الدائر منذ فيفري المنقضي ، إذ مرّ الغرب إلى مرحلة جديدة تنضاف لسياسة العقوبات المفروضة على موسكو وهي مرحلة تسليح أوكرانيا وسط آمال من الأوروبيين أن تكون خطوة ناجعة في ردع التقدم العسكري الروسي.
ويعمل الاتحاد الأوروبي من جهة على زيادة الضغط عبر سلاح العقوبات على موسكو ، ومن جهة أخرى على زيادة الدعم اللوجيستي والعسكري لأوكرانيا في مواجهة دولة من أقوى دول العالم عسكريّا. على الصعيد الإقتصادي يرى خبراء أنّ الغرب بات قريبا من فرض عقوبات قاسية تستهدف النفط الروسي في خطوة ستكون لها تأثيرات مؤلمة لا فقط على الجانب الروسي بل أيضا على الصعيد الدولي ، وتقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إنّ «هيمنة روسيا المستمرة منذ عقود على سوق الطاقة في أوروبا قد تنهار».
ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إنه «سيكون من الممكن قطع العلاقات النفطية بين أوروبا وروسيا، لكن هذا الجهد سيستغرق وقتا وقد يؤدي إلى نقص وارتفاع أسعار البنزين والديزل ووقود الطائرات وغيرها من المنتجات، وهو وضع يمكن أن يتعب المستهلكين الذين يعانون بالفعل من التضخم، وفي نهاية المطاف، يعرقل الانتعاش الاقتصادي من وباء كورونا».ووفق تقارير تتزوّد دول أوروبا بحوالي 25 في المائة من النفط الخام الروسي، ولكن هناك اختلافات واسعة في مستوى الاعتماد على روسيا بين البلدان في الاتحاد الأوروبي لكن المؤكد أن دول العالم وموسكو أيضا ستعاني من تبعات مؤلمة لمثل هذه الخطوة.
ووفق وسائل إعلام فقد انطلقت دول الاتحاد الأوروبي أمس الأربعاء في دراسة عقوبات جديدة ضد موسكو، بما في ذلك حظر على النفط والمنتجات البترولية التي يتم شراؤها من روسيا. ورغم التحفظات التي يخلفها مثل هذا القرار يرى متباعون أنّ ردع روسيا يستوجب تنازلات وقرارات مؤلمة للجانبين لكنه لا يخلو من المخاطر والتأثيرات السلبية على الإقتصاد العالمي. ومن بين السيناريوهات المطروحة نجد مقترحا قدمته المفوضية الأوروبية يقضي بوقف تدريجي للمشتريات الأوروبية خلال فترة تمتد بين ستة وثمانية أشهر حتى نهاية 2022 مع استثناء للمجر وسلوفاكيا ، ويحمل هذا الخيار مشاكل وتعقيدات على عدة دول أهمّها بلغاريا والتشيك.
وإلى جانب فرض حظر تدريجي، تدرس الدول الـ27 أيضا إجراءات فورية مثل فرض ضريبة على النقل بناقلات النفط حسب المسؤول الأوروبي.وقال جوزيب بوريل إن حزمة العقوبات الجديدة هذه تنصّ أيضا على استبعاد مصارف روسية أخرى من نظام سويفت بين البنوك.
من جانبه، حذر الكرملين من أن فرض حظر محتمل على واردات النفط الروسية بدفع من بعض الدول الأوروبية بسبب العملية العسكرية في أوكرانيا، سيكون له «تأثير مباشر في الجميع»، مضيفا أن الأوروبيين «سيواجهون وقتا عصيبا’’ ونتيجة لذلك، حسبما ذكرت وكالة «تاس» الروسية. وأشار المتحدث باسم الكرملين إلى أن مثل هذا القرار «سيؤدي بشكل خطير إلى تفاقم موازين الطاقة في القارة الأوروبية».
البدائل والسيناريوهات الأخرى
وفي حين يبقى سيناريو حظر النفط الروسي فرضية صعبة ولكنها وفق مراقبين واردة بشدّة أمام التعنت الروسي، فقد بدأ العالم في البحث عن البدائل متجها بذلك نحو عدة فرضيات أخرى .
ووفق مختصين دوليين في الشأن الإقتصادي فإنّ البدائل عن الغاز والنفط الروسيين موجودة لكن سرعة تغيير المزود أو الدولة المزودة ستحمل تأثيرات وخسائر فادحة على الدول الاوروبية ، إذ يؤكد مراقبون أن روسيا ليست أكبر مصدري النفط إلى الاتحاد الأوروبي رغم أن جزءا كبيرا من إمدادات النفط يأتي منها.
وتطالب الولايات المتّحدة السعودية برفع إنتاجها من النفط إلاّ أنّ هذا المقترح غير مضمون حاليّا بالنّظر إلى الجفاء الذي يُخيّم على العلاقات بين واشنطن والرياض نتيجة تغيّر سياسة بايدن في منطقة الشرق الأوسط خصوصا في الملف اليمني . لذلك يرى مراقبون أن التوجه نحو السوق السعودي يستوجب تقديم تنازلات وتحقيق توافقات صعبة من الجانبين بهدف رفع الإنتاج من أجل خفض الأسعار.
ومن المعروف أن السعودية هي أكبر دولة منتجة للنفط في منظمة أوبك، التي تنتج الدول الأعضاء فيها نحو 60 في المائة من النفط الخام المتداول في الأسواق العالمية. ولذا فلأوبك دور محوري في تحديد أسعار النفط عالميا.