تحمل الحرب الدائرة في أوكرانيا تداعيات أبعد من المنطقة التي تخوض فيها روسيا تصعيدها العسكري، إذ ستمتد تأثيرات هذه الحرب إلى باقي دول العالم وأولها الدول العربية . إذ ترتبط الدول العربية شأنها شأن باقي الدول بعلاقات تجارية واقتصادية مع الجانبين الروسي والأوكراني مما يؤكد أن التداعيات الاقتصادية لهذا النزاع الدائر ستكون باهظة ومكلفة لاقتصاديات المنطقة العربية.
تختلف التداعيات من دولة إلى أخرى، وفق المؤشرات الاقتصادية المختلفة لكل بلد ووفق نسبة المعاملات بين هذه الدول وطرفي النزاع . ويعتبر القمح وحديد التسليح أهم سلعتين تستوردهما الدول العربية من روسيا وأوكرانيا، بنسب متفاوتة بين دولة وأخرى، وتقوم بعض الدول العربية، ومنها مصر، بتصدير بعض الفواكه والموالح والخضراوات إلى روسيا وأوكرانيا.
ووفق التقارير والأرقام المنشورة، يتراوح حجم التبادل التجاري للدول العربية مع روسيا في الفترة من 2019 إلى 2021 بين 18 و21 مليار دولار، ويرجع الحجم المحدود للتجارة بين روسيا والدول العربية إلى كون روسيا وكذلك الدول العربية تنتجان سلعا متنافسة وليست متكاملة.
وكانت للحرب الدائرة تأثيرات على الأسواق العالمية وعلى أسعار النفط والغاز في العالم علاوة على سلع أخرى أخرى تعد من ركائز اقتصاديات الدول العربية ، حيث وصلت القراءات الى حد التحذير من سيناريو تجويع الدول الفقيرة في حال استمرت هذه المعركة دون التوصل إلى حلول سلمية .
من جهته قال الباحث في العلاقات الدولية والإقتصاد السياسي ومستشار المركز العربي للبحوث والدراسات أبوبكر الديب لـ«المغرب» أنّ الحرب الروسية الأوكرانية تسببت في ارتفاعات قياسية في أسعار الطاقة ( النفط والغاز) والحبوب (القمح والذرة) والمعادن ( الذهب الفضة) ووقف الكثير من الرحلات الجوية وايقاف نقل الأموال عبر نظام «سويفت» والغذاء بشكل عام إضافة 3 % إلى التضخم العالمي هذا العام 2022 إضافة إلى نحو تريليونات من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2023، وستكون الدول الأوروبية الأكثر تعرضا للتأثر الاقتصادي ومن المتوقع أن تتعرض دول أوروبا الشرقية الأكثر اعتمادا على التجارة الروسية، مثل ليتوانيا ولاتفيا، إلى ضربات شديدة.
وأضاف أن «الإقتصاد العالمي قد يخسر ما يصل إلى تريليون دولار هذا العام جراء الصراع في أوكرانيا وستساهم الحرب في زيادة التضخم العالمي بنسبة 3% في العام الحالي.فضلا عن ارتفاع أسعار الطاقة والحبوب وملايين النازحين على أبواب دول أوروبا والتبعات الاقتصادية لذلك ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا قد يفاقم مخاوف الأمن الغذائي القائمة في الشرق الأوسط وأفريقيا وقد يؤدي إلى تنامي الاضطرابات الإجتماعية « وفق تعبيره.
وأضاف محدثنا أنه ‹›ستحصل صدمات بالأسعار سيشعر بها الجميع في كافة أنحاء العالم ويطالب السلطات المالية بتقديم الدعم المالي للأسر الفقيرة التي يشكل الغذاء والوقود النسبة الأكبر من نفقاتها. مؤكدا أنّ الأضرار الاقتصادية ستزيد بشكل خطير إذا تصاعدت الحرب وسترتفع أسعار الأغذية العالمية ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق وسيكون الشرق الأوسط والمنطقة العربية من أبرز المتأثرين بهذه الأوضاع .
وبخصوص الأسواق البديلة لما للغرب أو للعرب بعد قرارات الحظر بين روسيا وأوروبا قال الباحث المصري أن الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ورومانيا أسواق بديلة لاستيراد القمح للدول العربية، أما قطر والجزائر ومصر وليبيا فهي أسواق بديلة للغاز الروسي لأوروبا ، والصين والهند وبلدان أمريكا اللاتينية أسواق بديلة للتبادل التجاري مع روسيا.