وتواجه روسيا انتقادات متزايدة من الغرب لدورها في المعادلة السورية بصفة عامة وللدور الذي تلعبه في الآونة الأخيرة إلى جانب النظام السوري في معركته ضد الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في حلب. وتقبع حلب تحت قصف مستعر أودى بحياة مئات المدنيين وخلف دمارا طال اغلب مظاهر الحياة في المدينة المعروفة بعمقها الاستراتيجي والجغرافي والاقتصادي ، جراء غارات روسية كثيفة هي الأعنف على الأحياء السكنيّة منذ 4 أسابيع متتالية. وتعالت أصوات دولية صادرة منظمات وجمعيات تعنى بحقوق الإنسان مطالبة بإيقاف قصف حلب وإنقاذ ماتبقى منها.
وفي هذا السياق عبرت الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في قمة انعقدت أمس الأول في بروكسل عن «إدانتها الحازمة» لمشاركة روسيا في الهجوم على حلب إلى جانب النظام السوري، لكنها تجنبت الإشارة إلى عقوبات ممكنة تثير تحفظات لدى ايطاليا خصوصا.
وورد في البيان الصادر عن القمة أن «الاتحاد الأوروبي يدرس كل الخيارات المتوفرة إذا تواصلت الفظائع».وطالبت الدول الـ28 وقفا فوريا للأعمال القتالية» في حلب بالإضافة إلى تمكين فرق الإنقاذ من الوصول «بلا عراقيل» إلى المدنيين في جميع أنحاء البلاد.
روسيا تعادي الغرب !
وعن إمكانية معاداة روسيا للغرب نتيجة تضارب الاستراتيجيات في سوريا أجاب الباحث والمحلل السياسي الأردني د. عامر السبايلة في تصريح لـ«المغرب» أنّ روسيا لا تعادي الغرب من اجل سوريا فقط بل لحماية مصالحها الإستراتيجية أيضا ، مضيفا انّ التّصعيد الحاصل هو نتيجة لتوظيف واشنطن للأزمة السورية، فالولايات المتحدة تتعامل مع حرب مستعرة عبر التوظيفات السياسية على حدّ قوله.
وأضاف السبايلة انّ التواجد العسكري الروسي في البحر المتوسط يفرض تغييرا في المعادلة الجيوسياسية في المنطقة . وتابع محدّثنا «لكن لابد في البداية من محاولة تعريف أسباب هذا التواجد وانغماساته على جميع الأطراف. فالوجود الروسي في المتوسط يأتي في إطار الحفاظ على مصالح روسيا الإستراتيجية وأهمّها مصادر الغاز وطريقها إلى أوروبا المعتمدة تماما على الغاز الروسي. وبالتالي فان الوجود الروسي اليوم يأتي في إطار إستراتيجية طويلة الأمد مما يعني أيضا أنّ مسألة التفاهمات والتنسيق مع دول الجوار المتوسطي هو أمر حتمي وأهمّها دول خط الغاز وخصوصا «إسرائيل» التي لا تشاطر موسكو علاقات مهمة».
وأشار السبايلة إلى انّ هذا الوضع يعني أن تحالفات موسكو مع سوريا ومحور المقاومة تضع روسيا في نقطة تنسيق مهمّة ،سواء على الصعيد العسكري أو حتى السياسي مستقبلا نظرا لاضطرار موسكو للتعاطي مع الأمور من وجهة نظر واقعية و بصورة عملية على حدّ تعبيره.
واعتبر الباحث الأردني أنّ «تعاظم الدور الروسي في المنطقة بات أمرا حتميّا وتواجد موسكو العسكري يصبح أمرا طبيعيا نظرا لضرورة حماية المصالح الإستراتيجية الروسية من جهة و من جهة أخرى فان المشاركة في صياغة تسويات المنطقة السياسية تحتاج إلى ثقل في التواجد العسكري في المنطقة خصوصا أنّ موسكو قررت أيضا أن تدخل إلى تركيبة المنطقة عبر بوابة المسيحية الأرثوذكسية وحماية مستقبلها».