بين المتنافسين المحتملين وزير المالية السابق ريشي سوناك والوزيرة الحالية المسؤولة عن العلاقات مع البرلمان بيني موردونت وحتى رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون الذي سيحاول على الأرجح العودة بعد أكثر بقليل من ثلاثة أشهر على دفعه إلى الاستقالة على اثر سلسلة فضائح.
واضطرت تراس التي تولت مهامها منذ 44 يوما فقط ولا تتمتع بأي شعبية، للتخلي عن المنصب في نهاية المطاف. فقد أطاحتها أزمة ثقة عميقة بعد تقلبات في قراراتها لتهدئة عاصفة في الأسواق أثارتها إعلانات حكومتها بشأن الميزانية.
وقالت تراس (47 عامًا) في إعلان استقالتها أمام مقر رئاسة الحكومة في لندن «نظرا للوضع، لا يمكنني إنجاز التفويض الذي انتخبني من أجله حزب المحافظين».
وكانت قد قدمت نفسها في اليوم السابق على أنها «مقاتلة» و»ليست شخصية تستقيل». لكن عمق الشعور بعدم الثقة قوض تصميمها لتصبح بذلك رئيس الحكومة الذي شغل أقصر مدة في تاريخ بريطانيا.
وكانت لائحة النواب المطالبين برحيلها تطول كل ساعة ولم يترك خيار لتراس سوى الرحيل.
سيقود رئيس الوزراء المقبل بلدا غارقا في أزمة غلاء معيشة خطيرة مع تجاوز التضخم العشرة بالمئة وهي أعلى نسبة تسجل منذ أربعين عاما. والوضع الاجتماعي متوتر في المملكة المتحدة التي تضاعفت فيها الإضرابات في الأشهر الأخيرة خصوصا في قطاع النقل.
ولتعيين رئيس جديد للحكومة بحلول 28 اكتوبر، وضع حزب المحافظين الذي يتولى السلطة منذ 12 عاما، إجراءات سريعة.
وينبغي أن يحصل المتنافسون على تأييد مئة على الأقل من نواب حزب المحافظين وهذا ما يسمح بالحد من عدد المرشحين ليكونوا ثلاثة على الأكثر إذ إن الحزب ممثل بـ357 نائبا في مجلس العموم.
وبعد ذلك، سيتعين على النواب الاتفاق على مرشحين اثنين فقط ليختار أعضاء الحزب البالغ عددهم 170 ألفًا أحدهما بالتصويت عبر الإنترنت بحلول 28 أكتوبر، أو على مرشح واحد ينتقل مباشرة إلى مقر رئاسة الحكومة في 10 داونينغ ستريت. وإلى أن يتم ذلك تبقى ليز تراس في السلطة.
وقال الخبير السياسي تيم بيل الأستاذ في جامعة كوين ماري في لندن إن شرط الحصول على عتبة المئة صوت يؤدي «على الأرجح» إلى استبعاد بوريس جونسون.
وأوضح بيل لوكالة فرانس برس «لا اعتقد ان النواب يريدون العودة إلى الوراء»، مذكرا بأن «ثلثي الناخبين أرادوا أن يستقيل» في جويلية الماضي.
وتابع الخبير نفسه أن «الاعتقاد بأن الناخبين يريدون عودته وهم» قبل أن يؤكد في الوقت نفسه أن «بعض النواب المحافظين يعيشون في عالم خيالي».
وكشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة يوغوف أن ثمانية من كل عشرة بريطانيين يعتقدون أن ليز تراس كانت محقة في الاستقالة.
وكان تقديم ميزانية مصغرة تتضمن مساعدات لدفع فواتير الطاقة وتخفيضات ضريبية ضخمة وغير ممولة في 23 سبتمبر هو ما أدى إلى رحيل رئيسة الوزراء.
فقد تسببت هذه الخطة في انخفاض سعر الجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوياته التاريخية وأثارت حالة ذعر الأسواق وكادت تسبب أزمة مالية من دون تدخل سريع لبنك إنقلترا.
وأقالت تراس وزير ماليتها كواسي كوارتيتغ قبل أن تتخلى عن مشروعها لكنها فشلت في تحسين الوضع، إلى درجة أنها كسرت الأرقام القياسية في تراجع شعبيتها.
وبينما تتقدم المعارضة العمالية على حزب المحافظين في جميع استطلاعات الرأي، دعا زعيمها كير ستارمر إلى انتخابات عامة «الآن».
من جهتها قالت رئيسة الوزراء الاسكتلندية الاستقلالية نيكولا ستورغن إن الأمر «ضرورة ديموقراطية».