الكاتب والمحلل السياسي اللبناني د. رياض عيد لـ«المغرب»: «تجربة الإسلام السياسي في العالـم العربي لـم تنجح بل حولت الثورات إلى معضلات وأزمات يصعب حلّها»

قال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني د. رياض عيد في حوار لـ»المغرب» انّ دور جماعة «الإخوان» المُسلمين تراجع في المشهد السياسي العربي خلال السنوات الأخيرة ، مضيفا أنّ القمة الإسلامية في تركيا لن تنجح في محور ربط الغرب لآفة «الإرهاب» بالإسلام والمسلمين.

وأضاف رياض عيد انّ ازدواجية الدور الذي تلعبه كل من أنقرة والرياض في الحرب ضدّ الإرهاب زاد من إرباك المشهد في المنطقة العربية.

• ماهو موقع جماعة الإخوان المسلمين في المشهد السياسي العربي الراهن ، مالذي تغيّر منذ سنة 2011 ؟
أوّلا بخصوص دورها في المشهد السّياسي العربي فقد غابت جماعة «الإخوان» المُسلمين عن المسرح السياسي في مصر منذ اندلاع الثّورة التي أوصلت عبد الفتاح السيسي إلى كرسي الرئاسة ،وكذلك انتكس دور الإخوان في تونس لكنهم سرعان ما تأقلموا مع المتغيرات وأوجدوا لأنفسهم دورا فيها، أما في سوريا فقد تراجع دور الإخوان المسلمين لصالح القاعدة وأخواتها من القوى التكفيرية مثل تنظيم «داعش» وفروعه من الجماعات الإرهابية الأخرى. بصراحة فشلت تجربة الإخوان المسلمين في الانقضاض على السلطة عقب ثورات

الربيع العربي التي استغلتها أمريكا لنشر القوى التكفيرية على «داعش» ،وذلك في محاولة من الولايات المتحدة للحلول مكان الإخوان المسلمين بعد فشلهم، هذه الإستراتيجية الأمريكية ساهمت في إشعال حرب ناعمة بالوكالة وهي المسماة الجيل الرابع من الحروب الأمريكية ضد الدول التي ترفض السير وفق مشروعها السياسي .

وبالتالي تبنت أمريكا «داعش» وأخواتها لإكمال مشروعها التدميري في سوريا والعراق ومصر وليبيا وتونس والمغرب العربي.

• لو تقيمون لنا مواقف الدول العربية من جماعة «الإخوان» من 2011 إلى اليوم؟
واضح أن مصر تكنّ العداء وتشنّ حربا ضدّ الإخوان المسلمين الذين يتحملون مسؤولية التفجيرات التي حدثت بمصر، وفي سوريا لا يزال الجيش السوري يشن حروبه الدفاعية مع حلفائه في محور المقاومة لمنع سقوط سوريا وسيطرة القوة التكفيرية المدعومة من عدّة أطراف دولية .وكذلك الأمر في العراق واليمن وليبيا.

خلاصة القول أن تجربة الإسلام السياسي في العالم العربي لم تنجح بل حولت ما سمي بالربيع العربي إلى معضلات وأزمات يصعب حلها، بعد مساهمته في تدمير خبرات العالم العربي وتدمير جيوشه وإعادة الدول العربية إلى العصور القديمة والوسطى .
كل الدّراسات الصّادرة عن مراكز الأبحاث الأمريكيّة التي تُعنى بالقرار الأمريكي تثبت أنّ الإخوان المسلمين وصلوا إلى الحكم في تونس ومصر بدعم أمريكي وقد صرحت هيلاري كلنتون عن هذا الأمر، وكذلك مركز ستراسفور الأمريكي فقد عقدت إدارة البيت الأبيض أكثر من 72 اجتماعا مع التنظيم العالمي للإخوان المسلمين واتفقت معهم على تمكينهم من استلام الحكم في الدول العربية بشرط أن تبقي الليبرالية كنظام اقتصادي للدّول التي تنجح بحكمها وان تبقي الاتفاقات المعقودة مع إسرائيل قائمة ووافقت قيادة الإخوان على هذا التعهد ، إلا أن فشل الإخوان في الدول العربية أعاد حسابات البيت الأبيض في المنطقة .

