الملكي ،اعتبر متابعون انها تاتي لترسيخ جهود توريث الحكم لولي العهد محمد بن سلمان خلفا لوالده سلمان بن عبد العزيز ، مع العلم أن خطوات توسيع الصلاحيات وتهيئة الارضية لولي العهد بدأت منذ فترة طويلة تارة خلف الكواليس في دهاليز القصر الملكي وتارة أخرى بشكل مٌعلن من خلال عدة إجراءات تم اتخاذها .
بدأ المشهد العام في الرياض يشهد تطورات متسارعة منذ إصدار العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز في جوان المنقضي، أمرا ملكيا عين من خلاله نجله الشاب محمد بن سلمان وليا للعهد بعد إعفاء الأمير محمد بن نايف من مناصبه كولي للعهد ونائب لرئيس مجلس الوزراء وكوزير للداخلية ايضا.
ودفعت هذه الاوامر الملكية انذاك الى الواجهة ولي العهد السعودي الجديد محمد بن سلمان بعد ان كان وصوله الى اهم منصب سياسي في المملكة بعد منصب الملك ،كان في فترة زمنية وجيزة مع العلم ان محمد بن سلمان يبلغ من العمر 32 عاما فقط علاوة على محدودية تجربته السياسية.
كما تم تعين محمد بن سلمان بالإضافة إلى ولاية العهد في منصب نائب رئيس مجلس الوزراء مع احتفاظه بمنصب وزير الدفاع، مما يقوي موقع وصلاحيات الأمير الشاب في المملكة. يشار الى انّ ولي العهد الجديد ، ظهر على السّاحة السياسية السعودية عقب تولي والده سلمان بن عبد العزيز الحكم بداية 2015 خلفا لأخيه غيرالشقيق عبد اله . وبرز محمد بن سلمان منذ سنتين في اروقة الساحة السياسية السعودية بعد توليه مهمة الاشراف على عاصفة «الحزم» في اليمن. إلاّ أنّ فشل العملية العسكريّة السعودية أجبرته على إيجاد وسيلة أقوى لإثبات نفسه وجدارته بالصعود في سلّم البلاط الملكي ليقدم منذ عام مضى رؤية السعودية الاقتصادية سنة 2030 والتي تخلّت فيها المملكة عن النّفط كمكوّن أوّل ورئيسي لاقتصادها.وكسب محمد بن سلمان انذاك ثقة العاهل السعودي وعدد من أجنحة الحكم السعودي ، إلا ان ذلك لم يلغ وجود معارضة داخليّة لهذا الصّعود الذي يحققه ولي ولي العهد السعودي السابق وولي العهد الحالي.
التطورات الاخيرة التي هزت المشهد السياسي في الرياض لم تكن بعيدة عن التوجه العام الذي يحاول محمد بن سلمان من خلاله تعبيد الطريق لنفسه باتجاه خلافة والده ، خاصة وان الاعتقالات الاخيرة طالت شخصيات سياسية هامة من بينها من يحظى بدعم داخل البلاط ويشكّل تهديدا لمسار محمد بن سلمان نحو تولّي العرش.
طموحات محمد بن سلمان
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني المختص في الشأن السعودي علي مراد لـ«المغرب» أنّ «محمد بن سلمان وصل الى الحكم ويحكم بالفعل وما يحصل هو فقط عملية تطهير رموز قد تسبب له مشاكل في المستقبل، او لنقل قد تشكّل خطراً عليه في حال تكتّلت ضده بعد ان يجلس رسمياً على العرش».
وأضاف مراد انّ بن سلمان قام بإخراج حجة «مكافحة الفساد» للإطاحة بمتعب بن عبد الله وآخرين من الامراء المحسوبين عليه (بعضهم كانت علاقته جيدة بمحمد بن نايف) . مشيرا الى انّ بن سلمان يحضّر الظروف المناسبة لتنازل والده له واعتلائه العرش.
وأكد الكاتب اللبناني ان «بن سلمان كان مؤخراً يحاصر الوليد بن طلال (رجل الاعمال المشهور والذي تم اعتقاله ضمن ما اسمته السعودية حملة الفساد)،ويضيّق عليه ويمنعه من الحصول على العطاءات في المشاريع الاستثمارية، لأن الوليد لديه مطامع بالسلطة اولاً ولأن مشادته مع ترامب عندما كان مرشحاً للانتخابات ما زالت ماثلة في الاذهان فأراد الوقوف عند خاطر ترامب بالاطاحة به، امّا باقي رجال الاعمال والوزراء فالهدف من الاطاحة بهم هو استباق اي توظيف لأموالهم في خطط تقويض توجهه في المرحلة القادمة، آخذين بعين الاعتبار ان اغلب هؤلاء يملكون الإمبراطوريات الاعلامية السعودية الكبيرة».
