وكان هيثم التاجوري آمر غرفة ثوار طرابلس سيطر على مقر الاستخبارات العسكرية العامة وطالب المجلس الرئاسي بإقالة رئيس الاستخبارات العسكرية مصطفى نوح وتمادى التاجوري في طلباته وابتزاز المجلس الرئاسي معولا على عديد العناصر والدوافع ضمنها الضعف الذي يعانيه المجلس الرئاسي وحالة الاحتقان في الشارع الطرابلسي.
معلوم أن مقر إقامة المجلس الرئاسي في قاعدة بوستة البحرية شهد عددا من الاعتصامات والاقتحامات حرص فائز السراج خلالها على عدم الرد بالسلاح من طرف المكلفين بالحماية.
فشل الترتيبات الأمنية
ذهب طيف من المتابعين لمسار تنفيذ بنود الاتفاق السياسي المتعثر يوم بعد آخر على أن هذا الاتفاق قد انتهى وانهار بعد ثمانية أشهر من توقيعه وبعد امتناع مجلس النواب تمرير حكومة الوفاق ومما زاد الأمور صعوبة أمام المجلس الرئاسي تسرب داء الانقسام والتشرذم إليه ومنها مقاطعة عضوين منه هما القطراني والأسود.
كما برزت خلافات عميقة بين باقي الأعضاء وظهر بالكاشف أن الدعم الدولي وحده لا يكفي لاتفاق سياسي وأيضا دخول المجلس الرئاسي على ظهر فرقاطة لن يخدم ولن يفيده فما الذي أمكن للمجلس الرئاسي تحقيقه وهو سجين القاعدة البحرية سوى الزيارات المتتالية التي قام بها السراج لعدد من الدول؟ الذي ينقص الاتفاق السياسي هو التوافق الداخلي وترتيبات أمنية واضحة الآليات والضمانات لقد دخل المجلس الرئاسي طرابلس متسللا على ظهر فرقاطة إيطالية وغادرها هاربا ولم يتأكد بعد إن كانت المغادرة والهروب بحرا أم جوا ويرجع شق من المراقبين للشأن الليبي بأن المستشار الأمني للبعثة الأممية الجنرال الإيطالي باولو سيرا قد فشل فشلا ذريعا في حماية المجلس الرئاسي وتأمين طرابلس، باولو سيرا وقبيل دخول المجلس الرئاسي للعاصمة طرابلس كان قد اجتمع مع قيادات المليشيات الكبرى في طرابلس واتفق مع من حضر ذلك الاجتماع بأنقرة على أن تتعهد تلك المليشيات -وكانت من ضمنها غرفة ثوار طرابلس -تتعهد كلها بحماية المجلس الرئاسي. لكن بعد أشهر قليلة انقلبت المليشيات على المجلس الرئاسي وأضحت تتصارع مجددا على السلطة والمواقع.
البدائل المطروحة
أمام هذه المستجدات الأمنية والسياسية الخطيرة تم طرح جملة من البدائل لتحاشي الأسوأ. من بين البدائل القائمة اجتماع مجلس النواب في جلسة خارقة للعادة وإعلان تنصله من مخرجات حوار الصخيرات والذهاب نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية متكونة من الخبرات والكفاءات ثم بعد ذلك إقرار انتخابات رئاسية غير مباشرة يعهد فيها لفرضية الانتخابات بفتح باب الترشح وتقوم المفوضية بعد ذلك بدراسة وتفحص قائمة الأسماء الواردة على مجلس النواب ليختار النواب أهم شخصية أو اثنين أو ثلاث ويقوم البرلمان بالتصويت عليها. لكن هذا البديل يصطدم مرة أخرى بإشكالية عجز البرلمان في ضمان إدراك النصاب القانوني لجلساته.
كما أن هذا البديل يتطلب القيام بتعديل الإعلان الدستوري الذي يستوجب هو الآخر عقد جلسة بالنصاب القانوني لنجد في نهاية المطاف الليبيين يتخبطون في دائرة ليست مغلقة فحسب بل وفارغة.
هذا عن البديل الأول أما البديل الثاني فهو يتعلق بالعودة إلى الشرعية الدستورية واعتماد دستور 7 أكتوبر 1951 والنظام الملكي ومبايعة ولي العهد الأمير محمد الحسن رضا النجل الأصغر للملك الراحل إدريس السنوسي والحائز لوصية مكتوبة من والده.
هذا البديل ينادي بتطبيقه حراك العودة الى الشرعية الدستورية الذي ظهر بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي ، وهذا الحراك شكل مكتبا سياسيا ويضم حوالي نصف مليون منخرط وعضو من مختلف مناطق ليبيا .
ولعل من الجائز القول أن الاتفاق السياسي انهار وانتهى وحظوظ ميلاد حكومة الوفاق منعدمة تماما وحكومة الإنقاذ في طرابلس غائبة ولم تبق سوى حكومة طبرق تمارس عملها بالتعاون مع البرلمان.