تتعامل بازدواجية فهي تدعم الجماعات المسلحة التي تقاتل في سرت وفي الآن نفسه تدعم حفتر الذي يقاتل الجماعات المسلحة . وحمّل الباحث الليبي المجتمع الدولي مسؤولية انهيار الاتفاق السياسي في بلاده لانه لم يقم اساسا على صيغة ترضي جميع الليبيين على حد قوله.
• ما هو تقييمكم للوضع في ليبيا في ظل الغارات الامريكية؟
ما يرتبط بالشأن الليبي وقبل الغارات الامريكية هو انهيار الاتفاق السياسي وعودة الصراع من جديد بين الطرفين ( الفجر والكرامة) وتقريبا اصابة الحياة السياسية في ليبيا بشكل كامل بالشلل، وهذا الموقف المخزي للمجتمع الدولي وتحديدا للغرب الذي صنع الحرب الاهلية في ليبيا لأول مرة وهي حرب مصطنعة خلافا لكل المعارك الاخرى التي انطلقت لاسباب دينية او عرقية او مذهبية . ليبيا فعلا مقبلة على تصاعد كبير في الحروب اخطر، ربما يهدد هذه المرة اهم اسطول يعتمد عليه وهو حرس المنشآت النفطية الذي يسيطر على الموانئ النفطية في البلاد .
ان الصراعات اليوم حول شرعية السلاح والسيطرة على النفط هي ترجمة صريحة لفشل الاتفاق السياسي ولفشل ليون وكوبلر في انجاز اية خطوة حقيقية. .نحو عملية تستطيع ان تفرض السلام في ليبيا وان تبعد البلاد عن العنف والفوضى . فالمجلس الرئاسي الموجود في طرابلس يمثل فجر ليبيا ولا يمثل كل الليبيين بالنظر الى ان عنصرين فيه فقط يمثلان الكرامة والأطراف التي بقيت في المجلس الرئاسي في طرابلس تمثل فجر ليبيا في تحالفه الاصلي . وبالتالي العالم الذي يسعى اليوم لدعم شرعية السلاح التي يدعيها المجلس الرئاسي والعالم الذي يمارس ضغوطا كبيرة من اجل تمكين المجلس الرئاسي من الهيمنة على النفط في ظل العجز في الوصول الى تسوية حقيقية ترضي جميع الاطراف هو الذي اطلق الحرب على النفط والحرب على شرعية السلاح .
• ما مدى احتمال اندلاع حرب على الموانئ النفطية؟
هناك احتمال كبير لنشوب واندلاع حرب بين حفتر وبين الميليشيات التي تسيطر على الحقول النفطية. فاللهجة المتصاعدة تقول ان الميليشيات التي تسيطر على الموانئ النفطية لن تستطيع ان تصدّر لوقت طويل..فما ان تنتهي خزاناتها حتى يتوقف التصدير ويقف كل شيء لان الآبار التي تضخّ النفط في الأصل تحت سيطرة خليفة حفتر وبالتالي لن تضخ قطرة واحدة باتجاه الموانئ .
• وكيف ستكون ردة فعل الغرب في حال توقف ضخ النفط؟
مصالح الغرب في ليبيا لا تزال مشوشة بالنسبة الينا واجزم ان مصالحه لا تزال استخباراتية ولذلك هي سرية. وحتى هذه الساعة لا يستطيع احد ان يعرف ماذا يريد الغرب من ليبيا فهل يريد التقسيم ام الحصول على النفط .. فهناك ازدواجية في تعامل الولايات المتحدة الامريكية فهي تدعم الجماعات المسلحة التي تقاتل في سرت وفي الآن نفسه تدعم حفتر الذي يقاتل جماعات مسلحة حليفة لهذه الجماعات . فكيف يمكن للغرب والأمريكيين ان يمارسوا هذه الازدواجية. اذ ان الجنود الفرنسيين الذين قتلوا في مروحية كانوا يساعدون حفتر ضد الجماعات المسلحة في بنغازي وهذه الاخيرة حليفة لجماعة «البنيان المرصوص» التي تحظى بدعم امريكي غير مسبوق .
• كيف هو الوضع في سرت اليوم؟
اكيد ان العمليات العسكرية ستنتهي لصالح « جماعة البنيان المرصوص» التي تقاتل في سرت ضد الدواعش ولكن الاشكالية هو ان هذه الميليشيات متورطة في امتلاك سجون سرية مارست فيها فظاعات مسجلة بتقارير دولية وتقشعر لها الابدان . كما انها متورطة بتهجير 40 الف مواطن تاورغي خارج اراضيهم وبيوتهم وقامت بعملية تدمير كاملة للمدينة اضافة الى الدمار الذي لحق بطرابلس . فهل ان الولايات المتحدة بتحالفها هذا موافقة على ما يقترفه « البنيان المرصوص»؟ وهل سنجد انفسنا امام تحالف جديد مع هذه الجماعات مثلما فعلت مع بينوشيه وشاه ايران وديكتاتوريين مستبدين ارتكبوا جرائم تقشعر لها الابدان؟. وهل عادت واشنطن الى لعبتها القديمة وهي تقديم مصالحها على اي شيء آخر؟ . عندما تنتهي هذه العمليات ستكون هذه الجماعات قد استطاعت الحصول على مكاسب سياسية بالغة
القوة وستكون قد اضافت اقليما جيوسياسيا جديدا الى الاقليم الذي تسيطر عليه اليوم . فهل هذا يعني اننا سنشهد معركة قوية ومدمرة بينها وبين خليفة حفتر خاصة انها تتحالف مع جظران الذي يسيطر على الهلال النفطي وهو نفسه يتحرك شوقا لان يبدأ الحرب ضد حفتر قبل ان يأتي الى دياره؟ والى اي مدى تستطيع الولايات المتحدة ان تقول لنا انها فعلا قد حصلت على ضمانات بشان ان لا تقود العمليات في سرت الى هذه الحرب وان هذه الجماعات ستقوم بتسوية كل المخالفات الخطيرة التي ارتكبتها سواء في امتلاك سجون سرية او اعادة النازحين الى بيوتهم؟. وهنا اريد ان اشير الى ان واشنطن لم تساعد حفتر بالقدر الذي دعمت فيه جماعة « البنيان المرصوص» مع ان انصار الشريعة – حلفاء هذه الجماعة والذين يقاتلون خليفة حفتر لا يقلون خطورة عن داعش الارهابي .