• ماهي أسباب تغير موقف الدول الخليجية من الإخوان وما تلاها من تصنيفه جماعة إرهابية في السعودية وإغلاق مقرهم في الأردن مؤخرا ؟
بالنسبة لتغير موقف دول الخليج من الإخوان المسلمين فذلك يعود إلى العداء التاريخي بين السعودية والإخوان المسلمين وسطوة السعودية على مجلس التعاون الخليجي وفرضها التزام دول مجلس التّعاون الخليجي بأجندة السعوديّة .بالإضافة إلى التّنافس السّعودي القطري على الأدوار في السّاحة العربيّة بعد غياب دور مصر وانشغال سوريا والعراق في حربهما ضدّ «داعش» وأخواتها ، علاوة على تقديم الولايات المتّحدة لدور السعوديّة على دور قطر. برأيي الولايات المتّحدة الأمريكيّة هي الّتي تقدّم أدوار دول الخليج أو تحجبها وفقا للأجندة الأمريكية ورؤيتها لمصالحها.

اما بالنسبة للأردن فان سخاء السعودية المالي باتجاه الاردن وخشية الأردن من سيطرة الإخوان المسلمين على الحكم نظرا لدور حركة «حماس» الجناح العسكري للإخوان المسلمين وقوتها على الساحة الفلسطينية ، كل ذلك جعل الأردن ينحاز إلى الموقف السعودي في هذا الشأن خوفا على عرشه أولا وثانيا لان الطرف الأمريكي دفع بهذا الاتجاه.

• كيف سيكون المشهد العربي في ظل التغيّرات الطارئة على المنطقة من بروز للمحاور والأحلاف الجديدة ؟
المشهد العربي بدأ يتغير بعد دخول الرّوس في الحرب في سوريا ، وتغير الوضع العسكري لمصلحة محور المقاومة .وبعد اقتناع أمريكا بخطورة التنظيمات الإرهابية التي بدأت تخرج عن ضبط مشغليها وهو مايبرز تزايد عملياتها في أوروبا.وبعد اقتناع واشنطن أن الروس يتجهون نحو حسم المعركة ضد «داعش» في سوريا لصالح النظام .لذلك فقد خيرت الولايات المتحدة الأمريكية التسوية وبدأت محادثات اليمن في الكويت، علاوة على انطلاق التحضير لجنيف بخصوص سوريا وبالتالي انا اعتقد أن المنطقة دخلت مرحلة التسويات

لكن تفاصيل الحلول لم يتفق عليها بعد . خلاصة القول أن السعودية فشلت حتى الآن في تعبئة الفراغ العربي بعد انشغال مصر وسوريا والعراق في حربها الداخلية . وثمة مشهد عربي جديد سيتشكل بعد انتهاء الحرب في سوريا والعراق. انا أرى أن أمريكا لم تعد مهتمة بالشرق الاوسط بات اهتمامها في التصدي للعملاق الصيني المنافس الرئيسي لها .وروسيا هي الممسكة بملفات المنطقة وعلى الحكام العرب التموقع مع روسيا وحلفائها لضرب الارهاب لان لا قيامة للعالم العربي إلا بأنظمة مدنية علمانية للخروج من الحروب المذهبية التي تحرق الأخضر واليابس وتخدم مصالح الكيان الإسرائيلي.
اعتقد ان هناك نظاما عربيا جديدا سينبلج من رحم هذا الدمار الكبير لان منطقة المشرق وكل العالم العربي باتا جزءا من إستراتيجية روسيا الاوراسيا ومشاريع طريق الحرير والحزام الاقتصادي الصيني وثمة مشاريع اقتصادية وطاقوية كبرى ترسم للمنطقة .

• هل ستحمل قمة مجلس التعاون الإسلامي ، الجديد؟
السعودية مأزومة وكذلك تركيا ، والقمة الإسلامية في اسطنبول لن تحمل أي جديد لان التحدي اليوم أمام المسلمين هو كيفية التمييز بين المسلم والإرهابي خاصة أن المسلمين في الغرب والعالم بعد العمليات الإرهابية باتوا يتهمون بالإرهاب. إذن فالتحدي أمام القمّة الإسلامية هو النجاح في هذا التمييز لمنع وصف المسلم بالإرهابي .
تركيا التي ترعى المؤتمر هي والسعودية المتهمان الرئيسيان بأدلجة وتمويل وشرعنة وتسليح القوى الإرهابية للعبث بالعالم العربي .وحتى الآن تركيا والسعودية تحاولان إقامة محور سني لمقاومة الدور الإيراني والروسي في المنطقة . السؤال المطروح الآن هو كيف يمكن لمن أنتج الإرهاب ودعمه أنّ يتصدّى له؟ هذه القمة الإسلامية محاولة تركيّة سعوديّة للتغطية على ادوراهما المزدوجة في الحرب ضدّ الإرهاب .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115