الدولي على ثروات ليبيا ، ولو ان إدراك دول أوروبية فاعلة لخطورة الحياد أمام التوغل والممارسات التركية في ليبيا دون رادع دولي وأممي جاء متأخراً جداً ، إلا ان التنسيق اليوناني الايطالي مؤخراً وتوقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين قد يكون مقدمة لتنسيق أوروبي أمريكي أكثر فاعلية لدفع المسار السياسي والاتفاق علي التفاصيل الخاصة بآلية إنفاذ وقف إطلاق النار وإنهاء وجود المقاتلين الأجانب في الأراضي الليبية.
ويلاحظ هنا أن روما التي لديها اهتمامات تاريخية واقتصادية بالشأن الليبي معلومة للجميع قد بدأت أخيراً مراجعة تقاربها مع أنقره وأدركت الحكومة الإيطالية خطورة مهادنة طموحات أنقرة الاستعمارية في جنوب المتوسط، والسكوت على نوايا أنقرة الاحتفاظ بقواعد عسكرية في الغرب الليبي . وبناءً علي تلك المراجعة اللحظية تأجلت زيارة وزير خارجية ايطاليا إلي أنقرة الى أجل غير مسمي ربما لمراجعة جدية لمواقف روما المتأرجحة خلال الفترة الأخيرة ، وربما لعدم إثارة الجانبين اليوناني والفرنسي علي خلفية توتر علاقاتهما مع أنقرة والتصعيد الجاري بين البوارج البحرية في السواحل الليبية على خلفية العمل العدواني - وفقاً لوصف السلطات الفرنسية - لإحدى الفرقاطات التركية ضد الفرقاطة الفرنسية Le Courbet في 10 جوان الجاري.
وعلي الرغم من ان الاوضاع الميدانية في سرت وطرابلس قد شهدت في اليومين الماضيين هدوءاً نسبياً إلا ان هناك تنافساً حالياً بين بعض الميليشات في الغرب الليبي للسيطرة علي مرافق عامة ومنشآت تابعة لمؤسسات حكومية، بالتوازي مع عمليات نهب وخطف لتحقيق مكاسب مادية ، وابراز وجودهم علي الساحة مما ينذر - في حالة استمرار ذلك التنافس - بعودة حالة الفوضى التي جرت في العاصمة في 2012 و 2017 .
أما على صعيد المسارات السياسية الجارية لتسوية الأزمة الليبية ، وفي مقدمتها الاجتماعات المنضوية تحت مسارات برلين ( السياسية والعسكرية والاقتصادية والإنسانية ) فمن المنتظر عقد اجتماع جديد للجنة المتابعة تحت رئاسة مشتركة لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا وجامعة الدول العربية بداية الأسبوع المقبل.
ونتيجة لتأرجح مواقف بعض الدول الأوروبية الفاعلة وتراخي أمريكي واضح في التصدي للطموحات التركية كنا قد دعونا إلى أهمية وجود دور فاعل لدور جوار ليبيا يحقق توازن في معادلة التكالب الدولي والإقليمي على توجيه المشهد السياسي الليبي . كما ان استمرار حالة السيولة الأمنية في الأراضي الليبية وزيادة التدخلات الخارجية ضاعفت من أهمية دور دول الجوار الليبي وتنسيق مواقفها سواء في إطار جامعة الدول العربية أو الاتحاد الأفريقي لدعم تسوية عاجلة للمسألة الليبية استناداً إلي الحل السياسي كمخرج وحيد يضمن تماسك ووحدة الدولة الليبية.
ولعل المبادرة التي انطلقت من القاهرة من أجل وقف إطلاق النار والعودة إلي الحوار بين الفرقاء السياسيين في ليبيا تعطي دفعة جديدة لتنشيط الاجتماعات المنبثقة عن آلية دول جوار ليبيا وضرورة تنسيق مواقف الدول أعضاء الآلية - بصفة خاصة مصر وتونس والجزائر - لوقف تمدد الميليشيات المسلحة داخل الأراضي الليبية وإظهار صور الدعم المناسبة لحق الشعب الليبي في الحفاظ علي وحدة أراضيه وتوحيد مؤسسات الدولة واستعادة دورها المنشود لاستقرار ليبيا .
لذلك من الأهمية بمكان اليوم ، توجيه دعوة عاجلة لأعضاء جامعة الدول العربية من أجل إجراء اجتماعات تنسيقية تركز على دعم دور آلية دول جوار ليبيا وكذلك دعم إعلان القاهرة والمبادرات السياسية التي تهدف إلى تفكيك الميليشيات المسلحة واستكمال تنفيذ مقررات قمة برلين.