وتمكنت العملية حتى الآن من تأمين شريط ضيق على الحدود بطول 900 كلم وفق ماتناقلته وسائل الإعلام . بالتالي فان تصريحات أردوغان الأخيرة تنمّ عن نية تركية لتوسيع تدخلها العسكري ليشمل 5000 كلم في الداخل السوري وهو مايعيد إلى الواجهة المقترح الذي لطالما حاربت تركيا لتنفيذه وهو مقترح المنطقة الآمنة على الحدود مع سوريا.
«المنطقة الآمنة» وأهدافها
ومقترح المنطقة الآمنة الذي نادت به تركيا ورفضته أمريكا والغرب ، يقضي بضرورة إقامة منطقة «حظر طيران» ، إذ اظهر التوغل العسكري الأخير الذي تشنه في شمال سوريا أن هذا المقترح يبقى الهدف الأول لأنقرة لكسب موقع لها في المعادلة السورية. وإلى جانب القضاء على الأكراد ونسف حلمهم بتأسيس كيان كردي مستقل ودحر تنظيم «داعش» الإرهابي ، تسعى تركيا أيضا إلى الحدّ من أزمة اللاجئين الذين تدفقوا عليها في العامين المنقضيين وما مثله ذلك من أزمة عالمية تدفع كلاّ من أنقرة واليونان -باعتبار أنهما نقطة العبور باتجاه القارة الأوروبية - تدفعان الثمن باهظا . إذ لطالما حاولت حكومة أردوغان الضغط على الغرب باعتماد ورقة اللاجئين التي أرقت القارة العجوز وقلبت توازناتها الأمنية والاجتماعية . لكن دعم واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا كثيرا ما كان حائلا أمام أنقرة لتحقيق حلمها ، ويمثل دعم الولايات المتحدة للمقاتلين الأكراد نقطة خلاف كبيرة بينها وبين حكومة أردوغان التي تصنفهم في خانة الإرهاب و تراهم قوة معادية على ارتباط بـ’متشددين’ أكراد على أراضيها.
نوايا تركيا
من جهته قال الباحث والمحلل السياسي الأردني د. عامر السبايلة في تصريح لـ«المغرب» أنّ الأتراك اليوم يتحركون ضمن 3 معطيات أساسية أهمها ضرورة إنهاء حلم الدولة الكردية ، وضمان وجودهم في الشمال السوري لضمان عدم تكرار هذا السيناريو ، بالإضافة إلى تحقيق القدرة على التواجد على الأراضي السورية ودعم طرف سياسي أو عسكري معين بحيث يتم تغييره في المستقبل إلى مكتسب سياسي يتم استعماله لضمان دور لهم في الحل السياسي المرتقب في المنطقة على حدّ تعبيره. وتابع السبايلة انّ المنطقة الآمنة» بالنسبة لتركيا قد تمتد إلى 5000 كيلومتر مربع، أي أنها لن تضم جرابلس وجنوب الباب فقط ، مضيفا أن تركيا تسعى إلى تركيز لاعب أساسي موال لها في الأزمة السورية، وذلك بحجة القضاء على تنظيم «داعش» الارهابي . وتابع السبايلة انّ ‘أنقرة تسعى أيضا الى التلويح بقضية
تقسيم سوريا واستثمارها سياسيا بحيث تكون جزءا من صياغة الحل السياسي عبر تواجدها العسكري دون الحاجة إلى الغرب».
يشار إلى أن سوريا دخلت الآونة الأخيرة منعطفا خطيرا ارتهن في واقع الأمر بتغيّر المواقف الإقليمية والدولية من الأزمة السورية خصوصا وانّ العلاقات بين الأطراف الفاعلة في هذا السياق باتت تراجع واقعا جديدا بعد تغيّر موقف أنقرة التقليدي من نظام بشار الأسد وإطلاق عمليّة «درع الفرات العسكرية»ومارافق ذلك من حديث عن التنازلات المقدّمة في هذا الإطار ومدى تأثيرها على المعادلة ككلّ وعلى السياسات والتوازنات الإقليمية والدولية.