وتابع علي مراد ان «بن سلمان يسعى لإنشاء تحالف بناء على اتفاق مع الاجنحة السديرية (الذين خلت قائمة المتهمين بالفساد من اسمائهم)، وهنا يجب ان نأخذ بعين الاعتبار ان بن سلمان في نفس اليوم الذي اطاح به بمحمد بن نايف في ٢١ جوان الماضي عدّل بند وراثة الحكم في «النظام الاساسي للحكم» لإقرار ان المُلك وولاية العهد لا تجتمعان في فرح واحد، وذلك لإعطاء أمل للاجنحة السديرية بالوصول الى الحكم يوماً ما، ولكن الأرجح ان بن سلمان سيعود للانقلاب على هذا الاتفاق بعد اعتلاء العرش ويعود لتعديل هذه المادة لاعطاء ولاية العهد لأحد اشقائه او ابنه مثلاً».
«ولي العهد وترامب»
وبخصوص التطورات قال الكاتب اللبناني انّ ما قام به الملك سلمان وابنه سيكون له اثر كبير على مستقبل العائلة الحاكمة، مضيفا انّ القرارات والطريقة التي تعامل بها بن سلمان مع امراء لهم تاريخهم في مؤسسة الحكم سيكون لها مفاعيل وارتدادات.
واضاف «متعب بن عبد الله له جمهوره وبن نايف كذلك له جمهوره، وقد نشهد تحركات للتمرد على بن سلمان بعد ان تمر العاصفة الحالية، لكن هذا التحرك لن يُكتَب له النجاح اذا لم يأتِ بمباركة امراء اقوياء ولهم وجودهم كأحمد بن عبد العزيز مثلاً، بالإضافة الى العامل الامريكي فمحمد بن سلمان يعتقد ان ترامب سيذهب معه الى الاخير في اتفاقهما ولكن من يعلم قد يعدّل الأمريكي رأيه بعد ان يأخذ ما يريد».
واعتبر محدّثنا ان «ما حصل هو عملياً المرحلة الثانية من الانقلاب داخل العائلة المالكة الذي وقع في نسخته الاولى في 21 جوان الماضي، وبرأيي ان المرحلة الثانية هذه كانت الاعنف كون ما حصل امر غير مسبوق في تاريخ السعودية والصراع على العرش. يبقى هناك مرحلة ثالثة تتمثّل بالإطاحة بالمؤسسة الدينية الرسمية الى الأبد وهنا اقصد الاطاحة بالإرث التاريخي لآل الشيخ، بتصوري ان بن سلمان سيصدر اوامره قريباً بإلغاء هيئة كبار العلماء وحصر المؤسسة الدينية بمنصب «المفتي العام» الذي لن يكون من آل الشيخ وسيأتي بوجه يروَّج له على انه قائد توجه انفتاحي كبير».
واعتبر الكاتب اللبناني ان الأمر مرتبط بمصير اتفاق محمد بن سلمان ودونالد ترامب، اذا ما قرر ترامب ان يمضي قدماً بالاتفاق فإن الامور سوف تمرّ ويستتب الامر لبن سلمان في المرحلة القادمة. مضيفا انه لا يمكن ان يحكم نجل الملك طالما هناك عدم رضا أمريكي وحتى الآن لا أرى منافسين لبن سلمان بإمكانهم اقناع الامريكيين بأنّهم البديل .. مع استبعاد أن تتشكّل قوّة داخل العائلة السّعودية قادرة على مواجهته لأنه عملياً أمسك بكلّ السّلطات تقريباً بعد تحييد خطر «الحرس الوطني» الذي كان يُعدّ مصدر التهديد الاخير لسلطته.
وأشار محدّثنا الى انّ الخطوات التي قام بها بن سلمان منسّقة مع مكتب ترامب وبعلمه ومباركته، صهر ترامب جاريد كوشنر زار الرياض قبل عشرة أيام ومكث هناك لثلاثة ايام .. مشيرا الى انّ هناك دور إماراتي تنسيقي مع الأمريكيين لمساعدة بن سلمان على تنفيذ مخططه للامساك بكل تلابيب السلطة داخل السعودية.