المشاركين في حرب العراق وأن نسبة عالية من باقي الجنود يعانون من أزمات نفسية. كما دفع حكام الدول الغربية المتدخلة عسكريا هنا وهناك الثمن باهظا من الجانب السياسي، بدءا بتوني بلير إلى جورج بوش الأب والابن إلى ساركوزي والقائمة تطول .
تبعا لذلك كان إقرار الغرب لإستراتيجية عسكرية بديلة لإرسال قوات على الأرض ،ومضمون الإستراتيجية الجديدة هو البحث عن حلفاء محليين لمحاربة الإرهاب والحفاظ على مصالح الغرب، ففي العراق أوجدت الولايات المتحدة الأمريكية ما يعرف بقوات الصحوة فقامت بتسليحها بعد انسحاب القوات الأمريكية .
في ما يتعلق بالأزمة الليبية الموضوع أكثر تشابكا وتعقيدا لعدة أسباب ،لعل أبرزها انتشار السلاح والعدد الضخم للغاية للمليشيات ،ولاحقا تعقد المشهد أكثر بدخول تنظيم داعش الإرهابي على الخط. تعقيد المشهد الليبي ساهم فيه انسداد الأفق السياسي بسبب الصراع على السلطة بين طرابلس وطبرق.
وأمام هذا المشهد سارع الغرب بإرسال فرق من القوات الخاصة فرنسية، بريطانية، أمريكية إيطالية مجموعات صغيرة العدد كانت مهامها متعددة من تدريب للمجموعات المسلحة الحليفة إلى جميع المعلومات الاستخباراتية عن الجماعات المتطرفة.
التأليف بين المجموعات المسلحة المتناحرة
تمهيدا للخطوة القادمة للحرب على داعش الارهابي تعمل القوى الكبرى حاليا على تقريب المواقف وإزالة الخلاف بين حفتر وفجر ليبيا تحاشيا لأي اصطدام بينهما على «أرض سرت»، وقد برزت على السطح تصريحات غربية تتحدث عن ضمان منصب ودور للجنرال حفتر مقابل ترضيات لقيادات فجر ليبيا والمؤتمر الوطني العام وإقناع جميع الفرقاء بأن العدو رقم واحد هو داعش الإرهابي.
وإلى حين التوصل إلى هذا الواقع الجديد أي التأليف بين حفتر والفجر سوف يمنع الغرب قوات حفتر من اقتحام سرت وكذلك سيمنع قوات مصراتة وفجر ليبيا من مزيد التقدم نحو معقل الدواعش في سرت وساعة الصفر للحرب على داعش الإرهابي توقيتها يحدده قرار غربي وآخر ليبي من الجنرال حفتر ولا رئاسة أركان طرابلس.
أياد محلية
المحصلة أن الغرب لن يتورط في المستنقع الليبي وإنما سيعمل كل ما في وسعه لتدريب وتسليح المجموعات المسلحة المحلية على اختلافها وتنافرها لتقوم بالحرب على الإرهاب بالوكالة. ونظرا إلى حجم الخلافات العميقة بين القوات المسلحة شرق وغرب ليبيا فإن أمر إقناع قياداتها بمحاربة داعش الإرهابي في خندق واحد يتطلب وقتا طويلا. عامل قد يستغله تنظيم «داعش» الإرهابي لمزيد التوسع لكن في غير اتجاه المواقع النفطية وهي بمثابة الخط الأحمر للدول الغربية، هذا المعطى أيضا سوف يجعل من ليبيا تحكمها أربع حكومات حكومة مؤقتة شرقا، تنظيم إرهابي في المنطقة الوسطى وحكومتان في طرابلس،بينما تم التغافل عن الجنوب الذي أصبح تحت سيطرة حركات مسلحة انفصالية قادمة من دول جنوب الصحراء مثل حركة العدل والمساواة السودانية الحليفة للجنرال حفتر.
لعل أخطر ما وقع وسيقع مستقبلا هو خرق وانتهاك السيادة الوطنية لليبيا فالبلاد أمس واليوم تسرح وتمرح فيها الاستعلامات الغربية على الأرض وطائرات دون طيار تملأ سماءها لم يسبق للمخابرات الغربية أن تواجدت أو تدخلت في بلد مثلما هو الحال الآن في ليبيا إلى درجة إعلان بريطانيا الأسبوع الماضي سيطرتها إلكترونيا على ساحل ليبيا.