورات الربيع العربي في الدول القريبة منه، إتباع سياسة النأي بالنفس عن الملفات الإقليمية وإتباع سياسة الحياد من كافة الأطراف ، بالإضافة إلى محاولات مستميتة للإصلاح الاجتماعي والاقتصادي الاّ أن التقارير الدولية الصادرة عن مؤسسات مختصة لا تزال ترسم صورة قاتمة للأوضاع في المغرب ممّا يزيد من فرضيات اندلاع حركة احتجاجية منددة بالتهميش . إذ يعيش المغرب في هذه الآونة عدم استقرار سياسي في وقت يحاول فيه عبد الإله بن كيران تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك بعد انتخابات تشريعية فاز فيها حزب العدالة والتنمية الحاكم بالأغلبية في البرلمان وكلف بن كيران إثرها بإعادة تشكيل الحكومة وسط رفض من المعارضة .